مرحلة تحرير الكويت، برأى فهيد البصيري، هي بداية نهاية الدولة وليس بداية تعميرها

زاوية الكتاب

كتب 1772 مشاهدات 0





 
فهيد البصيري / فساد شعبي!
 
الحياة في الكويت أصبحت مضروبة، ففي كل يوم إضراب، وأصبحت الحياة بلا إضراب كالحياة بلا أمل، والإضراب رغم أنه تهديد بالتوقف عن العمل وتعطيل لمصالح عباد الله، فإنه مقبول ومهضوم في الدول الرأسمالية التي ترى فيه وسيلة طبيعية للمطالبة بحقوق العمال فيها، وبعد أن اكتشف العمال والموظفون فائدته الخطيرة، وفائدة فلسفته التي تقول: عليّ وعلى أعدائي، أصبح وسيلتهم المفضلة، وبدلاً من ضرب مسؤوليهم في العمل ضربوا العمل نفسه.
والإضراب حق مشروع لكل العاملين في الدولة وفي كل القطاعات ما عدا المتقاعدين الذين لا حول لهم ولا قوة، والإضرابات ليست مشكلة بذاتها ولكن الخشية من أن تتحول إلى حالة من الابتزاز النقابي والسياسي وهنا لا يمكن حلها لأنها ستتحول إلى ألاعيب سياسية تتوه فيها حقوق العمال الحقيقية.
ولحل المشكلة يجب علينا مرغمين العودة لجذور المشكلة وهي القاعدة الأساسية التي أقولها كل مرة وكررتها ألف مرة ولكن لا فائدة! وما يدهشني أن الأسس التي قامت عليها الكويت منذ نشأتها حتى ما قبل الغزو كانت ثابتة وراسخة وخاضعة لفلسفة بناء الدولة العصرية، وكنت كلما اطلعت على ما كتبه الرعيل الأول في التشريع والقوانين أتعجب من أنهم لم يتركوا شاردة ولا واردة إلا وتعرضوا لها، وقاموا بتسكينها في مكانها الصحيح، وعندما جاء الغزو، لم يدمر البنية الأساسية للكويت ولكنه دمر الشخصية الكويتية تماماً، وخلق نوعاً من الفلسفة الانهزامية التي نعاني منها اليوم، وسببها هو صراع مرير على السلطة وعلى استنزاف أموال الدولة و(على قدر ما تستطيع ان تشيل شيل!)، واستوطن الفساد في كل زاوية من زوايا الدولة وأصبح هو القاعدة ومحاولات الإصلاح ومراعاة المصلحة الوطنية هي السخافة والبلاهة بعينها! وبدأ كسر القوانين وتوزيع العطايا لاستمالة القلوب وجلب النفوذ واستمر الحال، وكانت مرحلة تحرير الكويت هي بداية نهاية الدولة وليس بداية تعميرها. ورغم أن الحياة الديموقراطية عادت إلا أن اغلب الأعضاء كانوا من صناعة المفسدين ومن المؤلفة قلوبهم. فأصبح الفساد ديموقراطيا وشعبيا مئة في المئة، فجرى التلاعب بأنظمة الدولة ومنها على سبيل المثال الرقيق نظام الرواتب، فتم ذلك عن طريق خلق أماكن للنخبة وأماكن للعامة تتم مساومة الأعضاء عليها، كبعض الهيئات الاقتصادية والقطاعات الاستشارية ولا داعي للتفصيل حتى لا تدعي هذه القطاعات والهيئات أنها سبب بقائنا على قيد الحياة. فبدأنا نسير عكس المنطق وعكس اتجاه سير دول العالم قاطبة، ففي حين تحاول هذه الدول محاربة الإنفاق غير المبرر، نقاتل نحن في الكويت من أجل تعميم الرشوة والخضوع للابتزاز السياسي وإفساد العباد! والمصيبة أن لا أحد يلتفت إلى حقيقة أن الكويت ليس لها من موارد الدنيا إلا النفط، والدول التي تعيش على سلعة وحيدة تعني في الأعراف الاقتصادية أنها تعيش في خطر دائم، ويعني بصريح العبارة أن فناء الدولة مصير محتوم، ما لم يتم تدارك ومعاجلة هذه المشكلة، وبدلاً من أن نحفظ القرش الأبيض لليوم الأسود ونحسب حساب ذلك اليوم (الأقشر) والذي هو آت لا ريب فيه، بدأنا نسابق الزمن على خراب بيوتنا.
فلا يلوم أحد المضربين ما دام ميزان العدل مفقودا، والمعايير أصبحت مقلوبة، والبقاء للأغنى! ولا يهم إن استطاعت الدولة الدفع أو لم تستطع، فذلك شأنها، وليس هناك قاعدة يمكن العودة إليها، ولا قانون يحتكم إليه الجميع، ولا مجلس يستطيع التشريع، والحكم لله ثم للشارع وعلى الجميع الخضوع لحكمة رجل الشارع بعد أن غابت الحكمة عن المجلس وعن الحكومة.


فهيد البصيري
 

الراى

تعليقات

اكتب تعليقك