خلاف الاستثمارات النفطية الخارجية

الاقتصاد الآن

433 مشاهدات 0

كامل الحرمي

يعيش القطاع النفطي الكويتي حاليا في أزمة مع نفسه و تحديدا ما بين أعضائه في الإدارة العليا حول كيفية التعامل مع الاستثمارات النفطية الخارجية وخاصة ومع المشاريع التي تعتبر قيد التنفيذ مثل مشاريع  بناء مصفاة التكرير في فيتنام و الصين و كذلك مشروع إنشاء مصفاة  في أند ونسيا و التي تعتبر من أكبر الدول الآسيوية في استهلاك المشتقات النفطية و لتي بدأت علاقاتها التجارية معنا في أواخر السبعينيات.
و الإدارة العليا منقسمة ما بينها وهي محتارة و لاتعرف كيفية تواجه وتوجه المسار الاستراتيجي لمؤسسة البترول الكويتية إلا وهو ' إيجاد منافذ آمنة و مستقرة للنفط الخام الكويتي  علي ألمدي البعيد و في بناء مصافي مشاركة و مناصفة مع الدول المستهلكة للنفط '.
و مامصير المشاريع الحالية  مثل مصفاة فيتنام  أو في انتظار الشريك الأجنبي في حال مصفاة الصين وهل تتغير سياسات المؤسسة مع كل تغيير في القيادات العليا.
والإدارة العليا مازالت لا تعرف كيف تتعامل مع المستجدات الحالية و لا تعرف إي فريق تراضي ومع وجود زبائن و مشترون جدد للنفط الخام الكويتي و بأسعار وحسب معدلات الأسعار العالمية و لمدد تتجاوز ال10 سنوات. و لكنها هل  تعرف إن هذه العقود ممكن  إن تلغي و في اقل من سنة  واحدة إن لم يتم الاتفاق مثلا علي معدل سعر النفط  أو لم توافق علي فترة الدفع طلب المشتري مثلا إن  تكون أكثر من 30 يوما .
وتجربة الكويت في هذا المجال معروف ومعلوم حيث إن في عام لم تستطع الكويت إن تنتج أكثر من 600 إلف برميل في اليوم من النفط الخام وذلك بسب إن معظم الزبائن رفضوا أسعار النفط المعلنة في تلك الفترة في سنة 1981. ومن بعد تلك الفترة الصعبة بدأت فكرة إستراتيجية الاستثمار في المصافي و الأسواق الخارجية الآمنة والمستقرة سياسيا ومن دون مخاطر.
و في عام 1983 ومع شراء محطات الوقود في أوروبا ومن شركة جلف Gulf الأمريكية . وتكوين شركة ' كيوأيت 'Q8 . و من بناء مصافي مشتركة في ايطاليا وبشرط استعمال النفط الكويتي. وفي معظم الأحيان لا يتم استعمال النفط الكويتي إذا كان بألأمكان بيع النفط الكويتي بسعر أفضل و الاستغناء عنه بنفوط اقتصاديا أحسن.   
حيرة الإدارة العليا تكمن في اعتقادها بأن عقود النفط الحالية دائمة و أنها ستضل معنا إلي الأبد ناسينة و متناسية تجاربنا السابقة و كذلك دخول العراق و إيران الأسواق النفطية بقوة و خاصة العراق بزيادة انتجها إلي مافوق ال6 ملايين دولار. بألأضافة إلي إمكانية هذه الدول بيع النفط مقابل الغذاء و المواد الضرورية الاخري اي بالمقايضة ونحن في الكويت لا نستطيع البيع بهذه الطريقة.  ولذا توجهنا إلي الدخول في مشاركات نفطية مشتركة حيث الطرف الأجنبي سيشاركنا ومن أمواله في بناء مصفاة ستستعمل النفط الخام الكويتي و لسنوات وبعمر المصفاة. و يجب إن التأكد من هذه الشركات لا تبني مصافي لتصدير المنتجات الي الخارج  لتنافسنا في الاسواق النفطية المختلفة.
الأ دارة العليا يجب إن تتذكر إن أهم عامل في المشاركة الإستراتيجية هو هل الغرض من بناء مصفاة أو تحديث مصفاة من اجل الاستهلاك المحلي أم من اجل التصدير الخارجي. أهم عامل هو الاستهلاك المحلي فقط لا غير. أما بما يتعلق في منافسة المنتجات النفطية المكررة فما علي الإدارة التنفيذية العليا سوي النظر في قوة الطلب العالمي  مابين  5 إلي 10  سنوات القادمة ومن ثم معرفة الطلب المحلي لكل دولة تستورد حاليا المشتقات النفطية من الكويت. والبيوت الاستشارية المختلفة لديها المعلومات الكافية و الكفيلة بتحديد العرض و الطلب لكل دولة وحسب طلبات المؤسسة و احتياجاتها.
تبدأ  الشراكة الإستراتيجية من علي  أرضية صلبة برؤية مشتركة ومذكرة تفاهم علي أهم المتطلبات و المقومات الضرورية  الأساسية من أهداف و اقتصاديات المشروع والتوقعات  للعائد المالي ونسبة الشراكة. هذه الأفتراضيات تكون اللبنة الأولية لتكوين المشروع ومن ثم الدراسات المختلفة ومن جميع الأطراف و الأطياف.
أما بما يتعلق بحصة الكويت في منظمة 'اوبك' فهذه المشاريع لاعلاقات لها بالمنظمة لأن مايهم المنظمة هو حصة الكويت من النفط الخام والتزامها بحصص الإنتاج وفيما يتعلق بأن تحول الكويت جميع إنتاجها إلي منتجات و مشتقات بترولية فهذا لا يهم  المنظمة وما  يخصها هو استمرارية  زيادة معدلات الإنتاج من النفط الخام ماضيا حاضرا و مستقبلا.
الأهم من كل هذا وذاك هو إيجاد شريك استراتيجي في دولة آسيوية نامية ونسبة طلبها علي المنتجات النفطية في تزايد و المشروع يكون لتلبية الحاجة المحلية و ليس مثلا للتصدير الخارجي و يكون له عائد مالي مناسب حسب المتطلبات المالية لمؤسسة البترول  الكويتية .
مؤسسة البترول الكويتية يجب إن تكون لديها أجوبة مناسبة و معقولة لعدم الدخول في مشاركات خارجية مع شركات محلية أو عالمية. أما التمسك بأنها قادرة علي بيع جميع إنتاج الكويت من  النفط الخام ' فوب '( (FOBالموانئ الكويتية هو نوع من المجازفة و لنتعلم من دروس الماضي.
القرار السليم هو العودة إلي السبورة السوداء و الجلوس حول المائدة لتحديث و لتجديد الخطط و الأهداف الإستراتيجية للقطاع النفطي الكويتي وليس للتسابق و التنافس من اجل البروز أو من أجل البقاء.

كامل الحرمي     كاتب ومحلل نفطي مستقل  [email protected]

الآن-كامل الحرمي - كاتب ومحلل نفطي

تعليقات

اكتب تعليقك