طموحات اقتصادية وإدارية للمرحلة القادمة يحدد ملامحها الدكتور وليد الحداد
الاقتصاد الآنديسمبر 11, 2011, 10:48 ص 807 مشاهدات 0
تطرقنا في المقالة السابقة إلى أن الحراك السياسي والشعبي والتغيير الحادث لدينا فرصة للتغيير على المستوى الاقتصادي والإداري وفرصة لطرح طموحاتنا في هذا المجال وتطرقنا إلى ثلاثة طموحات اقتصادية رئيسية وهي أن تكون لدينا رؤية جديدة للانتقال من الاقتصاد الريعي إلى بناء اقتصاد إنتاجي وأيضا الفرصة لإعادة هيكلة الاقتصاد وبناء قطاعات اقتصادية جديدة والقضاء على الهيمنة النفطية على إيرادات الدولة للميزانية العامة وأيضا تخفيف هيمنة الإنفاق الحكومي عن الاقتصاد المحلي، واتخاذ الخطة الإنمائية كإستراتيجية قصيرة المدى لتكون قاعدة الانطلاق الاقتصادي الجديد وقاعدة إعادة هيكلة الاقتصاد.. وفي هذه المقالة نكمل طموحاتنا وهي:
تطبيق القوانين الاقتصادية
هناك قوانين اقتصادية رائعة اتفقت عليها كل من السلطة التنفيذية والتشريعية وهي تمثل انطلاقة اقتصادية جيدة، مثل قانون المنافسة ومنع الاحتكار الذي أقر من عام 2007 وإلى غاية تاريخه وهو قابع في أدراج وزارة التجارة ومر عليه عدة وزراء وللأسف لم يستطع أي من هؤلاء الوزراء تنفيذ القانون، وأي اقتصاد حر على مستوى العالم لابد له من محاربة الاحتكار لأنه يمنع الإبداع والتطوير ويرفع أسعار السلع ويؤدي إلى التضخم ويؤدي إلى تراكم الثروة في يد مجموعة محدودة وفي تقديرنا أن تطبيق قانون المنافسة بكل حذافيره وعلى وجهه الصحيح يمكن أن ينمي الاقتصاد الكويتي ويزيد من الإنتاجية ويخلق قطاعات جديدة وأيضا يخفض الأسعار بنسبة لا تقل عن 30%- 50% وأيضا يخفف من وقع التضخم بالكويت وأيضا يخفف من مطالبات رفع الرواتب، والقانون الآخر المهم هو قانون الخصخصة وهو أيضا من شأنه أن يطور قطاعات الاقتصاد ويخفف من هيمنة الحكومة على الاقتصاد ويخلق وظائف جديدة في القطاع الخاص للعمالة الكويتية، وقانون الخصخصة الكويتي من القوانين الممتازة الذي يعطي شراكة مجتمعية في القطاعات المخصخصة وأيضا يضمن الدور الرقابي الحكومي ويضمن حقوق العاملين في القطاعات المخصخصة، ومن القوانين الاقتصادية التي ما زالت تراوح مكانها هي قانون الـ B.O.T وان كانت هناك شوائب تحتاج إلى تعديل لتحفيز القطاع الخاص على المشاركة في هذا القانون إلا أن الإدارة الحالية عاجزة عن تنفيذ القانون ونحن بحاجه إلى إدارة فاعلة لتنفيذ هذه القوانين.
محاربة الفساد وتعزيز الشفافية
التنمية وبناء المراكز العالمية التجارية والإدارية لا يمكن أن تتم بوجود الفساد، فالفساد غالبا يعوق التنمية ويعوق بناء المراكز والمدن التجارية العالمية لأن رؤوس الأموال الأجنبية وحتى المحلية منها غالبا ما تخشى الفساد وتخشى أن يدمر الفساد مشاريعها وأموالها وأيضا تخشى أن تنهار هذه الدولة يوما ما بسبب الفساد، فسنغافورة مثلا حتى تعزز دورها التجاري والمالي العالمي بدأت أولا بمحاربة الفساد ووضعت قوانين لذلك وعززت الشفافية على مستوى مؤسساتها العامة وعلى مستوى الاقتصاد حتى احتلت المركز الثالث في العالم في الشفافية، ولذلك احتلت مركزا مرموقا عالميا في التجارة العالمية وكمركز مالي عالمي، وهكذا الشقيقة قطر احتلت المركز الأول على مستوى العالم العربي في الشفافية وأيضا دولة الإمارات العربية المتحدة احتلت مركزا متقدما في الشفافية على المستويين العربي والعالمي، وفي الكويت للأسف ما زلنا نقبع في مراكز متأخرة في الشفافية على المستوى العالمي والعالم العربي فمركزنا 54 عالميا، ويقول رئيس جمعية الشفافية في الكويت صلاح الغزالي ان هــذا المركز قبــل موضوع الإيداعــات المليونية ولو أدخل لأخذنا مراكز متأخرة أكبر من ذلك، ولذا إذا ما أردنا تطوير الاقتصــاد وبنــاء مركز تجــاري وإداري عالمي لابد لنا من محاربة الفساد وتعزيز الشفافية في الكويت من خلال سن المزيد من القوانين لمحاربة الفساد وتعزيز الشفافية وأيضا اتخاذ قرارات جريئة في محاربة الفساد والمفسدين في البلد واتخاذ قاعدة القوي الأمين في التعيين في المناصب القيادية.
إزالة معوقات الاستثمار والتجارة
يعاني المستثمرون في الكويت من عوائق وبيروقراطية لا حدود لها متفرقة على عدة جهات ومؤسسات حكومية، فالترخيص في الكويت واستخراج تراخيص للعمالة والزيارات التجارية في الكويت تحتاج أشهرا وفي بعضها للمشاريع الكبيرة عدة سنوات، كما صرح بذلك وزير التنمية السابق بأن المشاريع الكبرى دورتها المستندية ستين شهرا وهذا وقت طويل جدا ويؤدي إلى إعاقة التطور الاقتصادي، ويحكي لي أحد الاخوة انه ظل سنوات يطالب بمشروع صناعي وأرض تخصص له دون جدوى وعندما ذهب إلى دبي رخص المشروع بأقل من شهر وتسلم أرضه وبدأ مشروعه وعلى شاكلته هناك مئات من المستثمرين الكويتيين الذين هاجروا بأموالهم إلى دبي وقطر والسعودية وطبعا آسيا وأوروبا وأميركا، وفي دبي ترى مشاريع رائعة ويشار إليها بالبنان، بناها مستثمرون كويتيون بسبب وجود عوائق لا حدود لها في الكويت، وعندما سئل الخرافي رحمة الله عليه عن مشروعه الضخم مرسى علم كمدينة سياحية في مصر لماذا لا يعمل مشروع مماثل في الكويت؟ قال أعطوني نفس التسهيلات وأنا مستعد أبني مثل هذا المشروع في الكويت، نحن بحاجة إلى إنشاء جهاز للاستثمار والتراخيص يسهل هذه المعاملات للمستثمرين ويقضي على البيروقراطية البغيضة ويعيد الأموال الكويتية إلى موطنها ويوفر لها فرص الاستثمار.
جذب رؤوس الأموال الأجنبية
أي دولة صغيرة تريد أن تبني مركزا عالميـا تجاريا لابد لها من جـذب رؤوس الأموال الأجنبية فالكويت الدولة الأقل خلال الخمس السنوات الماضية التي استطاعت جذب رؤوس أموال أجنبية، فالسعودية استطاعـــت جذب 70 مليار دولار والإمارات استطاعت جذب 50 مليارا وقطر جذبت 40 مليارا والكويت 500 مليون فقط..لابد لنا من تغيير القوانين وإعطاء حوافز للمستثمرين الأجانب لجذبهم للاستثمار في اقتصادنـا خصوصـا في الصناعــات البترولية والبتركيماوية، فشراكتنـــا مع الــداو في مشروع ايكويت جعلتنـــا نربح 10 مليــارات ونوفر مئات الوظائف للكويتيين، فعشرة مشاريع مماثلــة تأتي لنا بمائة مليار، وأيضا على مستوى الصناعات التكنولوجية المتقدمة يمكن جذب شركات عالمية والتفــاوض معهــا بشراكات وحوافز مالية مثل الميكـروسوفت وأنتــل وابل وغيرهم، عموما جذب الاستثمارات الأجنبيــة يعتبر إضافة للاقتصـــاد وجذبا للتكنولوجيا وتوفيرا للوظائف لأبنائنا نحن بأشد الحاجة لها.
تعليقات