نواب الخدمات راشون لناخبيهم قبل أن يكونوا مرتشين، والحكومة برأى الدعيج أجادت استخدام الخدمات لإذلال الناخبين

زاوية الكتاب

كتب 1315 مشاهدات 0


 

القبس

 

النواب راشون وليسوا مرتشين فقط

كتب عبداللطيف الدعيج :

الذين يريدون محاسبة «الراشي والمرتشي» عليهم ان يمضوا في مهمتهم، فأحد (غير الراشي والمرتشي) ليس معنيا بتعطيل ذلك. ولكن الى ان يتحقق مبتغاهم، رغم ان الجريمة الجنائية غير متوافرة لغياب القانون الذي يعالج ذلك، ورغم ان المسؤولية السياسية حتى الان غير ثابتة «قانونيا» على الحكومة الا في رؤوس النواب و«مشجعي» ساحة الارادة، فاننا سنبحث في الجوانب الاجتماعية والتاريخية -رغم قصر الزمن- للرشوة.

لقد حرصت اطراف عديدة في السلطة، وفي الواقع لا تزال على تهميش المؤسسة التشريعية من خلال مخرجاتها الانتخابية. فعملت على ان تؤدي الانتخابات الى تنجيح نواب بلا اهداف ولا برامج ولا حتى نوايا، اللهم الا خدمة صاحب النعمة أو تحقيق المنفعة الشخصية. واصبح لدينا، الى حد ما، منذ البداية، نواب لا شأن لهم بالسياسة أو باعمال البرلمان عرفوا بـ«نواب الخدمات». هؤلاء النواب لم ينجحوا لانهم مرتشون وتم شراؤهم وتجيير موالاتهم وحسب، بل نجحوا لان الناخب نفسه تم شراؤه بالمنح والعطايا والشرهات و«التجاوزات» أو ما عرف منذ الانتخابات بـ«الواسطة».

لقد حولت السلطة ونوابها الموالون الخدمات العامة وحقوق المواطنين القانونية والدستورية الى وسائل رشوة واستمالة للناخب الكويتي. والى جانب الخدمات استخدمت السلطة المناسبات الوطنية لتقديم «الشرهة» أو المنح والعطايا للناس، احيانا تحت ضغط الحاجة الاقتصادية، وفي الغالب تلبية لتطورات سياسية كحل مجلس الامة. وشاركها نواب مجلس الامة والمعارضون منهم بالذات الذين استخدموا المال العام وسيلة لشراء ذمم ناخبيهم ورضاهم.

ان التكسب النيابي الاخير، رغم فظاعته، هو امتداد طبيعي للعقلية وللتقاليد التي تربى عليها المواطن، والتي حرصت السلطة على ان تدخلها عنوة في الحياة المدنية الحديثة. لقد كان في امكان القوانين والنظم، لو طبقت، ان تحد من التكسب والاستحواذ أو تقضي عبيه، لكن الرعاية والتشجيع الحكومي لهما ساهما في تعزيزهما وترسيخهما مع الاسف كتقليد وتراث بدلا من اضمحلالهما ونبذهما.

ان استغلال الخدمات والحقوق العامة لم يتم «في خش ودس» فقط. بل عمدت السلطة ومعها مشرعو مجلس الامة الى تضمين معظم قوانيننا مواد توفر للوزير المعني حق، أو بالاحرى، سلطة «الاستثناء». طبعا هذا الاستثناء هو الورقة التي لعبت وتلعب بها السلطة في تعزيز نواب الخدمات، وفي اذلال ناخبيهم وتخريب المؤسسة التشريعية. في قانون الجنسية، على سبيل المثال، رغم انه صدر قبل الانتخابات، وردت كلمة «يجوز» اثنتين وعشرين مرة، رغم ان القانون نفسه من اربع وعشرين مادة فقط.! بالطبع يجوز للوزير..! يعني ليس قانونا.. بل مزاج الوزير لا غير.

لهذا ان شاء جماعة الارادة حصر الرشوة والتخريب المتعمد للمؤسسة التشريعية في الحكومة الحالية فهذا شأنهم، فهم اصلا متعودون على ان يلوموا الحكومة على كل شيء. بينما هم وناخبوهم الابرياء الذين لم ينهبوا ولم يستحوذوا ولم يأخذوا كل شيء بلا مقابل. لكن ستبقى الرشوة تقليدا وتراثا اجتماعيا الى ان يشاء الحريصون الحقيقيون على مصلحة البلد تغيير القوانين وتعديل القرارات ورفض «الاخلاقيات» التي تجيز ذلك.

 

عبداللطيف الدعيج

 

 

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك