إبراهيم المليفي ينبش في دفتر الماضي الجميل ويتحسر على الواقع الحالي

زاوية الكتاب

كتب 1489 مشاهدات 0


 

الجريدة

 

الأغلبية الصامتة: يقولون الزبيدي رخيص اليوم

 

إبراهيم المليفي

 

إن العتب والنقد الشديد لأوضاعنا لا يتوقف عندي عند إخفاق هنا أو علاج موضعي لأزمة كبيرة رغم أهمية بعض الحالات، إن العتب والقهر أحياناً ينبع من أننا ككويتيين عرفنا طريق «النهضة الشاملة» وسرنا فيه بنجاح واقتدار، زرعنا ربيعاً ديمقراطياً في صحراء قاحلة وأسسنا دولة عصرية متحضرة، وضعت للعلم والثقافة والفنون مشروعاً يرتقي بأخلاق الناس وأذواقهم وقيمهم.

 

ستبقى وصفة العلاج متشابهة لدى أغلبية الأطباء طالما بقي نفس المرض، هل سنعالج نزلة البرد بالطب الكيماوي المستعمل لمرضى السرطان؟ أليس الجبس هو جبيرة العصر الحديث لمن كسرت يده أو ساقه وليس كأس ماء و”غترة بيضاء” كما فعل الدكتور هلال ولد حجي رمضان في مسرحية “عزوبي السالمية” مع خطيبة صديقه؟

أعلم أن الوضع ممل ويبعث على السفر الدائم لمن استطاع إليه تمويلاً، ولكن ما العمل؟ اللعبة “قفلت” وكل فريق قدم ما لديه وزيادة والنتيجة النهائية هي الشلل الكلي لكل شيء ما عدا الملفات المتورمة وتداعياتها المستمرة، تخيلوا معي تفاحة تركت لتفسد، إنها ستأخذ شكلاً سيئاً وتزداد رائحتها سوءاً كل يوم حتى تتيبس بالنهاية وتختفي من الوجود، هل تصدقون أن البعض لدينا يعتقد أن إهمال المشاكل وتأجيلها سيؤدي في النهاية إلى اختفائها من الوجود؟

ذلك التفكير القاصر هو “النهج” الذي نحاربه ونريد زواله بالدرجة الأولى وليس تبديل لاعبين سيلعبون على نفس الخطة الفاشلة، إننا نقر أن جزءاً كبيراً من مشاكلنا بذرت قبل عقود، واليوم يجني جيلنا والأجيال القادمة ثمارها المرّة، والفرق هو أن ذاك الزمان كان فيه متسع لكل شيء، ورغم ذلك لم يمنع من ظهور أصوات تقرع جرس مخاطر “النهج” والسياسات الاتكالية التي ستخلق مواطناً يتكل على الحكومة التي تتكل على النفط، وها هو المواطن جاسم السعدون خير مثال على ما نقول، فكم مرة بُح صوته الخفيض قبل الغزو وبعده وهو يرسم لأهل “البخاصة” صورة تخيلية لحاضرنا البهيج، ونحن كمجتمع ودولة نعمد إلى رفع أصواتنا الجهورية بأسئلة الهروب: “يقولون الزبيدي رخيص اليوم”.

إن العتب والنقد الشديد لأوضاعنا لا يتوقف عندي عند إخفاق هنا أو علاج موضعي لأزمة كبيرة رغم أهمية بعض الحالات، إن العتب والقهر أحياناً ينبع من أننا ككويتيين عرفنا طريق “النهضة الشاملة” وسرنا فيه بنجاح واقتدار، زرعنا ربيعاً ديمقراطياً في صحراء قاحلة وأسسنا دولة عصرية متحضرة، وضعت للعلم والثقافة والفنون مشروعاً يرتقي بأخلاق الناس وأذواقهم وقيمهم، أسسنا أول جامعة في الخليج العربي وخلقنا بيئة إبداع زاهرة أبدع فيها الرياضي والمسرحي والصحفي، وعندما كان السارق يسرق يقال من أي جنسية هو؟ واليوم يقال من أي عائلة؟ لقد كانت الصحف تنشر صوراً تكشفت اليوم معانيها فمن كان يحيط بأصحاب القرار هم خيرة أبناء البلد وأكثرهم كفاءة وصراحة وثقلاً في علمهم وإخلاصهم وسيرتهم الحياتية، هؤلاء كانوا سند الحكم ولسانه الصادق في المجالس العامة والخاصة، فمن يا تُرى اليوم يحمل صفات المرجعية والمستشارية؟ شاهدوا صحف الأمس واليوم ستجدوا مهرجي القصر ومهشمي السيرة الذاتية يتقدمون الصفوف. باختصار كنا نعرف الطريق، ولأننا كنا كذلك تميزنا وأًصدرنا أسطوانة “لما كنا في السبعينيات” التي يرددها اليوم جيل تأمل كثيراً في آثار السبعينيات الباقية ويسأل أين الجديد؟ ولماذا توقفنا؟ وحتى تدور عجلة النهضة الحقيقية ونعود إلى

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك