د. بدر الديحاني يطالب بإعادة تقييم خصخصة محطات الوقود وتأجيل خصخصة الكويتية ويشرح المبررات لذلك
الاقتصاد الآنأكتوبر 18, 2011, 9:03 م 868 مشاهدات 0
لعل من المناسب الآن، خصوصا مع تزايد الحديث عن الفساد وتعارض المصالح لكبار مسؤولي الدولة، وغياب قوانين مكافحة الفساد وضعف أو غياب الأجهزة الرقابية الفاعلة، أن يتم التوقف قليلا وإعادة تقييم عملية خصخصة محطات التزود بالوقود، وكذلك خصخصة الخطوط الجوية الكويتية التي لا نجد مبررا إطلاقا لعملية بيعهما للقطاع الخاص الباحث عن الربح السريع بأي ثمن.
لو عدنا سنوات قليلة إلى الوراء، وراجعنا أرشيف الصحف المصرية لاكتشفنا كيف كانت حكومات النظام المصري المخلوع تسوق على الشعب المصري الكم الهائل من الأكاذيب والأوهام حول “المنافع” الكثيرة التي ستجلبها الخصخصة للشعب المصري، والتي منها توفير فرص العمل، ودعم خزينة الدولة، وتوسيع قاعدة الملكية.
وإذ بالشعب يكتشف بعد سقوط رأس النظام أن مؤسساته العامة قد بيعت بأبخس الأثمان، وأن أمواله العامة قد نهبت لمصلحة كبار ملاك رؤوس الأموال الذين كانوا يحتكرون القرارين السياسي والاقتصادي آنذاك، والذين يقبعون في السجون الآن بتهم الفساد واستغلال النفوذ، والتكسب غير المشروع بعد أن باعوا شركات عامة ناجحة (أكثر من 860 شركة قطاع عام)، ومنحوا أراضي الدولة لشركائهم من العرب والأجانب تحت دعاوى فارغة ومضللة، مثل القول إنه لابد من مساهمة القطاع الخاص في “التنمية”، وإن الخصخصة ستجلب الخير الوفير للشعب المصري، وستشجع المنافسة، وإن كل مواطن مصري سيكون بمقدوره التملك في الشركات المخصخصة، وهي دعاوى وأقاويل مكررة و”مأخوذ خيرها” يرددها أباطرة السوق ودعاة الربح السريع والمضمون.
إذ إنه لا علاقة لها بالدور الحقيقي المطلوب للقطاع الخاص في عملية التنمية والذي يتحدد ضمن شروط معينة؛ منها طبيعة المرحلة التي يمر فيها المجتمع، وطبيعة القطاع الخاص وحجمه، ومدى توافر منظومة التشريعات والقوانين التي تحد من الفساد، وتمنع الاحتكار وتعارض المصالح، ووجود قانون واضح للضريبة على الدخول المرتفعة، وعلى الأرباح السنوية للشركات المخصخصة، وتوافر الأجهزة الحكومية الرقابية الفاعلة التي تتولى متابعة تنفيذ قوانين الخصخصة، وتكون لديها القدرة على معاقبة الشركات المخصخصة التي لا تلتزم بقوانين الدولة وأنظمتها.
لعل خير مثال على بطلان هذه الدعاوى المضللة التي ترافق عادة عمليات الخصخصة هو حكم المحكمة الإدارية في مصر الذي صدر الصيف الماضي، والقاضي ببطلان خصخصة محال “عمر أفندي” التي اشتراها مستثمر سعودي بسعر زهيد للغاية لا يتناسب البتة مع قيمتها الفعلية في السوق؛ بعد أن تم التلاعب في عملية تقييم أصول وموجودات الشركة.
اللافت هنا أن المستثمر السعودي قد باع نسبة 5% من رأس مال الشركة إلى مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي، ما يعني ضلوع البنك الدولي، صاحب ما يسمى “روشتة” الخصخصة التي يطالب الدول كافة باتباعها، في عملية الفساد التي أحاطت بصفقة خصخصة “عمر أفندي”، إذ إن “حاميها حراميها” كما يقول المثل الشهير. وحيث إن الشيء بالشيء يذكر، فلعله من المناسب الآن خصوصا مع تزايد الحديث عن الفساد وتعارض المصالح لكبار مسؤولي الدولة، وغياب قوانين مكافحة الفساد وضعف أو غياب الأجهزة الرقابية الفاعلة، أن يتم التوقف قليلا وإعادة تقييم عملية خصخصة محطات التزود بالوقود، وكذلك خصخصة الخطوط الجوية الكويتية التي لا نجد مبررا إطلاقا لعملية بيعهما للقطاع الخاص الباحث عن الربح السريع بأي ثمن؛ لأنه من المؤكد أنهما ستحققان أرباحا مضمونة ستدعم خزينة الدولة، وستوفران فرصا وظيفية بشرط إدارتهما من قبل الدولة على أسس علمية حديثة.
تعليقات