هل مات مؤتمر دافوس ودفن على شواطئ البحر الميت هكذا يتساءل الدكتور غسان قلعاوي
الاقتصاد الآننوفمبر 2, 2011, 1:54 ص 726 مشاهدات 0
أمن العجب أم من تحصيل الحاصل أن يتخذ ما كان يعرف بأنه منتدى دافوس العالمي طابعاً عربياً “أو لا مؤاخذة طابعاً شرق أوسطي” فيُنقل أو ينتقل إلى شواطئ البحر الميت؟
قد يكون من المطلوب أن ينتقل دافوس العالمي من سويسرا إلى البحر الميت لكن التساؤل يرد عما إذا كان هذا الانتقال يمثل رحلة نقاهة وإنعاشاً للمنتدى “ذائع الصيت” أم استيطاناً مع من يستوطن الأرض المستباحة هناك، أم أن هذا الانتقال يمثل حسن مواراة لرفات المنتدى في شواطئ البحر الميت؟
لسنا بصدد محاولة الإجابة عن هذا التساؤل الذي يُفضّل أن يترك جوابه لأحداث ستكون، والله أعلم، جساماً عالمياً وعربياً، لكن ربما كان من المناسب تلمس أسباب هذا الانتقال التي ربما كان منها: أن “دافوس” المنتدى الذي كان يجتمع فيه كبار أصحاب القرار في إدارة الاقتصاد العالمي ما كان من المناسب استمرار اجتماعه هناك في قلب أوروبا هذا العام، عام احتلال ال”وول ستريت” وعام احتجاجات الغضب تجاه الأداء الاقتصادي في الشارع الأوروبي .
لم يكن من المناسب، بعد استمرار الأزمة التي تسبب بها أولئك الكبار، أن يتكرر اجتماعه هناك في ذلك المنتجع السويسري الراقي حيث كان المجتمعون يتبادلون الأنخاب قبل عام 2008 عن نجاحات المال والاقتصاد .
لم يكن من المناسب أن يتكرر اجتماع المنتدى هناك لذلك كان الهروب إلى دنيا العرب مع ما دعوه “بالربيع العربي” تخلصاً، جديراً بسلوك أولئك الكبار، من مجابهة شعبية قد تحدث هناك في قلب أوروبا العتيدة المحتقنة والمثقلة بالديون، تخلصاً تمكن فيه أرباب المنتدى التملص من عبء عولمته المثقلة بأوزار ما جناه العالم وما زال يجنيه .
وأقر منتدى دافوس 2008 أن ما حدث ويحدث في العالم يمثل أكبر أزمة مالية منذ الحرب العالمية الثانية . لذلك دعوا إلى ضرورة النظر في إصلاح الأوضاع الاقتصادية العالمية .
وطالعتنا في منتدى عام 2008 لهجة إصلاحية فاجأنا بها كبار رموز النظام “الحر” من ضرورة التوجه نحو رأسمالية خلاقة تنصف الفقراء وتعمل لصالحهم كما تعمل لصالح الأغنياء، ومن دعوة لإيجاد شرطي آخر يحكم الأسواق العالمية غير “الدولار” .
وفي دافوس 2009 الذي أقيم تحت شعار “تشكيل العالم بعد الأزمة - كان فقدان الثقة في الأسواق مسيطراً على هذا المنتدى ففي إحدى جلساته سُئل المشاركون عن السبب الأساسي الذي أدى إلى الأزمة، فكان الجواب صريحا أن السبب هو: “الاعتقاد بأن الأسواق قادرة على تصحيح ذاتها” .
وفي دافوس 2009 اتهم مئات المتظاهرين مسؤولي البنوك وقادة الأعمال والساسة بخلق الأزمة وتحميل تكاليفها على الشعب .
وحذر بعض وزراء أوروبا فيه من حلقة مفرغة تتمثل في أن العلاج المتاح للاضطرابات المالية - وهو خطط انقاذ البنوك وتحفيز الاقتصاد- من شأنه أن يحدث رد فعل عكسي يعمق الأزمة ويؤدي إلى اضطرابات اجتماعية” .
وفي البيان الختامي المقتضب الذي أنهى به راعي منتدى 2009 الاجتماع وعد، استنادا إلى إجماع المجتمعين في المنتدى، بالشروع في مبادرة تطلق لإعادة صياغة الأنظمة المالية العالمية . ومنها النظام المصرفي العالمي واللوائح المالية وإدارة الشركات .
ولكن لم يحدث شيء من ذلك سوى الدعوة إلى المزيد من القروض والديون .
واستمرت الأزمة وتفاقمت آثارها وفشل الدافوسيون في علاجها فكان من الأنسب، إذا، أن يذهبوا بعيداً عن دافوس مكاناً وموضوعاً: فكان الانتقال إلى البحر الميت وإلى ذلك “الربيع العربي” . لذلك كان من أسباب هذا الانتقال أيضا فيما يبدو: استغلال ذلك المدعو ب”الربيع العربي” مع تجدد أمل “شرق أوسطيته” .
وكهدف ثان أن يجمع أرباب التدخل الأجنبي من خلال ذلك مزيداً من الأموال والمكاسب، ثمناً وأجراً للتدخل أو تحت شعار دعم الربيع العربي في وقت تحتاج فيه دول التدخل تلك الأموال لرتق فتوقات الاقتصاد النقدي واقتصاد الديون السيادية وغير السيادية التي استشرت لديها .
وقد يؤيد ذلك ما أعلن في “منتدى دافوس البحر الميت”، حيث تفضل المنتدى بالتأكيد على: “أن العالم العربي يحتاج إلى تحسين الحوكمة وتوفير المزيد من الوظائف ودعم الاستثمار بعد أن أبطأت الانتفاضات الشعبية اقتصاد المنطقة وأضحت في حاجة لتوفير 85 مليون فرصة عمل جديدة” .
وأنه لذلك: “هناك حاجة ماسة إلى استراتيجيات تغطي كافة جوانب الحياة الاقتصادية والسياسية وصناعة السياسات والحياة الاجتماعية والقيم الثقافية” .
تعليقات