د.الذورة يأسف لانتشار ثقافات التشفي وسلوكيات الانتقام

زاوية الكتاب

كتب 1356 مشاهدات 0



الراى

 
د. مبارك الذروة / في العجلة الندامة

تذكرون قصة أهل العراق الذين وفدوا على ابن عمر الصحابي الفقيه فسألوه عن دم الذبابة، هل هو نجس أم لا، فقام من مكانه غاضباً وقال الله أكبر تسفكون دم الحسين واليوم تسألون عن دم الذبابة! إن مواجهة الخطأ بالخطيئة أمر لا تستسيغه الأفهام السليمة والعقول الراجحة. وان من يحقق مصلحة واحدة مقابل تفويت مصالح عدة فضلا عن وقوع مفاسد فإنما مثله كمثل من يخرق السفينة في لجة البحر لأجل جلب الماء...
لنتأمل واقعيا حجم الملوثات الثقافية اليوم، والتي أظهرها بوضوح لا لبس فيه انتشار تقنيات التواصل الحديث، كـ «الفيس بوك والتويتر والوتس آب»، وغيرها، الأمر الذي تتضخم معه تلك القيم الفاسدة وتتعاظم وتنتشر بين العامة والخاصة حتى يخيل اليك أننا في عصر ومجتمع وحشي لا سلام فيه.
حادثة شكري النجار من الحوادث التي تتكرر يوميا في مجتمعنا، بل هناك حوادث أشد منها تنتهي بطرقها الطبيعة القانونية والسلام! فلماذا أخذت بعدا إعلاميا رهيبا جعلت قصته حديث الصغار والكبار على حد سواء؟
هل هو تنفيس شعبي لما حدث منه في ديوان الحربش مثلا، أم انه ردة فعل شعبية عارمة على سلوك اجتماعي مستهجن؟ أم لأنه من قيادات الداخلية التي ضيقت في الآونة الاخيرة على المغردين والإعلاميين وبعض السياسيين فجاءت سقطته فرصة ذهبية لضربها والانتقام من سياستها؟
كل ما سبق وارد... ووارد جدا! لكن مقصودي هنا بعد اكثر خطورة مما سبق... وهو أن يقفز ويتجاوز المجتمع البعد القانوني والقضائي لينغمس في أعراض الناس وكرامتهم انتقاما، ويقع في براثن الأوساخ الأخلاقية والاجتماعية التي تهدد قيم المجتمع وأخلاقه، كتلك الصور المشوهة والمنشورة بحق الرجل أو التعليقات التي تجرح كرامة أسرته وأهله، ثم نسج القصص الملعونة التي تلوكها الألسن في كل مكان. إن وقوع إنسان ما في خلل أو زلل لا يجب أن يواجه بطامة أو خطيئة، وليس من أخلاق المسلمين التشفي والانتقام وتصيد الزلات. فالناقد بصير والديان لا يموت...
وما وقعت به الإعلامية فجر السعيد في قصة الذات الالهية هو أيضا (سبق لسان) كما يظهر لي ولكل منصف... لا نبرئها منه، وعليها التوبة، لكن أيضا ما ورد من ردود الفعل الانتقامية، والتي تظهر الجانب العدواني الوحشي عند البعض، هو ما نحذر منه كثقافة طارئة وقيم مستوردة على مجتمعنا المتسامح الكريم... خصوصا في قضية تتعلق بالإيمان والكفر! فالمسلم يسعى لهداية البشر وتذكيرهم، لا التسابق على تضليلهم وإخراجهم من دائرة الإيمان وكأننا قضاة وحكام على الناس!
مازلت اؤكد أن انتشار ثقافات التشفي وسلوكيات الانتقام لا تسود إلا في اوقات الفتن وساعات الصراع والاحتراب بين فئات المجتمع، وهي من مؤشرات انهيار الشعوب والتي تسبق انهيار الأمم والحضارات.


د. مبارك الذروة

الراى

تعليقات

اكتب تعليقك