الاقتصاد الوطني يعيق تطور ونمو القوى المنتجة المادية والبشرية في ظل شراكة طبقية مع الاحتكارات العالمية ومن موقع التبعية، وعدم ارتباطه بمصالح الشعب الأساسية براي وليد الرجيب
الاقتصاد الآنأكتوبر 24, 2011, 10:27 ص 271 مشاهدات 0
الكاتب وليد الرجيب
تستعد اللجنة الاستشارية الاقتصادية لتقديم تقريرها النهائي لحضرة صاحب السمو أمير البلاد، مستفيدة من تقرير توني بلير وتقرير صندوق النقد الدولي، واللذين يتجهان إلى نصائح ستكون كارثية على الإنسان الكويتي وبالأخص طبقة العاملين بأجر والفئات محدودة الدخل والمهمشين.
فقد سبق لصندوق النقد الدولي أن أعطى ملاحظاته الختامية لمجلس إدارته موصياً أن تعطى الأولوية في الكويت للاصلاح الضريبي بما فيها إدخال ضريبة القيمة المضافة على السلع وكذلك استهداف الدعم الحكومي والامتيازات الاجتماعية، كما صدرت دراسة من اتحاد المصارف الكويتية تدعو إلى هذا الاتجاه نفسه.
ويبدو أن اللجنة الاستشارية الاقتصادية ستدعو إلى تطبيق قوانين الخصخصة وتنفيذ وصفة صندوق النقد الدولي التي أودت بدول إلى الانهيار ودفعت شعوبها ثمن هذه السياسات، وكانت نتيجتها مزيداً من الغنى وتمركز رؤوس الأموال بيد قلة ومزيداً من الافقار والبطالة للغالبية العظمى من هذه الشعوب وبالأخص الطبقات العاملة وفئات الشغيلة، ولعل الحركة الشعبية الاحتجاجية التي تتسع كل يوم وتعم قارات الكرة الأرضية أكبر دليل على فشل السياسات الرأسمالية الهادفة إلى إنقاذ الشركات الاحتكارية الضخمة على حساب الشعوب.
وقد قال مكتب «الشال» في تقريره الأخير: «إن محتوى التقرير (للجنة الاستشارية) لن يخرج عن ضرورة ردم الفجوات التي زادتها الحكومة اتساعاً» مضيفاً: «لو استمر مشروع اقتسام ثروة البلد بدلاً من تنميتها، سيتحول صغار البلد في يوم ما إلى «البوعزيزي»، أي أن الكويت حالياً تصنع بسرعة ربيعها المؤلم».
هذا التحذير الذي يأتي من مكتب استشاري اقتصادي مرموق، يعني أن الكويت تتجه يوماً بعد يوم إلى توسع الهوة الطبقية وذوبان ما يسمى بالطبقة الوسطى بالطبقة الدنيا وما سينجم عن ذلك من معاناة معيشية لمعظم أبناء الشعب الكويتي وتضخم أرصدة قلة قليلة من أصحاب رؤوس الأموال والاحتكاريين، واتساع الحركة الاضرابية المطلبية في الآونة الأخيرة لم يأت من فراغ بل بسبب الخلل بين الأجور وتكاليف المعيشة.
إن الاقتصاد الكويتي يعاني اختلالاً هيكلياً وهو نتاج استناده على بنية اقتصادية ريعية غير منتجة، وارتباط تبعي بالنظام الرأسمالي العالمي، وهو يعيق تطور ونمو القوى المنتجة المادية والبشرية في ظل شراكة طبقية مع الاحتكارات العالمية ومن موقع التبعية، وعدم ارتباطه بمصالح الشعب الأساسية.
ومن الضروري تنويع وتوسيع القاعدة الانتاجية للاقتصاد الوطني بإقامة صناعات وطنية مرتكزة على الصناعات البتروكيماوية وتطوير الكادرين الإداري والفني، والاستخدام العقلاني طويل الأمد للثروة الوطنية وفك الارتباط مع عملة الدولار المتآكلة بشكل مستمر وذلك بالاتفاق مع دول الأوبيك، والاعتماد على الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء وتحلية المياه، والاهتمام بقطاع الدولة والقطاع المشترك، فدور الدولة ضامن لزيادة الإنتاج وعدالة التوزيع، كما أنه من الضروري فرض ضرائب تصاعدية على الدخول الكبيرة والشركات.
ونرجو ألا يكون الاقتصاديون مثل الأنظمة العربية التي لا تتعلم من الدروس التي تمر بها دول العالم، فمثل هذه السياسات التي تنوي الكويت تطبيقها أدت إلى كوارث اقتصادية وتدهور للمستوى المعاشي للشعوب.
تعليقات