طموحات اقتصادية وإدارية للمرحلة المقبلة في إدارة التنمية يطرحها الدكتور وليد الحداد

الاقتصاد الآن

448 مشاهدات 0

الدكتور وليد الحداد

التغيير الحادث في المجتمع والحراك الشعبي والسياسي والتغيير الذي تم في الحكومة يجعل من المناسب أن نسطر نحن الباحثين الاقتصاديين طموحاتنا وأمنياتنا لعلها تكون في أجندة الحكومة المقبلة ومجلس الأمة بوجهه الجديد، بداية لابد أن نؤكد على أهمية الاقتصاد ووجود إدارة عامة فاعلة تقود النمو الاقتصادي في الوقت المعاصر إذا ما أردنا أن نستمر بمجتمع الرفاهية فالاقتصاد هو المحور الأساسي الذي يعتمد عليه تطورنا وتقدمنا وتفوقنا على الأمم الأخرى كما كانت الكويت دائما منذ إنشائها متفوقة اقتصاديا على مستوى الخليج العربي وكانت مركزا للتجارة ولكن في السنوات الثلاثين الأخيرة تراجعت بشكل كبير ونسأل الله أن تفيق من كبوتها وترجع مزدهرة اقتصاديا كما كانت جوهرة الخليج.

رؤية جديدة لاقتصاد إنتاجي

لعل أهم مشكلة يواجهها الاقتصاد الكويتي حاليا أنه اقتصاد أحادي الدخل ويعتمد على تصدير النفط بشكل رئيسي حيث يمثل الدخل النفطي 95% من إيرادات الميزانية العامة، وأيضا الاقتصاد الكويتي يعتمد بنسبة 90% على الإنفاق الحكومي الذي يحرك الاقتصاد والقطاع الخاص، ولذا من المهم أن تضع الحكومة في رؤيتها الجديدة للاقتصاد أن يكون اقتصادا منتجا بدلا من أن يكون اقتصادا ريعيا، ومن أهم أسباب ذلك كما ذكرنا توفير مصادر بديلة للدخل لأن النفط كدخل حسب الانفاق الحالي وزيادته السنوية 7% لن يصمد إلا لعشر سنوات قادمة فقط، والسبب الآخر هو توفير وظائف للعمالة الكويتية لأن هناك 400ألف سيدخلون السوق خلال العقد القادم وهم بحاجة إلى وظائف ذات دخل عالي ولا يستطيع القطاع الحكومي أن يستوعبهم جميعا، كما لا يفوتنا أننا نعيش فرصة تاريخية للبناء والتنمية بارتفاع أسعار البترول وتوافر الفائض النقدي سنويا إذ إن مثل هذه الفرصة قد لا تتكرر مرة أخرى وحينها لا ينفع الندم، وأخيرا فإن أسباب نجاح بناء اقتصاد إنتاجي متوافرة لدينا إذ إن الأموال النقدية متوافرة (رأس المال) وهذا ما لا تملكه أغلب دول العالم التي ترغب في التنمية ولكن دائما يقف رأس المال وعدم توافره عثرة في طريقها. الأمر الآخر أن التكنولوجيا الحديثة توفر لنا فرصا في بناء قطاعات صناعية وخدمية دون الحاجة إلى العمالة الكبيرة فعلى سبيل المثال فنلندا كدولة صغيرة استطاعت من خلال تقديمها تكنولوجيا نوكيا للهواتف النقالة أن تحتل 30% من أسواق العالم، ومثال آخر على مستوى النمو الاقتصادي ماليزيا استطاعت من خلال إستراتيجية 2020 أن تبني اقتصادا إنتاجيا متنوعا من صناعة وسياحة وخدمات مالية وعقار وارتفع الناتج القومي لديها ليصبح 280 مليار دولار سنويا بالإضافة إلى ارتفاع مستوى الدخل الفردي إلى مستوى غير مسبوق على مستوى التاريخ الاقتصادي الماليزي.

تنفيذ الخطة التنموية كإستراتيجية اقتصادية متوسطة المدى

الكويت هي أفضل دولة تخطط وتبدع بالأفكار ولكنها أصبحت أسوأ دولة في التنفيذ وقد أصبحت دول الخليج مثل دبي وقطر والسعودية تتسابق على اخذ المشاريع الواقفة والأفكار المبدعة من القطاع الخاص الكويتي والحكومي لتنفيذها، وتأتي الخطة التنموية الخمسية من أروع الخطط التي تم بناؤها ووافق عليها البرلمان الكويت أي أن هناك إجماعا شعبيا عليها وهي في الواقع في حالة تنفيذها ستهيئ الكويت لأن تكون مركزا اقتصاديا وتجاريا عالميا. وأتمنى من الحكومة المقبلة، بالإضافة إلى مجلس الأمة العمل على تنفيذ هذه الخطة وأن تكون على رأس أولويات العمل والأجندة المقبلة.

إعادة هيكلة الاقتصاد

لعل من المناسب إعادة هيكلة الاقتصاد الكويتي مرة أخرى وبناء قطاعات إنتاجية مثل بناء قطاع صناعي إنتاجي في الكويت ووضع إستراتيجية حقيقية نعمل على تنفيذها، فالسعودية على سبيل المثال وضعت إستراتيجية صناعية خلال السنوات الـ 10 المقبلة لبناء اقتصاد صناعي يمثل 30% من الاقتصاد السعودي وبدأت فعلا في التنفيذ فبنت عدة مدن صناعية ودعمت تسويق الصناعات المحلية من خلال إنشاء هيئة صادرات وهكذا.

ونحن في أشد الحاجة إلى الاستفادة من هذه التجربة الإيجابية والبدء فورا في بناء قطاع صناعي فاعل ولنعلم أن برميل البترول الذي نصدره بمائة دولار بعد إعادة تصنيعه وتكريره نبيعه بقيمة 450 ـ 600 دولار للبرميل فانظر كيف يمكن أن يتطور الدخل لدينا في الكويت في هذا المجال فقط، ومن الأهمية أيضا أن نعيد لقطاع الاستيراد والتصدير دوره الرئيسي السابق خاصة أننا نحتل موقعا جغرافيا مهما ولعل اقتراح إنشاء منطقة حرة بيننا وبين العراق خطوة إيجابية أولى في هذا المجال، ولا يفوتنا أن نشير إلى أن الخدمات الاستثمارية في الكويت كانت دائما متميزة ومتطورة ولكن وقوعها أخيرا في الأزمة العالمية وعدم حرصنا على إعادة نهضتها افقدنا هذا الدور المهم والاستثماري الذي كنا متميزين فيه ولعل من المناسب الآن إعادة هيكلة هذا القطاع ليأخذ دوره المهم في الاقتصاد المتميز دائما من دفع عملية التنمية وتوفير رأس المال لاقتصاد إنتاجي وهناك عدة قطاعات أخرى يمكن تنميتها مثل قطاع الثروة السمكية والحيوانية والزراعية وقطاع الاتصالات والقطاع العقاري، وأيضا من المناسب أن نشير إلى أهمية ترك هيمنة الدولة على الاقتصاد والتخلص من الاشتراكية قليلا وأن نترك للقطاع الخاص دوره الايجابي في تنمية الاقتصاد.

جريدة الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك