أميركا وأوروبا سيركلان كندا الى أخر نقطة دم بتحليل من راشيل مارسدن

الاقتصاد الآن

630 مشاهدات 0


كانت الفترة الأخيرة وقتاً عصيباً بالنسبة لكندا، حيث تريد أكبر شريك تجاري لأميركا والدولة المتزنة بشكل عام بيع بعض النفط لأصدقائها. وهي مستقرة فوق بحيرة من الذهب الأسود، لكن مبيعاتها من النفط غير قادرة على مواكبة الإنتاج، وهي المشكلة التي ستزيد مع قيام كندا باستخراج النفط من رمال ألبرتا والمناطق القطبية الشمالية.
ويدرك رئيس الوزراء الكندي المحافظ «ستيفن هاربر» أن الطاقة تعني النفوذ والاستقلال. وسيكون من الصعب المجادلة في أن كندا في تعثر متعلق بالطاقة، وليس من الصعب أن نفهم سبب اهتمامها بعقد صفقات تجارية نفطية من شأنها أن تساعد حلفاءها الأقرب أيديولوجياً على الاحتفاظ باستقلاليتهم في مجال الطاقة.
لقد أقصت القرارات التي اتخذتها أوروبا وأميركا، أخيراً، كندا ومبادراتها في مجال النفط تحت غطاء حماية البيئة، والتي تبين أن الدافع من ورائها هي النزعة الحمائية الجديدة. ومن أجل ماذا؟ إذن يمكن لأميركا وأوروبا استكشاف المزيد من صفقات النفط «الصديقة للبيئة» مع الأنظمة غير المستقرة في الشرق الأوسط وأفريقيا؟ فالأمر لا يتعلق بمسألة أن تقليص شراء النفط يمكن أن يوقف الإنتاج. فقد أعربت الصين عن اهتمامها بشحن النفط، لذلك تقوم أوروبا وأميركا بتحويل التأثير البيئي لأي جزء من العالم يتسم بضوابط أقل.
وجاءت أحدث ضربة، أخيراً، عندما قامت الحكومة الأميركية بتأخير ضخ خط أنابيب النفط الخام في «كيستون» والذي كان سينقل النفط الكندي إلى ولاية تكساس. وأعرب مسؤولون عن القلق بشأن إمدادات المياه في ولاية نبراسكا على طول مسار خط الأنابيب المقترح. فمن يعرف الآن ما إذا كان المشروع سوف يتم استكماله. في غضون ذلك، فإن كندا تضخ نفطاً يزيد على ما تعرف ما يجب عليها أن تفعله به، في حين أن الحكومة الأميركية تكفل بقاء مواطنيها تحت رحمة الصراعات الإقليمية في الشرق الأوسط.
لذلك فلو كنت أميركياً غاضباً إزاء أسعار النفط، فلتحمل الحكومة المسؤولية. فقد كانت أمامها فرصة لخفض الأسعار، لكنها أضاعتها، من المرجح أن تكون الفرصة سنحت للصينيين، الذين سيقتنصون بمزيد من السعادة الفرصة التي أهدرها الغربيون.
وجاء قرار آخر ضد النفط الكندي، أخيراً، من جانب الاتحاد الأوروبي. فقد كانت كندا تحاول التوصل إلى اتفاق للتجارة الحرة مع أوروبا، لكن الاتحاد الأوروبي أصدر قراراً، أخيراً، بأن النفط الكندي الخام المستخرج من رمال القطران هو أكثر تلويثاً للبيئة من الملوثات من مصادر النفط الأخرى.
وصنفته تصنيفاً بيروقراطياً يعكس هذا التقييم. الحجة التي تبديها كندا هي أنه عبر دورة الإنتاج إلى تسليم يتسم قطران الرمال النفطية بأنه ليس أكثر خطراً من الملوثات من البدائل الأخرى، موجهة انتقاداً لغياب الشفافية في قرار الاتحاد الأوروبي، في حين أنها تهدد بالطعن على القرار أمام منظمة التجارة العالمية. في الوقت نفسه يضحي الأوروبيون بالغالي والثمين لضخ البنزين إلى سياراتهم من طراز رينو.
الأمر لا يتعلق بأن الأوروبيين لا يمكن أن يستخدموا النفط الكندي. فالدول الأوروبية تتفاوض حالياً مع ليبيا ما بعد القذافي، من دون معرفة من الذين يتعاملون معهم حقاً. ويقومون باستيراده من روسيا، وما يسهم في برنامج النفط مقابل النفوذ لرئيس الوزراء الروسي بوتين.
ومنذ وقت ليس ببعيد، أوقفت روسيا ضخ النفط إلى أوروبا بسبب الخلاف مع بيلاروسيا، وخطوط الأنابيب الممتدة إلى أوروبا عبر روسيا. ورغم كل هذه الخلافات، لا تقوم أوروبا في الوقت الحالي بنقل شحنات النفط من كندا، رغم أنها يمكنها القيام بذلك عملياً، لولا إجراءات الحمائية الصارخة المدثرة برداء حماية البيئة.
ولا يساعد في هذا الاتجاه أن تعمل جماعات الضغط المحلية الكندية ضد مصالحها الاقتصادية، تحت ادعاء أن منتجات الرمال النفطية بطبيعتها تضرّ السكان الأصليين، وتسبب أضراراً لا توصف على الطبيعة الأم. ومنذ مدة وجيزة، شاهدت فيلمين وثائقيين بثتهما شبكة التلفزيون الروسية الدولية التي يمولها الكرملين تعرض مزاعم مماثلة حول الصناعة القائمة على الموارد الطبيعية، كل ذلك في الوقت الذي تفتح روسيا خط الغاز الطبيعي الجديد في «نورد ستريم» الذي يمر أسفل بحر البلطيق من روسيا مباشرة إلى ألمانيا، حيث يمكنها توفير بديل للنفط الخام صديق للبيئة، في حين لا تنازل عن شبر واحد من امبراطوريتها من النفط الخام.
لم يقل أحد لروسيا بأنه يتعين عليها صنع السيارات التي تشحن بالكهرباء، أو وضع طواحين الهواء فوق الكرملين. وبدلاً من ذلك، سوف يظل الغرب يركل كندا حتى تنزف لآخر قطرة دم.

البيان الإماراتية

تعليقات

اكتب تعليقك