تجمع الأربعاء كان برأى حسن الموسوي حفلة (سمك، لبن، تمر هندي) وحضرها نواب قدموا رشاوي للحاضرين

زاوية الكتاب

كتب 1588 مشاهدات 0



الجريدة

في تجمع الأربعاء… راشون ومرتشون أيضا
حسن مصطفى الموسوي
 
يبدو أنه مقدر لنا أن نشاهد حفلات الزار والمسرحيات باستمرار، حيث يختلط الحابل بالنابل، ويستمر الضحك على ذقون الناس وبوجوه عريضة، فآخر هذه المسرحيات كانت مسرحية تجمع الأربعاء الماضي الذي سمي بيوم الوقوف ضد الراشي والمرتشي، وإذا به يتحول بقدرة قادر إلى حفلة (سمك، لبن، تمر هندي).
فهذا يريد حل المجلس وذاك لا يريد، وهذا يريد الخلافة الأموية وذاك يريد رحيل رئيس الحكومة، بينما “ضاع بالطوشة” القليل من المخلصين الذين خدعوا بعنوان الاعتصام. والمثير للشفقة والضحك “وشر البلية ما يضحك” أن كثيرا ممن حاولوا إيهامنا بأنهم ضد الرشوة في تلك المظاهرة هم بذاتهم إما راشون وإما مرتشون، فتجد الكل يردح و”يستشرف” ضد فضيحة ملايين النواب بمن فيهم الذي قبض 50 ألف دينار من رئيس الوزراء بداعي صرفها على أعمال خيرية ولم يرجعها إلى الآن حتى يكون منسجما مع نفسه، ورافضا لأي علاقة مشبوهة تجمع شخصا مراقَبَاً مع مراقِبه!
وفي المظاهرة نائب وأستاذ جامعي كان يرشي طلبته بدرجات امتياز مقابل نقل أصواتهم إلى دائرته عندما كان مرشحا! وفي المظاهرة، نائب سابق حصل على مشروع من الدولة يقدر بالملايين ودون منافسة، ثم أصبح فجأة شريف روما ومحاربا للفساد، ولرئيس الوزراء بمجرد سحب المشروع منه!  وفي المظاهرة تيار سياسي رضع من ثدي الحكومة حتى الشبع، فتجد منتسبيه منتشرين في كل مفاصل الدولة من أجل “تضبيط” ربعهم، واسألوا الجامعة والتطبيقي والنفط على سبيل المثال عن “عمايلهم”، ولدى التيار نائب سابق كان يحصل على مناقصات من الدولة أثناء عضويته حتى قال عنه أحد الأعضاء في إحدى الجلسات “ريحتك فاحت في الوزارة”! وفي تجمع الأربعاء نائب أراد رشوة المواطنين وهدر المال العام عبر مقترح إسقاط القروض! وفي المظاهرة نواب يحرضون المواطنين على الإضراب من أجل الكوادر العبثية الفوضوية التي تضيع المال العام من أجل كسب نقاط ضد الحكومة (اللي هم خرطي بالمناسبة) في التقاء واضح للمصالح، فالأول يريد إسقاط الحكومة ولو على حساب المال العام، والثاني يريد الزيادات والكوادر بأي طريقة!  وفي المقابل، هناك من الحضور نقابيون وموظفون (بعضهم لا يداومون أصلا) همهم المطالبة بزيادات وكوادر بالحق والباطل وبشكل فوضوي، وعندما تقول لهم إن إقرار الزيادات بهذه الطريقة لن يحل المشكلة وسيتسبب في استنزاف خزينة الدولة على حساب الأجيال القادمة، يأتيك الجواب المعلب الجاهز: “إنت دافع شي من جيبك؟”، وكأن من جيبي حراما ومن جيب الدولة حلالا! فهؤلاء لا يرون في البلد سوى برميل نفط يريدون “شفطه”، ولا عزاء للمال العام الذي يدعون حمايته!  إذن الرشوة هي الرشوة سواء بملايين أو بدنانير، والذي قبل أن يرشي طلابه بدرجات فليس لديه مشكلة برشوتهم بالملايين إن كان يملك هذا المبلغ، ومن قبل أن يبيع ضميره بدنانير فليس لديه مشكلة ببيعه مرة أخرى مقابل ملايين إن عرضت عليه. فيا سيدات ويا سادة، إن كان هناك “قبيضة” و”غسيلة” فأنتم من انتخب هؤلاء لكي يمرروا معاملاتكم ويساعدوكم على كسر القوانين، وليس للتشريع وإرساء دولة القانون، ولا تقنعونا بأنكم لم تعرفوا “خمالهم” من قبل، وإن كانت الحكومة هي الراشية وهي الفاسدة فهي مجرد انعكاس لمجلس فاسد انتخبه ناخبون فاسدون يبحثون عن مصالحهم الشخصية والقبلية والطائفية والفئوية، فـ”كما تكونوا يولى عليكم”، فإن أردتم الإصلاح فابدؤوا بأنفسكم بدلا من اللطم والعويل وإقامة المسرحيات الغبية لأن فاقد الشيء لا يعطيه.

 

 

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك