ربيع الكويت برأى جعفر رجب، نصف ربيع، وثلث خريف، وربع شتاء

زاوية الكتاب

كتب 1580 مشاهدات 0



الراى

 
جعفر رجب / تحت الحزام / ربيع الكويت وخريفها
 
 
 
ربيع العرب، ليس ربيعا بالمعنى الحقيقي، هو نصف ربيع، وثلث خريف، وربع شتاء، ورغم الفرح بسقوط الطغاة الا اني حزين على بدائلهم، الثورات اسقطت الوجوه وابقت على المؤسسات القمعية بكل ما فيها ومن فيها، ثورات ركبتها المخابرات، والمجلس العسكري، وحلف الناتو... والرؤساء لا يرحلون الا عندما يقول لهم اوباما «ارحل»، تحولت من ثورات شعوب مغلوبة على امرها ومطالب بالحرية الى مشاريع لتغيير التحالفات، وتبديل لاوراق اللعب، في الشرق الاوسط الكل يلعب، الناتو يلعبون البريدج، الاتراك يرمون النرد، الاميركان عندهم اوراق البوكر، والايرانيون موجودون دائما، ومستعدون، في مصر حطوا رحالهم، وفي ليبيا حملوا الاسلحة بقراطيسها من المخازن الى طهران، وفي سورية حتى لو سقط النظام تأكدوا انهم يعرفون كيف سيأكلون «الجلو كباب» من كتف الثورة... والعرب كعادتهم يتفرجون ويصفقون، وجمهور العرب يأملون ان تصلهم ربيع الثورات، التي تصطدم بجبال البحر الاحمر!
وفي الكويت ربيع آخر، فيا سادة يا كرام، وبعد الصلاة على خير الانام، هذه كانت سنة مثالية كي ترتقي الحياة الديموقراطية في الكويت، زمن مثالي لمزيد من الحريات والمكتسبات الشعبية، فصل مثالي لربيع كويتي حقيقي وحراك سياسي يغير من خارطة الديموقراطية، ويجمل تشوهاتها، ونخطو الى الامام دون ان ننظر للخلف!
ولكن ربيعنا يا سادة يا كرام، بعد الصلاة على خير الكرام، كان على طريقة صرخات النائب وليد وهو يطالب الرئيس ان يرحل، عندما رمى غترته وعقاله منفعلا بطريقة لا ارادية، هذا الانفعال قد يصلح مشهدا في مسلسل رمضاني، ولكن لا ينفع لبناء ربيع كويتي!
الكويت حكومة ومجلسا وشعبا كانوا مستعدين لهذا التحول الديموقراطي، من خلال قوانين تعطي المزيد من الحرية، وتغييرات دستورية تسمح بمشاركة شعبية اكبر، الا ان ما حصل، ان ربيعنا ايضا سرقه الانتهازيون، ونواب المايكرفونات، وادعياء الصلاح والتقوى، وصار سوقا للحراج، فيه صراخ، وفوضى، وشتم، وتخوين للاخر، ومطالب بكوادر مالية، واسقاط قروض، وشخصانية في المطالب، وكانت اقصى امانينا وتطلعاتنا استقالة وزير... لقد ركب النواب النصابون ظهر ربيعنا الكويتي، ثم ساقوه الى مسلخ الغوغاء!
كان يمكن للكويت بخصوصيتها السياسية والاجتماعية ان تدخل في ربيع الثورات، بكل سلاسة وهدوء، وتغير، وتتغير دون شق للجيوب، ولطم للخدود، وها هو الربيع يرحل ويأتي ربيع آخر، دون ان نزرع حقولنا مستبشرين بغيوم الربيع!


جعفر رجب

الراى

تعليقات

اكتب تعليقك