الأداء الاقتصادي هو السبب الأكبر لسقوط حكومة ناصر المحمد الى الهاوية برأي ابراهيم العوضي
الاقتصاد الآننوفمبر 30, 2011, 9 ص 525 مشاهدات 0
سقطت حكومة ناصر المحمد سياسيا بعد فضيحة التحويلات المشبوهة وقضية الإيداعات المليونية بالإضافة إلى خرقها للدستور في أكثر من مناسبة، ولعل آخرها التصويت على سحب استجواب رئيس الوزراء المقدم من النائبين السعدون والعنجري، كما أنها سقطت رياضيا من خلال أزمة حل الأندية الرياضية، وقضية اقتحام الاتحاد غير الشرعي، وكذلك مشكلة استاد جابر الذي أضحى مصيره في علم الغيب.
سقطت الحكومة تعليميا من خلال أزمة قبول طلبة الجامعة، ومن خلال تعطل اختيار مديرها، ولا ننسى كذلك مشروع جامعة الشدادية.
كذلك سقطت الحكومة من الناحية التنموية فمشاريعها إما معطلة كمشروع تطوير شارع عبدالله الاحمد، أو موقوفة بعد ترسيتها كمشروع جسر جابر، أو أنها تسير بشكل بطيء كمشروع مستشفى جابر.
أضف إلى ذلك أنها سقطت اجتماعيا من خلال تفتيت المجتمع وتقسيمه فانقسم الرأي العام نتيجة لممارساتها طائفيا وقبليا ومجتمعيا في كل قضية نواجهها. ولا عجب نتيجة لذلك أن قضايا أساسية وبسيطة، كقضية إزالة المخالفات والتعديات، صنفت هي الأخرى قبليا ومناطقيا.
ولعلي مؤمن بأن كل هذا السقوط يمكن أن يعالج بإرادة وإدارة قوية، إلا انني أجد أن السقوط الأكبر الذي وقعت فيه حكومة ناصر المحمد يتمثل في الجانب الاقتصادي والذي من وجهة نظري الشخصية ستعاني منه الدولة لفترات طويلة، وسيشكل هاجسا حقيقيا شئنا أم أبينا في المستقبل القريب جدا... فجميع المؤشرات تؤكد وجود اختلالات جسيمة وواضحة في الميزانية العامة للدولة، وإن استمرار الوضع على ما هو عليه سيشكل تهديدا حقيقيا، وسيؤدي إلى عجز الدولة، إضافة إلى تخلفها عن سداد بند الرواتب والمعاشات.
وبحسب التقارير، فالكويت بلد نفطي بحت يشكل فيه النفط حوالي 90 في المئة من الدخل الإجمالي للدولة، وعليه فإن أي أختلال في أسعار النفط سيشكل خطرا على ميزانية الدولة، كما أن حجم المصاريف المتزايد، والذي قدر بحوالي ثلاثة أضعاف في بند المصروفات عما كان عليه قبل ستة أعوام، قد شكل بالفعل جرس إنذار حقيقي للدولة. وخلال العشرة أعوام الماضية زادت رواتب موظفي الدولة بنسبة 50 في المئة وتشير التوقعات إلى أن تعداد الكويت سينمو بحلول عام 2035 إلى حوالي الضعف، كما أن الدولة ستكون في ذلك الحين مضطرة لتوفير حوالي 400 ألف وظيفة، وهو ضعف عدد الموظفين حاليا. أضف إلى ذلك أن بند الرواتب والدعم الحكومي يشكل حوالي 57 في المئة من إجمالي الإيرادات النفطية، وقد ازداد بند الرواتب والمعاشات من 2.2 مليار دينار في السنة المالية 2001/ 2002 إلى 4.7 مليار دينار في السنة المالية 2009/ 2010، علما بأنه وإذا سرنا في هذا المعدل من الزيادات والتوظيف فإن بند الرواتب والمعاشات سيصل وفقا لتقديرات المراقبين بحلول عام 2020 إلى ما يقارب 10 مليارات دينار كويتي، علما بأن الدولة توظف حوالي 95 في المئة من القوى العاملة.
ما أشرت إليه هو بالفعل حقائق سلبية يجب عدم التغاضي عنها، فاعتماد الدولة على النفط كمصدر رئيسي للدخل مؤشر خطير خصوصا مع التذبذب الواضح في أسعار النفط بسبب تقلب أوضاع السوق، واحتمال عودة ليبيا إلى سوق التصدير بقوة، بالإضافة إلى انتظار ما ستؤول إليه الأمور في أزمة منطقة اليورو الأوروبية، وأزمة الديون الأميركية، وكلها ستؤثر بشكل أساسي في رسم ملامح أسعار النفط في المستقبل القريب.
على صانع القرار في الدولة أن يعي وبشكل واضح أننا أمام أزمة حقيقية، وأن إيجاد حلول واقعية طويلة الأمد، من خلال استثمار الفوائض المالية الناتج عن بيع النفط، وخلق بيئة استثمارية مناسبة داخل الدولة، وتشجيع قطاع التصنيع بشقيه البترولي وغير البترولي، ودعم المشاريع العقارية والترفيهية، وتوفير قاعدة صلبة للسياحة، هو أمر مهم وضروري وذلك لتوسيع نسب مشاركة القطاعات غير النفطية في إجمالي الناتج المحلي، وبالتالي تقليل خطورة الاعتماد الأوحد على النفط، وتجنب أي حلول ترقيعية أو وقتية بانتظار ما ستؤول إليه الأمور. ولعل تقرير بلير رئيس وزراء بريطانيا الأسبق والذي صرفت عليه الدولة ملايين الدنانير، وأضحى كغيره حبيس الأدراج، قد لامس الكثير من الأمور التي أشرت إليها، فأتمنى من كل قلبي أن يخرج هذا التقرير من الدرج ويدخل حيز التنفيذ.
تعليقات