حتى لايتكرر سيناريو استجواب النائب فيصل المسلم لرئيس الوزراء حول قضية الشيكات.. أحمد عيسي يحذر قوي المعارضة
زاوية الكتابكتب سبتمبر 28, 2011, 12:26 ص 1613 مشاهدات 0
الجريدة
حرق المراحل
أحمد عيسى
بينما تتصاعد وتيرة الانتقادات الشعبية لتردي الحال السياسية، بدا واضحا أن التنسيق بين القوى السياسية والنواب سيصطدم بالواقع الانتخابي بعد تباعد وجهات النظر حول الخطوة التالية للتعامل مع قضية الإيداعات المليونية، ووجود توجهين الأول يتمثل بعقد ندوات لتهيئة الشارع والثاني باستجواب رئيس الوزراء.
ويشير الوضع الحالي إلى وقوف القوى السياسية والنواب على مفترق طرق للتعامل مع قضية الإيداعات المليونية، فإما القفز إلى المجهول دون تقدير العواقب باستجواب النواب لرئيس مجلس الوزراء مباشرة، وإما التنسيق المشترك بين القوى السياسية حول آليات محددة لإقرار حزمة تشريعات مكافحة الفساد قبل المساءلة السياسية.
وبحكم متابعة أداء المعارضة الجديدة فإن سياسة “حرق المراحل” المتمثلة بتحويل القضايا إلى استجوابات تهدف إلى الإطاحة برئيس الحكومة هو الخيار الأقرب لتعامل نوابها مع هذه القضية، فرغم أنه لم يأت بنتيجة سابقا، فإنه لا يزال الخيار الأكثر رجوحا، لأنه يحقق شعبية للنواب على حساب أهمية القضايا واستحقاقاتها، دون النظر إلى مساهمة ذلك في تثبيت الرئيس في موقعه.
فخلال خمس سنوات، قدمت المعارضة 11 استجوابا بحق رئيس مجلس الوزراء، أحدها مدرج على جدول أعمال الجلسة الافتتاحية لدور الانعقاد المقبل، وآخر محال إلى المحكمة الدستورية لتفصل به منتصف الشهر المقبل، أما المتبقي فقد دفع 5 منها لاستقالة الحكومة أو حل المجلس، وواجه الرئيس 4 سقط أحدها دون مناقشة بسبب خروج النائب خالد الطاحوس من القاعة احتجاجا على سرية الجلسة، وانتهت البقية بدعم الأغلبية النيابية للرئيس بعد مناقشتها بجلسات سرية، وشكّلت بحدها الأدنى أغلبية برلمانية أساسها 25 نائبا يضمنون للرئيس أغلبية مطمئنة لا تتزحزح بتغير شخوصها.
ولذلك فإن الكتل البرلمانية جميعا مطالبة اليوم بتحديد آلية عمل تبدأ بالاتفاق على توفير أرضية قانونية وسياسية لتشكيل لجنة تحقيق برلمانية والاستماع لإفادة جميع الأطراف المعنية ورفع توصياتها بعد تأمين أغلبية تشرّع مجموعة قوانين مكافحة الفساد، وكشف الذمة المالية، وتجريم الرشوة السياسية نقدية كانت أم عينية، وبعد تحصين هذه المرحلة، يُقدم استجواب لرئيس مجلس الوزراء مدعما بنتائج لجنة التحقيق متى ما ثبتت مسؤوليته السياسية، وإن سقط الاستجواب فحينها نكون قد استفدنا من إقرار تشريعات مكافحة الفساد على الأقل.
هذا الخيار هو الأنسب للمعارضة الجديدة بدلا من الدخول في مغامرة غير مأمونة النتائج تمثل باستجواب رئيس مجلس الوزراء مباشرة ربما يقود إلى حل المجلس أو استقالة الحكومة، فتسقط معها القضية ويخف الضغط على من يشتبه في أنه رشى أو ارتشى داخل المجلس.
إن سيناريو استجواب النائب فيصل المسلم لرئيس الوزراء حول قضية الشيكات (ديسمبر 2009) يتكرر أمامنا الآن، فقد انتهى بتأكيد ثقة الأغلبية النيابية لرئيس مجلس الوزراء، و”شرعن” بشكل غير مباشر ما اعتبره النائب مخالفة تستحق المساءلة، وخلق معادلة سياسية جديدة في البلاد مفادها “تقنين” المخالفات عبر إسقاط استجواباتها.
إننا اليوم أمام فرصة تاريخية لإقرار حزمة قوانين مكافحة الفساد قبل استجواب الرئيس، وعلى المتابعين مراقبة أداء النواب، فمنهم من يعمل بجد على تحقيق ذلك ومنهم من يريد تحويل القضية إلى حفلة صراخ انتخابي يفسر سبب اكتمال نصاب النواب بالشارع بينما تُلغى اجتماعات اللجان البرلمانية لعدم اكتمال النصاب.
تعليقات