فوزية الصباح: تدين الشؤون للمتاجره بالبشر

زاوية الكتاب

كتب 613 مشاهدات 0


بحت أصواتنا ونشفت أقلامنا منذ أعوام من كثرة الكتابة عن الانتهاكات التي تتعرض إليها العمالة البسيطة في الكويت، خصوصاً في أروقة وزارة الشؤون. ولكن من دون جدوى رغم أن حلها لا يتطلب الكثير من الجهد، وقلناها ألف مرة إن إصدار وزارة الشؤون قوانين حديثة مغلفة بحقوق الإنسان لن تكون لها أي نتيجة إيجابية إذا كانت بواطنها غير ذلك، كما أكدنا أن وجود قوانين وقرارات مطابقة للمواصفات الدولية لن تكون مجدية إذا لم يتم تطبيقها تطبيقاً صحيحاً. وطالبنا كذلك بضرورة تغيير المسؤولين المتشبتين بمقاعدهم في وزارة الشؤون منذ عهد فرعون، إلا أنه تبين لنا أن هؤلاء الذين تسسببوا بمعاناة الآلاف من العمالة لهم من يدعمهم. وحتى هذه اللحظة تصر وزارة الشؤون أن تكون هي وحدها صاحبة القرار في النظر بطلب العامل بنقل إقامته من كفيل إلى آخر. لذلك ألغت فقرة مهمة من قوانينها التي كانت تنص على أحقية العمالة باللجوء إلى القضاء لتحويل إقامتهم، ولا أعرف ما هو السبب الذي يجعل هذه الوزارة التي عشش فيها الفساد الاداري بالتمسك بأحقيتها لوحدها بتقرير مصير العمالة وهيمنتها عليها، حتى ازدادت نسبة هروب هذه العمالة ولجوئها لنبش القمامة، أو اللجوء إلى الجريمة بأشكالها كافة، وأهمها السرقة والرذيلة. ومن الظواهر الخطيرة والجديدة في المحاكم، والتي طفحت على السطح في مجال الجريمة، ولم تكن موجودة من قبل، وهي ليست فقط قيام بعض الجنسيات الآسيوية بافتتاح بيوت للرذيلة وضحاياها من الخادمات الهاربات، بل قيام هذه الجنسيات باختطاف الخادمات الهاربات وغير الهاربات من الشوارع بالقوة واحتجازهن في بيوت معدة مسبقة ومسورة ومغلقة بإحكام وإكراههن على بيع أنفسهن لطالبي الحرام. ولا أعرف وبعد هذا التخبط كله في وزارة الشؤون لماذا لم يتم اتخاذ أي إجراء إداري أو قانوني بحق أي مسؤول؟ ثم لماذا لم تحل الحكومة المسؤولين عن صدور هذه التقارير التي أساءت إلى سمعة البلد إلى القضاء؟ وبما أنها لم تفعل فإنها تتحمل المسؤولية كذلك. وأود أن أشير أنه يحق لأي مواطن مقاضاة الجهات المسؤولة باعتباره صاحب صفة، لأن سمعة بلده تضررت بسبب هؤلاء ونحن نفكر جدياً في هذا الأمر. وحتى تحترم وزارة الشؤون نفسها فعليها أولاً أن تضيف النص الذي ألغته منذ أعوام، والذي كان يسمح بالعامل باللجوء إلى المحاكم مباشرة لتحويل إقامته، إذا رفض كفيله ذلك، وكذلك عدم تأخير نظر شكوى العمالة لدى محققيها التي تستمر أحياناً فترة طويلة من دون طائل ويكون صاحب العمل قد فتك بالعامل وأجبره إما بالعودة إلى العمل وإما بالتنازل عن حقوقه تحت تهديد الحبس في المخفر بذريعة التغيب عن العمل، وعليها كذلك أن تحد من عدد الخدم للمواطن فيكفيه واحداً، إذا كانت أسرته صغيرة، وألا يتم التعامل مع الخادمة وكأنها سلعة فبعد أن يقوم بتشغيلها مخدومها فترة من الوقت يقرر إعادتها إلى المكتب ويستبدلها بأخرى من دون أن يمنحها مستحقاتها في بعض الأحيان. ومن جانب آخر فإنني أطالب وزارة الداخلية التعامل بجدية في الجرائم التي يتعرض إليها الخدم، وإصدار توجيهات بعدم الأخذ بالتنازل في المخافر. وهنا تكون الوزارة بعيدة عن الشبهات وتنقل المسؤولية إلى القضاء. ومما يثير الأسف أن بعض جرائم القتل التي تعرضت لها الخادمات تم تحويلها من تهمة قتل إلى ضرب أفضى إلى موت، ومن ثم تصبح العقوبة بسيطة للغاية قد تصل إلى الغرامة فقط. كما أن إغراءات المال تجعل ورثة الخادمة القتيلة يقدمون تنازلهم بسهولة. أما وزارة العدل فتتحمل جزءاً من المسؤولية، فمن المعروف أن التاخير في تطبيق العدالة ظلم، فمن غير المعقول ألا يتم الفصل في القضايا العمالية نهائياً إلا بعد أعوام عدة، فيكون العامل قد غادر إلى بلده، ولم يعد بإمكانه متابعة قضيته مما يعرضها إلى الشطب. وغالباً ما تكون حقوق العامل بسيطة وهي أقل بكثير من أتعاب المحاماة. لذلك من الصعب الحصول على محام في هذه القضايا، كما أن إدارة الخبراء التابعة لوزارة العدل تتأخر كثيراً في إنجاز القضايا العمالية المحالة إليها للتحقيق رغم أنها بسيطة ولا تتطلب وقتاً طويلاً. وفي المقابل، يجب ألا نضع اللوم فقط على الجهات الرسمية الكويتية، فدول هذه العمالة شريكة في المسؤولية لأسباب متعددة، كما يجب ألا نتهم أفراد المجتمع بالعنصرية والغطرسة. والدليل أنهم سجلوا نسبة لا بأس بها بالزواج من خادمات. ملحوظة تقوم الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان بدور كبير لمساعدة العمالة البسيطة. ومن خلال عملنا كنا نتصل بالمخدومين لإقناعهم بحل النزاع ودياً مع الخدم الذين يلجأون إلى الجمعية أو للكنيسة أو سفارة بلدهم، ويجب أن تسجل السفارة الأميركية في الكويت هذا العمل الانساني الذي تقوم به جمعيات النفع العام لا أن تكتفي بتسجيل السلبيات من دون الإيجابيات.
الرأي

تعليقات

اكتب تعليقك