حتى في حالة انخفاض متوسط سعر النفط الى 75 دولارا للبرميل، فإن دول المجلس سوف تحقق فائضا قدره 160 مليار دولار يؤكد عدنان أحمد يوسف
الاقتصاد الآنأكتوبر 18, 2011, 10:54 ص 429 مشاهدات 0
الكاتب - عدنان أحمد يوسف
بفضل السياسات التي اتبعتها، وخاصة فيما يتعلق باستجابتها السريعة لتداعيات الأزمة العالمية، يمكن القول ان دول مجلس التعاون الخليجي هي الآن ليس في طريقها الى الانتعاش الاقتصادي فحسب، بل باتت تلعب دورا مؤثرا في قيادة الانتعاش على مستوى دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا، وعموم آسيا.
وسمة جديدة رافقت النمو الاقتصادي الخليجي هذه المرة، وهي أن الأزمة المالية الكبيرة في عام 2008 قد وطّدت الاتجاه القائم بتحوّل القوى المالية والاقتصادية من الغرب إلى الشرق (أي آسيا). وقد استفادت دول المجلس من هذا الاتجاه الجديد، بفضل موقعها كوسيط بين الاقتصادات الغربية والشرقية، فاستفادت من النمو القوي للأسواق الآسيوية. فللمرة الأولى في عام 2009، فاقت صادرات النفط من الشرق الأوسط إلى آسيا صادراتها إلى الدول الغربية. وبالتالي، نعتقد أن الدورة الاقتصادية في الخليج باتت تنفصل تدريجياً عن مصير الاقتصادات الأمريكية والأوروبية. ويجدر الذكر أن آسيا أصبحت الشريك التجاري الأساسي للخليج من جهة، ومن جهة ثانية تتطلّع آسيا إلى الشرق الأوسط كمحور للاستثمار ولاسيما في قطاع الطاقة.
بالإضافة إلى تحوّل العلاقات الاقتصادية للخليج من الغرب إلى آسيا، تأثرت البلدان الخليجية إيجابياً بالاضطرابات الإقليمية التي شهدتها مصر، تونس، ليبيا وغيرها، إذ يلاحظ أنه في ظلّ الأوضاع الراهنة، تحوّلت دول الخليج إلى ملاذ آمن على صعيد السياحة وتدفّق رؤوس الأموال، وارتفاع أسعار النفط ورفع الإنتاج الخليجي للنفط للتعويض عن النقص الذي خلّفته الأزمة الليبية.
إننا نعتقد أن تأثر الاقتصادات الخليجية بالتقلبات الاقتصادية العالمية الأخيرة سوف يكون محدودا، حيث ان المصدر الرئيسي للتأثير على هذه الاقتصادات هو تراجع الطلب على النفط وانخفاض أسعاره في الأسواق العالمية. إلا أن مراكز بحثية مثل معهد التمويل الدولي يرى أنه حتى في حالة بلوغ متوسط سعر النفط عند 75 دولارا للبرميل، فإن دول المجلس سوف تحقق فائضا قدره 160 مليار دولار في الحساب الجاري.
ومن المتوقع أن يرتفع إجمالي حجم الإنفاق الخليجي في العام الحالي بنسبة 32% ليصل إلى 389 مليار دولار، مقابل 294 مليار دولار في عام .2010 أما الإيرادات فسوف ترتفع بنسبة 25% ، لتصل إلى 548 مليار دولار في عام .2011 ويتيح إقرار موازنات قياسية بهذه الأحجام المرتفعة إمكانات كبيرة أمام تنفيذ الكثير من المشاريع، وتنشيط الأوضاع المالية والاقتصادية في دول مجلس التعاون، حيث يتوقع تنفيذ مشاريع بقيمة 30 مليار دولار في عام 2011، خصوصاً في مجال البنية الأساسية في هذه البلدان كافة.
كما شكلت سياسة التوسع في الإنفاق الحكومي الأداة الرئيسية للنهوض بأعباء تطوير البنية التحتية والمشاريع الخدمية في مجال الصحة والتعليم والإسكان، علاوة على توفير وظائف لشريحة المواطنين الشباب الآخذة في التزايد بشكل سريع. كما أسهمت خلال العام الجاري في التخفيف من الآثار الضارة لتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية على الاقتصادات الخليجية.
إن المكانة الاقتصادية العالمية المرموقة التي باتت تحتلها دول التعاون عربيا وعالميا، تلقي على عاتقها مسئوليات وتحديات في الحفاظ على ديمومة النمو وثباته، وهذا يستدعي بدوره، من وجهة نظرنا، مواصلة ادخال الإصلاحات الهيكلية التدريجية التي تركز في تنويع مصادر الدخل، وتنويع القاعدة الانتاجية، وخاصة الصناعات المعرفية، علاوة على رفع مساهمة القطاعات الخدمية مثل السياحة والقطاع المالي والتعليم والصحة في الناتج المحلي الإجمالي عبر تجسيد مبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص في تنفيذ هذه المشاريع، مع إيلاء اهتمام خاص للتنمية البشرية، وتوفير المزيد من فرص العمل للشباب. كما ان الخطوات التكاملية العربية التي تتخذها دول المجلس من خلال مقترحات ضم مصر والمغرب والأردن إلى دول مجلس التعاون تعتبر بمثابة العمل على دمج هذه الاقتصادات العربية الرئيسية في الاقتصاد الخليجي، وبالتالي قيادتها نحو التطور والتقدم، وهي بنفس الوقت تمثل نواة لقيام تكتل اقتصادي عربي كبير قادر على المنافسة والتطور عالميا.
تعليقات