عبدالله المعاضيد يتساءل هالتضخم الذي نصدره مع النفط والغاز سيعود إلينا مرة أخرى كتضخم مستورد؟ لتكتمل دورة الاقتصاد العالمية؟

الاقتصاد الآن

492 مشاهدات 0


ينظر الاقتصاديون إلى مؤشر أسعار المنتجين على أنه مؤشر استباقي للتضخم، وهذا صحيح ولكن ليس على إطلاقه، فقبل الحكم يجب أن ننظر إلى مكونات هذا المؤشر وتركيبة القطاعات التي أدت إلى حدوث هذه الزيادة في المؤشر. ففي الأسبوع الماضي أصدر جهاز الإحصاء تقريره بشأن مؤشر أسعار المنتجين في القطاع الصناعي للربع الثاني من هذا العام 2011، حيث تضمن زيادة كبيرة عنالربع السابق بنسبة بلغت %10.5. وأما لدى مقارنته مع نفس الفترة من العام الماضي 2010 فإن الارتفاع بلغ %38.8.
إن مؤشر أسعار المنتجين يقيس أسعار المنتجات التي تنتجها المصانع القطرية، والمؤشر يتم حسابه عن طريق جمع (بيانات الطلبات على المنتج) و(التكاليف المرتبطة بالإنتاج)، والأخيرة تتضمن، الرواتب والأجور، المواد الأولية، النقل والطاقة. وارتفاع مؤشر أسعار المنتجين يعني أن تكلفة الإنتاج قدارتفعت، أو قد يعني أن المصنع رفع الأسعار نتيجة زيادة الطلب على منتجاته أو الحالتين معاً.
وتكمن أهمية هذا المؤشر في أنه يقيس التغيرات إما بالزيادة أو بالنقص في الأسعار التي يتقاضاها المصنع مقابل السلع المنتجة، وأي ارتفاع في أسعار المنتجين سيتبعه بالضرورة ارتفاع لأسعار المستهلكين، والذي بدوره سيؤدي إلى حدوث ضغوط تضخمية في الاقتصاد، وعليه فإن ارتفاعه يساهم في زيادة التضخم، والعكس طبعا صحيح. لذلك فإن المراقبين يتابعون مؤشر أسعار المنتجين الصناعيين كتوقع مبدئي لمؤشر أسعار المستهلكين، لمعرفة الاتجاهات التضخمية في الاقتصاد.
ونرجع لسؤالنا: هل ارتفاع مؤشر أسعار المنتجين سيؤدي إلى حدوث تضخم؟ ولا تكتمل الإجابة على هذا السؤال قبل معرفة مكونات المؤشر والأهمية النسبية لكل عنصر في المؤشر، حيث إن المؤشر تم تقسيمه إلى ثلاثة قطاعات رئيسية هي: قطاع التعدين، وقطاع الكهرباء والماء، وقطاع الصناعات التحويلية. وكل مجموعة تشمل عدة أنشطة يختلف وزنها من حيث أهميتها النسبية في المؤشر، فأنشطة المواد الغذائية أهميتها النسبية %0.02 أي اثنان في الألف، ومع ذلك فإن أسعار المنتجين لها انخفضت. وأما الأهمية النسبية لقطاع الكهرباء والماء في المؤشر فإنه %1.9 وقيمته ثابتة بشكل مستمر. وبالنسبة للصناعات المتعلقة بمواد البناء، الإسمنت والزجاج ومنتجاته، صناعة الحديد والصلب، الحجر والطين والحصى، فإن أهميتهم النسبية تعادل %3.6 في المؤشر، ومع ذلك فإن أسعار منتجيهم قد انخفضت عدا صناعة الحديد والصلب. وما تبقى من وزن المؤشر أي أكثر من %94 من الأهمية النسبية للمؤشر فإنه يتبع قطاعات النفط والغاز والصناعات المرتبطة بها، وهذه القطاعات هي التي ارتفعت أسعار منتجيها. لذلك فإن أهميته النسبية المهيمنة على المؤشر تجعل أي تحرك في هذه القطاعات المرتبطة بالنفظ والغاز، يتحرك معها المؤشر بقوة، والملاحظ أن هذه الصناعات أغلبها صناعات تصديرية ومنتجاتها لا يستهلك منها محليا إلا بنسبة محدودة.
وهذا ما يدعونا إلى التشكك حول مدى توافق النظرية الاقتصادية التي تقول إنه إذا زاد مؤشر أسعار المنتجين فإن ذلك يزيد من التضخم، بل بالعكس ما حدث من انخفاض لأسعار المنتجين للسلع المتسهلكة محلياً يشير إلى أن أسعار المستهلكين قد تنخفض ومعها سينخفض التضخم (المحلي). وأما ارتفاع أسعار المنتجين الصناعيين لقطاعات النفط والغاز فإنها ستخلق تضخما ولكن ليس لدينا بل لدى الاقتصادات التي تستقبل صادراتنا.
ويبقى السؤال: هل يوجد مبرر للتخوف من التضخم؟ وهل سيتم استغلال هذا المؤشر لرفع الأسعار وخلق تضخم وهمي؟ أم إن التضخم الذي نصدره مع النفط والغاز سيعود إلينا مرة أخرى كتضخم مستورد؟ لتكتمل دورة الاقتصاد العالمية؟

صحيفة العرب القطرية

تعليقات

اكتب تعليقك