سعود القصيبي يقول الإصلاح الاقتصادي الذي طرحه النظام منذ سنوات, انتهى في جيوب القلة المقربة من النظام الحاكم, وأقطابه على شكل عمولات وشراكات وامتيازات
الاقتصاد الآنأكتوبر 23, 2011, 9:49 ص 530 مشاهدات 0
الكاتب : سعود القصيبي
يعانى الاقتصاد السوري منذ سنوات طويلة من هبوط نسبة الاستثمارات , إلى جانب ضعف كفاءة اداء مؤسسات الدولة بسبب مركزية القرار من جهة والقيود المفروضة على مؤسساته من جهة ثانية فضلا عن تفشي الفساد. بين الفينة والأخرى تطل علينا تصريحات متعددة من الحكومة السورية تعكس وضعا غير حقيقي لمسيرة الاقتصاد, وفي الوقت نفسه فان تلك التصريحات تضلل الحقائق لانعدام الشفافية فيها, كما تعكس التقارير الصادرة عن منظمات دولية واقع الحال الحقيقي وهو الامر الذي يعني استمرار التدهورالاقتصادي ,و انحدار دخل المواطن , ليكرسان معا عدم قدرة النظام الحالي على الإصلاح لأنها كما في السابق جاءت من رحم الفساد .
وفي هذا السياق أشارت تقارير دولية اقتصادية عدة الى ضعف الإنتاج الزراعي والصناعي وهما يعدان أهم مكونات الاقتصاد الداخلي. ونتيجة الاستمرار في السياسات الاشتراكية الاقتصادية التي من بينها سياسات الدعم المباشرللمنتجات لجعل المواطن معتمدا على النظام دائما , بدلا من اعتماد سياسات الاقتصاد الحر لتحسين حقيقي لدخله ,تضطر الحكومة السورية إلى الاقتراض بغض النظر عن تفاقم العجز في الموازنة العامة لاسيما انه يعتمد على المعونات الخارجية . وقد جاء في تقريرمنظمة 'الشفافية الدولية' التي تتخذ من برلين مقرا لها ان هناك تراجعا كبيرا في معدلات الشفافية فقد احتلت سورية فيه المرتبة 147 على مستوى العالم من ضمن 180 بلداً شملهم المؤشر, حيث كانت تشغل المركز 138 من قبل ووفقاً للمؤشر فإن سورية أتت في ذيل القائمة على مستوى العالم العربي وشمال إفريقيا واحتلت ذيل مؤشر الأكثر فسادا, حيث نالت 1.2 درجة من 10 درجات,ما يشير إلى ظاهرة 'فساد خطيرة'. في مفاصل الاقتصاد السوري
وقد أشارت تقارير مختلفة إلى فساد حكومة الأسد ومنهجيتها المتأصلة في السياسات الحكومية وما لها من تأثيرات سلبية على تحصيل الرسوم الداخلية والضرائب الحكومية. والأمثلة كثيرة للدلالة على هذا الامر, فالإصلاح الاقتصادي الذي طرحه النظام منذ سنوات, انتهى في جيوب القلة المقربة من النظام الحاكم, وأقطابه على شكل عمولات وشراكات وامتيازات لشركات النفط والمصارف وأعمال تشغيل الموانئ وكذلك الاتصالات. وقد يغيب على الكثيرين أن سورية ليست عضوة في منظمة التجارة العالمية ولا تنوي الدخول فيها كما قال العديد من مسؤولي الحكومة. ووفقا لتقريرصندوق النقد الدولي قبل اندلاع ثورة الكرامة السورية من المتوقع أن يرتفع الدين العام لسورية ليصل إلى نحو 25% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول العام 2014 , كما أشار التقرير إلى أن حجم ونمو التجارة الخارجية لم يستعيدا مستويات ما قبل الأزمة العالمية. وقد بينت مجلة ايكونومست انتالجنس يونت في تقرير لها عن زيادة نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي عام 2010 حيث بلغ 17.6% والمقدر بنحو 5.8 مليارات دولار. كما اشارت نشرة 'كابيتال أنتليجنس' الدولية إلى العديد من نقاط ضعف في البنيه التحتية الإقتصادية كما في القاعدة الإنتاجية غير المتنوعة نسبياً, وإنتاج النفط المنخفض, والحصص المرتفعة للقطاع العام في الاقتصاد, والبيروقراطية الإدارية, ووهن الأنظمة القانونية والتشريعية, وضعف البنى التحتية المعلوماتية.
وأوضحت تقارير اقتصادية مختلفة بأن العبء المالي المترتب على الفرد الواحد نتيجة الدين العام للدولة عادل ال¯ 820 دولاراً للفرد في سنة 2010, في وقت وصلت فيه حصة الفرد النظامية من الناتج المحلي الإجمالي الى 2769 دولارا ما يجعلها من أفقر دول العالم. و من الملاحظ ارتفاع نسبة متوسط تغير أسعارالمستهلك في عام 2010 مقارنة بالأعوام السابقة, حيث فاق معدل نموه نسبة 35%, وهذا يعكس تسارعاً في نسب التضخم. وفي انعكاس للأزمة السورية, وأشار تقرير آخير صادرعن ''جيو بوليسي'' الدولية الاستشارية, أن سورية تكبدت خسارة مالية إجمالية بقيمة 27.3 مليار دولار منذ مارس الماضي في ظل إقتصاد يبلغ قرابة حجمه الكلي 50 مليار دولار
وهكذا يتسارع تدهور الوضع الإقتصادي السوري قبل الثورة بعدها مما يدحض الأقوال المزعومة بالتحسن ومن مقدرة النظام على تجاوز الأزمة والذي لجأ إلى التسويف وارجاء أية عملية شأنها الإصلاح الداخلي الحقيقي حتى يحافظ النظام الأسدي وأعوانه على المكتسبات والمنافع المالية المكتسبة بأسباب الفساد. كما يؤكد ذلك استمرارأعمال النظام القمعية وقتله ما يزيد عن 3000 مواطن سوري رغم المناشدة الدولية بالوقف الفوري لاعمال العنف والقتل. وكذلك المقاطعة والحظر الدولي لشخصيات من النظام واعوانه مما يضع حداً للفساد ومن توقف استخدام تلك الأموال في أعمال القتل والبطش ونصرة المطالب الداعمة الإصلاحية وحتى الموالية منها للنظام.
ومما لا شك فيه أن الإسراع والإصرارعلى تغير النظام الأسدي من قبل المجتمع الدولي و سحب شرعيته والاعتراف بمجلسه الجديد ودعمه من شأنه الإسراع في وقف سيل الدماء وأعمال البطش التي يمارسها النظام بحق شعبه لاصلاح الشأن السوري. ويأتي اختيار المعارضة و المتظاهرين على الأرض لأستاذ جامعي في السوربون- برهان غليون -, بالإضافة إلى خشية النظام الأسدي من اعتراف المجتمع الدولي بالمجلس الجديد, ومع استمرار انشقاقات الجيش وتكوين جيش سورية الحر وتنامي قدراته, الا دلالة ومؤشرعلى القادم القريب من زوال النظام الاسدي وولادة سورية بحلة جديدة مزهوة ومنتشية بأبنائها الأحرار , أبناء ثورة الكرامة.
تعليقات