خالد ضيدان يقول ليس بيد الدولة رفض مطالب الموظفين في تعديل رواتبهم تماشيا مع الغلاء الذي استفحل من دون اي رقابة حقيقية

الاقتصاد الآن

514 مشاهدات 0


الكاتب خالد ضيدان العتيبي

فجأة ومن دون مقدمات استيقظت النقابات من النوم وكرت سبحة الاضرابات والاعتصامات والمطالبة بزيادة الرواتب ووضع كوادر جديدة لكل قطاع ووزارة, فيما كانت تلك النقابات طوال السنوات العشرين الماضية صامتة, ولم تحرك ساكنا, بل ان اقصى ما كانت تفعله هو الاهتمام بالمسائل الاجتماعية والمناسبات والاحتفالات, وكأنها لم تكن معنية بهموم الموظفين والعاملين الذين تمثلهم, بل ان المسؤولين في بعض النقابات كانوا يخوضون المعارك الشرسة من اجل الحفاظ على مناصبهم فيها, لانهم حولوها الى مصدر رزق او وجاهة, ولم يكلفوا انفسهم عناء النظر الى الواقع النقابي المزري او في مطالب الموظفين والعمال.
فقط وحدها كانت نقابة العاملين في القطاع النفطي تسعى الى تحقيق مطالب الموظفين في هذا القطاع, لذلك فرضت على الدولة ان تنظر بجدية الى تلك المطالب, واقرت الكادر الخاص بالقطاع النفطي حتى اصبح هذا القطاع من افضل القطاعات دخلا في الدولة, بل ان الكثير من موظفي الدولة اذا ارادوا التقاعد المريح كانوا يسعون الى الانتقال لهذا القطاع قبل سنوات قليلة من تقاعدهم للحصول على المزايا الكثيرة التي استطاعت ان توفرها تلك النقابة, وفي تلك الاثناء لم تبادر النقابات الاخرى الى المطالبة بحقوق العاملين الذين تمثلهم, وهذا ما يدين  النقابات ويثير الكثير من الاسئلة حول فائدتها وجديتها وحقيقة تمثيلها للموظفين والقطاعات, وهل هي مرتبطة بتيارات سياسية معينة لا تتحرك الا اذا كان لتلك التيارات اي مصلحة من تحركها, اولم تتحرك الا عندما اندلعت التظاهرات والثورات في بعض الدول العربية, وحين تحركت فضولية التقليد الاعمى عند بعض النقابات الكويتية, التي للاسف فشلت في كل الامتحانات السابقة, وهي حتما ستفشل في الامتحان الحالي لانها لم تؤسس لعمل نقابي صحيح منذ البداية, لذلك نقول لهذه النقابات صح النوم, لكنها صحوة متأخرة جدا, تسيء الى العمل النقابي اكثر مما تخدمه, بل ان التحركات والاعتصامات والاضرابات الاخيرة التي انتهت الى هذا الفشل الكبير في تحقيق مطالب الموظفين ستؤدي مستقبلا الى فشل اي تحرك نقابي محق وغير مرهون بأي ظروف سياسية اومواقف نيابية.
في المقابل, كان على الحكومة منذ البداية الا تفتح هذا الباب عليها اذا ارادت فعلا الاصلاح, اي كان يجب ان ترفض الرضوخ لمطالب نقابات معينة لا ان تقر كوادر تلك النقابات وترفض بعدها مطالبات النقابات الاخرى, فاما ان تقر كل المطالب او لا توافق على مطالب البعض وترفض المطالب الاخرى, وهذا ايضا يدين الحكومة التي مارست سياسة 'اولاد الست اولاد الجارية' في الحقوق النقابية.
ما يجري عندنا ببساطة شديدة هو تخبط نقابي وحكومي واستغلال نيابي لهذا التخبط باسلوب ابتزازي لم يسبق ان شهدت الحياة السياسية الكويتية, ويدل على فقدان البوصلة السياسية والنقابية والحكومية ايضا, وهو لا يبشر بخير ابدا لأن اذا استمرت الحال على هذا المنوال فاننا سنصل الى انهيار تام في كل الجوانب السياسية, بل سنصل الى حالة لا نحسد عليها ابدا.
إصلاحا لكل هذا الفشل الذي يرتد سلبا على حقوق الموظفين, لابد من وضع جدول موحد للرواتب والبدلات لكل الموظفين في كل قطاعات الدولة, لانها الحكومة هي من بدأت في الممارسة الخطأ, وميزت بين موظف واخر, ولذلك ليس بيدها رفض مطالب الموظفين في تعديل رواتبهم تماشيا مع الغلاء الذي استفحل من دون اي رقابة حقيقية, والا تصبح حكومة ممثلة لبعض الكويتيين وليس لكل الشعب الكويتي, اما في ما يتعلق بالنقابات التي سقطت في الامتحانات كلها عليها ان تحل مجالس اداراتها وتجري انتخابات نقابية جديدة غير مرتبطة بتيارات وحسابات سياسية وانتخابية, وان يتحرك الاعضاء فيها مرة واحدة لوضع حد للمهزلة التي يشهدها القطاع النقابي, ويضعون حدا حقيقيا لكل هذا التخبط.

جريدة السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك