يوسف الزنكوي يهاجم الجمعيات التعاونية ويمتدح التجار

الاقتصاد الآن

1329 مشاهدات 0


لم يتنبه الكويتيون إلى أهمية تأسيس الجمعيات التعاونية أو مراكز تسوق المواد الاستهلاكية في بداية الستينات في القرن الماضي, إلا بعد أن شهدت مناطق الكويت توسعا وامتدادا أفقيا باعد بينها وبين أسواق الكويت الرئيسية المعروفة انذاك, إضافة إلى بروز محاولات احتكار لبعض السلع الاستهلاكية الضرورية. ففي بدايات تأسيس هذه الجمعيات التعاونية كان الغرض منها محاولة جادة لإيجاد مراكز تسوق في قلب المناطق السكنية, واستبدال البقالة الصغيرة في كل منطقة سكنية إلى بقالة ضخمة تتنوع فيها البضائع الاستهلاكية لتكون في متناول اليد من حيث السعر وقرب المكان, إضافة إلى توفير فرص عمل جديدة للشباب.
إلا أنه وبعد سنوات قليلة انقلب الوضع لتتحول هذه الجمعيات التعاونية إلى جمعيات 'تهاونية' لا تهتم بتوفير كل ما تحتاجه الأسرة والقاطنين في المنطقة, بقدر اهتمام كثير من أعضاء مجالس إداراتها بالوصول إلى مناصب أعلى من حيث الوجاهة وأكبر من الناحية الاجتماعية والجغرافية من خلال الانتخابات والفرقعات الإعلامية, لتصبح هذه الجمعيات مجرد جسر من المساهمين يرتقون على أكتافهم وظهورهم لتحقيق اغراض شخصية بحتة.
ولهذه الأسباب كثر التذمر من الفساد وازدادت الشكاوى مما يجري في أروقة هذه المؤسسات التجارية التي كان يفترض أن تكون ارباحها في الحد المعقول. ولو أن هذه الجمعيات التعاونية الاستهلاكية عملت بالفعل على تحقيق أهدافها الأصلية التي من أجلها أنشئت قبل نصف قرن من الزمن, لما ابتكر العقل التجاري الكويتي منافذ أخرى ومراكز تجارية منافسة للجمعيات وقادرة على تقديم الأفضل للمواطنين, مثل 'مركز سلطان', و'سيتي سنتر', و'ترو فاليو', و'أيه تو زد', وأخيرا وليس آخرا 'لولو ماركت', والحبل على الجرار.
فبعد عقدين من دخول نظام الجمعيات التعاونية إلى الكويت, وتحديدا في سبتمبر من العام 1980 تأسست شركة 'مركز سلطان للمواد الغذائية' بعدما تعرف مؤسسوها على ما لم تستطع الجمعيات التعاونية أن توفره للمستهلكين, فوفرته تلك الشركة بنظام الجمعيات الاستهلاكية والمجمعات التجارية المعروفة في الولايات المتحدة الأميركية, لتواصل هذه الشركة النجاح تلو النجاح وتتخطى نجاحات الجمعيات التعاونية بشكل ملحوظ.
هذه الشركات التي برزت في السوق المحلية خلال السنوات الأخيرة لتتفنن في تقديم مختلف أنواع المواد الغذائية والاستهلاكية والمعدات والأدوات المنزلية بطرق عرض حديثة ومبتكرة, لم يكن لها أن تستمر في ساحة المنافسة لولا أسعارها التنافسية, وانحراف تلك الجمعيات التعاونية الاستهلاكية عن مسارها القديم, وأحد هذه المسارات المنحرفة عجز الجمعيات التعاونية عن الحد من ارتفاع أسعار الكثير من المواد المعروضة في أسواقها أخيراً.
بل إنه حتى اتحاد الجمعيات التعاونية والذي تأسس في العام ,1971 دخل منافسا مع التجار في استيراد البضائع, وإيجاد البدائل للسلع التي ترتفع أسعارها في السوق, وذلك بغرض ترشيد أسعار هذه البدائل تحت العلامة التعاونية, وبحجة منع التجار من احتكار البضائع والمواد الاستهلاكية ومن ثم رفع أسعارها, إلا أن المؤسف أن الاتحاد نفسه بدأ بحرب رفع الأسعار من خلال حجب البضائع الرخيصة واستبدالها ببضائع مستوردة من قبل الاتحاد, وعرضها في أماكن بارزة وبأسعار مرتفعة.
أحد المسؤولين في أحد هذه الشركات السابقة الذكر أعلاه يقول إنه يتوقع خلال السنوات القليلة المقبلة أن تظهر شركات جديدة على نمط الجمعيات التعاونية ولكنها تتميز بأساليب عرض مستحدثة وجاذبة. وأضاف إنه في الوقت ذاته تفكر شركته جديا بتطبيق أسلوب توصيل البضائع الاستهلاكية للمنازل من خلال جمعية متنقلة أو ما يسمى 'Mobile Supermarket', وإن الفكرة ما تزال قيد البحث والدراسة, في الوقت الذي تواصل غالبية الجمعيات التعاونية الاستهلاكية تطبيق النمط المعتاد في التوزيع والعرض والبيع.
لهذا نوجه عناية هذه الجمعيات التعاونية الاستهلاكية الى أن حبال أساليب تحقيق الربح قصيرة, وأن التمادي في محاولات تحقيق الأغراض الشخصية لابد أن تكون لها نهاية, تماما كما ل¯'ممارسة الخطأ' نهاية, ويجب أن تعي أن العقل البشري يفيض بالإبداعات والابتكارات القادرة على إزاحة الكسالى المنتفعين والمتنفعين.

جريدة السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك