عن دور شركات التدقيق المحاسبية في الشركات يكتب الدكتور عبدالقادر غالب

الاقتصاد الآن

830 مشاهدات 0


تحدثنا في المقال السابق عن دور المساهم في الشركة خاصة مع نهاية العام واجتماع الجمعية العمومية السنوي، وإضافة لدور المساهم هناك جهات أخرى لها أدوار قانونية هامة في مسيرة الشركة ومن أهم هذه الجهات شركات التدقيق (المراجعة) التي يتم اختيارها لإعداد تقريرها عن حسابات وأموال الشركة. وهذا التقرير الهام، وبموجب القانون، يقدم للمساهمين أثناء اجتماع الجمعية العمومية ومن هنا تأتي أهميته لأنه يكشف للمساهمين كل ما يتعلق بأموال الشركة وتأكيد أو عدم تأكيد أن حسابات الشركة ممسوكة وتم التصرف فيها وفق المعايير المحاسبية المقررة. وفي هذه المعايير المحاسبية تتوفر الحماية للجميع وفق المهنية المطلوبة.
ان العلاقة القائمة هنا بين شركات التدقيق من جهة والجمعية العمومية للمساهمين من الجهة الأخرى تقوم على الثقة وافتراض الأمانة غير القابل للنقض، ولتقوم شركات التدقيق بهذه المهمة يجب أن تكون مؤهلة فنيا كما يجب أن تتوفر لها الاستقلالية الكاملة التي تتيح لها العمل دون تأثير أو مؤثرات من أية جهة مهما كانت. الأمانة المهنية والاستقلالية الذاتية ينجم عنهما تقرير سليم ويعكس الواقع الحقيقي.
نقول هذا الكلام ونستذكر القضية الكبرى في أمريكا التي حدثت منذ سنوات وتعرف «بفضيحة أنرون» والتي كان بطلها شركة آرثر أندرسون احدى أكبر شركات التدقيق في أمريكا بل كل العالم. وفي هذه الفضيحة اهتزت كل أركان مهنة التدقيق لأن هذه الشركة «الكبيرة» وبدم بارد قامت بتمزيق وتقطيع المستندات الخاصة بشركة أنرون المكلفة بتدقيقها بغرض إخفاء معالم الأرقام والحسابات المفروض تدقيقها وذلك للوصول إلى ما يرغبونه وليس إلى ما هو متوفر حقيقة. وهنا الفضيحة المجلجلة لكشفها عدم الأمانة المقرونة بخيانة الأمانة والتلاعب بالأوراق والمستندات إذا كانت غير مرغوبة أو لإخفاء المعالم أو لكسب الود أو الرشوة... وهنا مكمن الخطر.
نذكر هذا لتوضيح جسامة الدور المنوط بشركات التدقيق في مسيرة الشركات، ولتحقيق الغاية المنشودة يجب الحرص عند اختيار شركات التدقيق ولتجنب الفضائح لا بد من اتباع أفضل سبل الحوكمة لتأكيد أن شركات التدقيق أو غيرها تقوم بواجبها المهني السليم وفق أعلى المعايير المطلوبة. ويجب أن تساهم الجهات الرسمية بفعالية في هذا الخصوص وأن تضع الضوابط التي يجب مراعاتها بواسطة الجميع. ولقد قامت أمريكا وتبعها العالم بإصدار العديد من القوانين وأنظمة الحوكمة الجديدة التي تمنع أو تحد من حدوث مثل هذه الفضيحة في المستقبل، ولنتعظ من الأخطاء لتقويم الممارسات.
من دون شك، هناك الكثير من شركات التدقيق التي تعمل بنزاهة ومصداقية وتجرد وهي بهذا العمل المهني تساعد في دعم الشركات وتنمية العمل المؤسسي عبر حماية أموال المساهمين وحفظها من ضعاف النفوس والأيادي الخفيفة ومثل هذا العمل الجليل له مردود كبير في كل الدولة لأنه بعمل على تثبيت أركان الثقة بين جميع الأطراف في الشركة. والمشرع، انطلاقا من فهمه واستيعابه لهذا الدور الكبير لشركات التدقيق قام بمنح هذه الشركات وبموجب القانون الصلاحيات الكاملة في مخاطبة مجلس إدارة الشركة للدعوة لاجتماع الجمعية العمومية للشركة إذا رأت الضرورة لذلك، وهذا بالطبع يحدث إذا رأت شركة التدقيق أمرا هاما يدخل في اختصاصاتها ويتطلب مناقشته في الجمعية العمومية للمساهمين. بل إن المشرع وعبر القانون ذهب إلى منح سلطات أكثر لشركات التدقيق إذ أنه منح هذه الشركات الحق في مخاطبة الجهات الرسمية المختصة لدعوة الجمعية العمومية للمساهمين وذلك إذا رفض مجلس إدارة الشركة التجاوب مع شركة التدقيق والانصياع لرؤيتها في الدعوة للاجتماع. وأكثر من هذا قد يتطلب الأمر اللجوء إلى المحاكم للحصول على مباركتها لدعوة الجمعية العمومية للمساهمين... وليس هناك سلطة أكثر من هذا.
ومن يمنح مثل هذه السلطات القانونية الواسعة منح شهادة عليا بأهمية دوره ولذا يجب عليه أن يرتقي لمستوى المسؤولية والعمل بكل تجرد وإخلاص من أجل الوصول إلى ما يصبو إليه الجميع... وهكذا فليقم كل طرف بانجاز مهامه القانونية وإذا اكتملت أطراف الحلقة سيرتقي عمل الشركات والعمل المؤسسي، وسيكسب الجميع...
ولكن لنتجنب الاحتكار وسيطرة شركات تدقيق معينة على مفاصل العمل في أهم الشركات في البلد وترك الفتات للبقية، وهنا أيضا يبرز دور المساهمون عندما يقدم لهم مجلس الإدارة التوصية الخاصة بتعيين شركة التدقيق وتحديد مخصصاتها. ولنأخذ في الاعتبار أن الشخص قد لا يلتفت لبعض الأخطاء التي يراها يوميا لأنها تصبح عنده شي مألوف ولكن إذا حضر شخص آخر قد يلفته هذا الخطأ من أول وهلة لأنه يبصر بعين جديدة وربما ببصيرة جديدة. وعليه فان تعيين شركة تدقيق معينة وتجديد التعيين لها لعدة مرات ولمرات عديدة قد لا يكون في المصلحة بل العكس، وفوق هذا على الجهات الرقابية والمسؤولة دراسة هذا الأمر بعناية ووضع معايير معينة يتم مراعاتها عند تعيين شركات التدقيق أو التجديد لها.. وكل هذا لضمان الحصول على أحسن الخدمات وتنفيذ الأدوار بكفاءة واقتدار... يتبع

صحيفة عمان العمانية

تعليقات

اكتب تعليقك