الحرية الاجتماعية (الليبرالية) والحرية السياسية (الديموقراطية) لاحل للبشرية غيرهما، أبى من أبى، ورضي من رضي.. باسل الزير
زاوية الكتابكتب سبتمبر 24, 2011, 11:48 ص 1843 مشاهدات 0
نهاية التاريخ ونهاية الطغاة
كتب باسل الزير :
لم يكن للفيلسوف الألماني العظيم هيغل هذا الحضور العنيف في السياسة الدولية الحالية، إلا بعدما تم عرضه كتحليل للوضع العالمي الجديد، في مقال أصبح في ما بعد كتاباً للمنظر البروفيسور فوكوياما في كتابه الشهير «نهاية التاريخ»، الذي هو أشبه بنبوءات المستقبل للأنظمة الدكتاتورية البالية في العالم الحديث، حيث استشهد فوكوياما بمقولة هيغل بأن العالم يسير نحو الحقيقة والعقلانية، أي أن العالم ينساق إلى تقبل الحرية الاجتماعية (الليبرالية)، والحرية السياسية (الديموقراطية) كحل ومطلب بشري تجري بها الأمم، أبى من أبى، ورضي من رضي. فمن خصائص التاريخ أنه كالكائن الحي ينمو ويتطور ويتغير، ولابد أن يصل إلى نهاية حتمية، كما قال كلا الفيلسوفين هيغل وماركس، فهو عند هيغل ينتهي بنظام رأسمالي ليبرالي، وعند ماركس بنظام شيوعي اشتراكي. ولا شك في أن العوامل التكنولوجية وتجليات العولمة وثورات الاتصال ساعدت على تغيير ثقافات الشعوب، وزادت من سرعة تحرك قطار التاريخ نحو التنوير ومطالبات الشعوب بحقوقها وحريتها، وآية ذلك ما نشهد من ثورات عربية أطاحت بطغاة مكثوا على صدور الشعب سنوات طوال. ولا جرم أن الربيع العربي يعيش في بيئة صحراوية يغلب عليها الحر والقر والسموم، فلست متفائلاً جداً بالثورات العربية بشكل عام، فإن كانت نسمات الربيع لا تطول في بيئة عاشت لسنوات عدة على الطغيان الاجتماعي والأسري والثقافي، وتشربته عقولنا ونفوسنا، فمن الصعب الفطام على من تجرع الطغيان ليلاً ونهاراً.
فليس الطغيان حكراً على الأنظمة السياسية فقط، بل هناك الطغيان في المناصب القيادية، وعدم الزحزحة عنها إلا بعزرائيل، وهناك سيطرة قوى معينة على الجوانب الإدارية، وعلى جمعيات النفع العام بانتخابات صورية يظل فيها الرئيس ملتصقاً بالكرسي، ناشباً فيه إلى يوم الدين، فهذا شكل من أشكال الطغيان، بل قد يكون أسوأ وأشد نكاية بالناس، فهو ملتصق بحياتهم اليومية.
إذن ليس الطاغية هو الحاكم بأمر الله، من يقتل ويسفك الدماء لمن خالفه على سيادته للبلاد، بل قد يكون الطاغية رئيسك في العمل، ومعلمك في الصف، وجارك الذي بجانب الباب، وقد يكون أختك التي تظلم خادمتك ليلاً ونهاراً، أو أخاً يقمع أخاه، أو صديقاً لا يتيح لك الكلام.
يقول الشاعر الأديب جبران خليل جبران:
«وقاتل النفس مقتول بفعلته... وقاتل الروح لا تدري به بشر»
لقد تمسكنا بشطر البيت الأول وأزلنا الطغاة، فيا ترى متى نزيح قاتلي الأرواح الذين يعيشون بيننا، وفي زقاق حياتنا اليومية؟!
لكنه حلم طويل قد يمتد لسنوات.
تعليقات