نعانى برأى د.المقاطع من فقدان الاتزان ودوامة لا يمكن الخروج منها

زاوية الكتاب

كتب 605 مشاهدات 0



القبس

الديوانية
فقدان التوازن
كتب محمد عبدالمحسن المقاطع :

حالة فقدان التوازن أو الاتزان، وضع يمر في أحوال البشر والساسة والأنظمة، لكن رصد تلك الحالة وإبرازها بشواهدها أمر يختلف عن مشاهدتها والعلم بوجودها، رغم أن كليهما مطلوب للتعامل مع أشخاصها وفهم وإدراك سلوكهم، والتحفز لإفرازاتها.
إن فقدان التوازن له صور وأمثلة متعددة، منها فقدان التوازن لدى بعض أعضاء مجلس بمجرد وصوله الى العضوية، فعدم أهليته لهذه المسؤولية تجعله يتصرف تحت تأثير فرحته بكسب العضوية، فتتحول لديه إلى وجاهة تجعله غير مصدّق لنيله العضوية، فتصبح تلك العضوية سببا لفقده التوازن بسلوكه غير الرزين في استخدام العضوية في غير مواضعها والتكسب منها، وسعيه للبقاء فيها، فيفرّط في مصلحة الناس والوطن وأمواله، بل والمبادئ والقيم، وهي حال عدد كبير من أعضاء المجلس ممن تنكّر للقيم وتخلى عن المبادئ، ففقدانه للتوازن قضى على تفريقه بين الصح والخطأ والحلال والحرام، ومن نماذج فقدان التوازن، ذلك الوزير الذي لم يحلم بأن يصبح مديرا أو وكيلا مساعدا، وإذ به بين عشية وضحاها يصبح وزيرا، وهو لا يملك مقومات ذلك، لا سياسيا ولا إداريا ولا فنيا أو مهنيا، ولا حتى على مستوى القدرات الشخصية، فماذا يا ترى ستكون عليه طبيعة أعماله إلا حالة من اللااتزان، فيسعى للتشرف بمنصبه وتُدار شؤون وزارته من غيره، وتضيق نفسه وبصيرته في رؤية ناجحين من حوله، فيسيطر عليه سلوك التدمير والحسد والكيد والإيقاع وجملة من السلوكيات الرديئة الأخرى، وجميعها تكشف عمق فقدانه للاتزان، خصوصا في بلد تضيع فيه معايير اختيار رجال الدولة من الوزراء ممن يكون توزيرهم هو سبب عزلهم، فلم يوزر لمبرر منطقي، ولذا فإن إعفاءه فقدان للمنطق ذاته، ومن يأت رخيصا يزل رخيصا، وهذه حال تعيين الوزراء في بلد اسمه الكويت.
أليس فقدان التوازن يدفع صاحب المنصب أن يكون ملكيا أكثر من الملك، ويتسبب في الإساءة إليه وبعدها يصبح عبئا عليه.
أوليس في أن يصبح وزيرا أو نائبا أداة يتم تحريكها عن بُعد للدفاع عن مساوئ الحكومة، أو يحمل نيابة عنها كل أوزارها، مما يؤكد فقدان التوازن؟ أوليس من فقدان التوازن أن يوقف العالم علمه عند رغبة حاكم أو مسؤول، ويقبض عنه ثمناً بخساً من الدراهم؟ أوليس من فقدان التوازن أن يتحول القضاة إلى موظفين يرهنون أنفسهم بإرادة الحكومة ويقفون في طوابير زيادة المرتبات وعطايا الميزات؟ أوليس من فقدان التوازن أن تكون قدرة الحكومة على الاستمرار والبقاء هو في استخدام المال السياسي وشراء الذمم وإفساد الناس بسياسة كسب الرضا، بل والولاء بعطاء الأموال بلا حساب وبأسلوب توزيع الهبات، وهو سلوك يعني أن أمانة من يقوم بذلك تحيطها شبهات لا حصر لها؟ أليس من فقدان التوازن أن يكون من هو في المنصب مجرد رقم، وجوده مثل عدمه، ودوره غائب إلا من حيث انه هيئة وشكل، وهو فاقد لكل قدرات تؤهله لقول عبارة مفيدة؟
إن وضعنا العام ممتلئ بأحوال ونماذج فقدان الاتزان قبل التوازن. ولو التفت كل واحد منا حوله، لأدركنا حجم وتعدد أحوال فقدان التوازن، وهو سبب أننا في تراجع مستمر وفي دوامة لا يمكن الخروج منها.
اللهم إني بلّغت،،

أ.د. محمد عبدالمحسن المقاطع

 

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك