الاماني لا تقيم تنمية ولا تحاسب تاجر فاسق بقلم ذعار الرشيدي

الاقتصاد الآن

525 مشاهدات 0

ذعار الرشيدي

عاتبني أكثر من صديق على مقالتي السابقة عندما قلت ان «تغير اللاعبين في المشهد السياسي وتبدل مراكزهم لا يلغي حقيقة أن لعبة الصراع على الكرسي لاتزال مستمرة» ووصفني أحدهم بأنني متشائم إلى حد الهوس، وقارئ بعث لي برسالة طويلة عريضة يعدد فيها مآثر العصر المشرق القادم، وأنا أعلم يقينا أن كل ما بين أيدينا اليوم من تغيرات وقرارات ينبئ بغدٍ أفضل، ولكن الأمور لا تأتي بالتمني ولو كانت الأمور بالأماني والأحلام لكنت الآن أتمشى في سوق السمك مع كارنز واسأله عن أحوال الـ «Fish» كما يقول الفنان المبدع عبدالحسين عبدالرضا في مسرحيته الشهيرة «على هامان يا فرعون»، لو كانت الأمور بالأماني لكان علي عبدالله صالح الآن في سجن تحت الأرض ينتظر 33 حكما بالإعدام جراء ما ارتكبت يداه بحق أبناء شعبه الكريم، ولو كانت الأمور تقاس بالتمني لكان رصيد زميلي أحمد عفيفي الآن 4 ملايين دينار (كونه أكثر شخص أعرفه يشارك في المسابقات المليونية).

الأمور تؤخذ بالقياس المنطقي البسيط، ولأنني إنسان واقعي واعرف مدى صلابة الأرض التي أقف عليها، أعرف ان ما حصل في مشهدنا السياسي وإن كان تصرفا حكيما في اتخاذه لحظتها، إلا أن ما يترتب على هذا القرار لاحقا هو ما يجعلني أتساءل:

ألسنا نعيش في ذات الوطن وذات الشعب بذات اللاعبين الرئيسيين سواء في المرحلة السابقة أو المرحلة القادمة، ما الذي تغير؟ أليس تبادل أدوار فقط، أو بالأصح تبادل أماكن؟ من كان الى جهة اليمين سينتقل الى اليسار والعكس، والمعارض إما ان يتحول الى الموالاة أو الحياد، والموالي سيتحول الى المعارضة، وفوق هذا كله هناك غيمة إيداعات مليونية لاتزال تلقي بظلالها على برلماننا، لم تنصرف بعد ولم تهطل منها قطرة حقيقة تبل شفاه تساؤلاتنا التي جفت من كثرة الحديث بحثا عما يروي عطش شعب بأكمله.

الأماني لا تبني مستشفيات، والأماني أيضا وحدها غير كافية لإدانة تجار مشاريع لاتزال على الورق بينما قبضوا الثمن مقدما، الأماني لا توفر المساكن لـ 110 آلاف مواطن لاتزال طلباتهم تنتظر رحمة فرج مثلث توزيع الأراضي، الأماني لا تصرف كادرا ولا تحارب غلاء المعيشة ولا تطفئ جشع تجار المواد الغذائية الذين أحالوا البلد الى عزبة خاصة بهم تارة يوزعون الأغذية الفاسدة وتارة أخرى يرفعون الأسعار 100% بل و200% دون حسيب أو رقيب، الأماني وحدها لن تدخل «القبيضة» الى السجن، الأماني لن تصحح مسار سلم التعليم المتدني ولن ترفع من مستوى الخدمات الصحية، إذا كانت هذه الحكومة حكومة أماني فكل كويتي سيحصل على مليون دينار عدا ونقدا، أما إذا كانت حكومة واقع فأولى مهامها إقامة القانون كاملا غير منقوص وبعدها ستتعدل الأمور بشكل آلي.

جريدة الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك