رئيس الوزراء في الجمعية العامة للأمم المتحدة
محليات وبرلماننحو تعزيز والارتقاء بأداء المنظمة، وما نشهده بالشرق الأوسط ينذر بمزيد من التدهور لأمن المنطقة
سبتمبر 22, 2011, 9:07 م 2734 مشاهدات 0
ألقى ممثل حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى حفظه الله ورعاه سمو الشيخ ناصر المحمد الاحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء اليوم كلمة دولة الكويت أمام الدورة ال66 للجمعية العامة للامم المتحدة.
وفيما يلي نص الكلمة:-
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد واله وصحبه اجمعين
السيد الرئيس ..
أصحاب الجلالة والسمو ..
أصحاب الفخامة ..
أصحاب المعالي ..
سعادة المندوبين الدائمين والسفراء ..
السيدات والسادة ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
يسرني باسم حكومة وشعب دولة الكويت أن أتقدم اليكم شخصيا بأخلص التهاني لانتخابكم بالاجماع رئيسا للدورة السادسة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة والذي يمثل اعترافا وتقديرا للمكانة البارزة لدولة قطر الشقيقة والتي تربطها ببلدي الكويت روابط وثيقة وعلاقات متميزة.
واني على ثقة بأنكم ستديرون أعمال هذه الدورة بما يحقق لها النجاح المنشود.
كما نود أن نشيد بجهود سلفكم السيد جوزيف دايس على رئاسته المتميزة وادارته الناجحة لأعمال الدورة الماضية.
كما نهنىء سعادة بان كي مون على اعادة انتخابه أمينا عاما للأمم المتحدة ونتمنى له دوام التوفيق.
لقد أسعدنا انضمام دولة جنوب السودان الى الأمم المتحدة هذه الدولة التي اعترفت بها الكويت في أول يوم من استقلالها واننا واثقون أن حكومتها وشعبها الشقيق الذي نعتز بروابطنا معه سيحققون الأمن والاستقرار والتنمية الاقتصادية لبلدهم.
السيد الرئيس ...
ان أهمية منظمتنا هذه أصبحت وبدون شك تزداد مع مرور الوقت فالساحة الدولية شهدت خلال العقود الستة الماضية الكثير من الأحداث والتطورات التي كان لها تأثير مباشر على السلم والأمن الدوليين واستطاعت الأمم المتحدة باعتبارها أكثر الآليات الدولية متعددة الأطراف شرعية ومصداقية واستقلالية أن تكون الملاذ الآمن للدول الأعضاء للبحث عن حلول جماعية وموحدة لمواجهة عدد من المشاكل والأزمات فهناك قناعة بأن دولة بمفردها مهما كانت امكاناتها وقدرتها لا تستطيع التصدي لمخاطر كالارهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل وظاهرة التغير المناخي والأوبئة والجريمة المنظمة وغيرها من التحديات التي لم تعد الحدود الجغرافية والوطنية حاجزا لانتقالها وانتشارها وتأثيرها بل أنه في السنوات الأخيرة تعاظم دور الأمم المتحدة خصوصا في مواجهة ما نشهده من كوارث انسانية سواء كانت من صنع الانسان أو الطبيعة ولعل آخر مثل على ذلك ما تعرضت له مؤخرا منطقة القرن الأفريقي من مجاعة بسبب الجفاف وأعمال العنف وتصدي الأمم المتحدة وحشدها للمساعدات الانسانية وتقديمها للمحتاجين ساهم في تخفيف المعاناة وانقاذ أرواح الملايين.
ان هذه الأهمية المتعاظمة للأمم المتحدة في عالمنا اليوم تستوجب تحسين قدرة المنظمة وتعزيزها والارتقاء بأدائها الأمر الذي يستلزم اتخاذ اجراءات وتدابير لاصلاح أجهزتها الرئيسية كالجمعية العامة ومجلس الأمن والمجلس الاقتصادي والاجتماعي وتطوير آلياتها لتمكينها من أداء مهامها ومسؤولياتها بكفاءة وفعالية وبالتالي تقع على عاتق جميع الدول الأعضاء مسؤولية دعم ومساندة المنظمة والالتزام بتنفيذ قراراتها وتوفير الموارد المالية اللازمة لها في الوقت المحدد ودون أية شروط ففي المحصلة النهائية ان قوة الأمم المتحدة انعكاس لمدى دعم أعضائها لأهدافها السامية وتلبية احتياجاتها.
السيد الرئيس ...
ان ما تشهده منطقة الشرق الأوسط حاليا من تطورات وأحداث هو مبعث للقلق الشديد وينذر بمزيد من التدهور لأمن المنطقة واستقرارها فاستخدام القوة وأعمال العنف التي راح ضحيتها الآلاف لابد أن تتوقف حقنا للدماء ولابد أن تتم الاستجابة للمطالب المشروعة للشعوب وتنفيذ اصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية جادة وسريعة وتدعم دولة الكويت في هذا الصدد جميع الجهود الداعية الى الحوار والتفاهم ونبذ العنف.
وتحرص دولة الكويت على تعزيز وتطوير علاقاتها مع جيرانها على أسس ثابتة ومتينة تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والارتقاء بالعلاقات الى المستوى الذي تطمح له شعوب المنطقة وفي هذا السياق تدعو دولة الكويت جمهورية ايران الاسلامية الى اتخاذ تدابير جادة وحقيقية لبناء الثقة تتمثل بالالتزام بقرارات الشرعية الدولية والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتبديد المخاوف والشكوك حيال برامجها النووية والتعاون الايجابي لحل النزاع حول الجزر الاماراتية المحتلة وفقا لمبادئ وقواعد القانون الدولي.
السيد الرئيس ...
احتفلت دولة الكويت هذا العام بالذكرى الخمسين لاستقلالها والذكرى العشرين لتحريرها من الاحتلال العراقي الصدامي هذا التحرير الذي اعتبر بحق واحدا من أبرز نجاحات الأمم المتحدة في سعيها لردع العدوان وازالة آثاره استنادا الى مبادىء الميثاق وقرارات الشرعية الدولية.
كما ستحتفل الكويت في شهر نوفمبر القادم بمرور خمسين عاما على صدور دستورها والذي قنن الديمقراطية التي جبلت عليها الكويت منذ تأسيسها وهو يعتبر أحد ابرز انجازات الكويت نظاما وشعبا وهذه كلها مناسبات تاريخية لدولة صغيرة محبة للسلام مؤمنة بمبادىء وأهداف الميثاق والقانون الدولي مستندة في علاقاتها على مبادىء احترام السيادة والاستقلال وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير وحل كافة الخلافات بالطرق والوسائل السلمية.
وتحرص دولة الكويت على تجاوز ذكرياتها الأليمة من خلال اقامة علاقات وثيقة يسودها التعاون والاحترام المتبادل وحسن الجوار مع جمهورية العراق الشقيق الذي نأمل أن يعمه الاستقرار والتنمية ويحقق مزيدا من التقدم في مساعيه وجهوده لفرض الأمن واعادة بناء اقتصاده الذي دمره النظام السابق بسياساته العدوانية والتوسعية ونجدد هنا التزامنا بتقديم كافة أشكال الدعم لمساعدة العراق على تنفيذ الالتزامات الدولية المتبقية عليه التي نصت عليها قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وبما يمكن العراق من استعادة دوره في محيطه الاقليمي والدولي.
السيد الرئيس ...
لقد مضت أكثر من ستة عقود والأمم المتحدة تقف عاجزة عن ايجاد حل للقضية الفلسطينية وانهاء الاحتلال الاسرائيلي للأراضي العربية بل ان معاناة الشعب الفلسطيني تتفاقم مع مرور السنين فأوضاعه الاقتصادية والاجتماعية تزداد سوءا فالمستوطنات تتوسع والأراضي تصادر والمياه تسرق ومناطقه تحاصر وتنقلات شعبه تقيد وأبناؤه يعتقلون وما يبعث على القلق أن المجتمع الدولي يقف متفرجا على هذه الممارسات والسياسات الاسرائيلية دون أن يتصدى لها أو يردعها رغم مخالفتها وانتهاكها الصريح لأبسط قواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وتقويضها لفرص تحقيق السلام ولعل الممارسات غير الانسانية التي تمارسها اسرائيل ضد الأخوة في غزة من حصار غير مبرر على الاطلاق وتدمير متعمد للبنية التحتية رغم الاستنكار الدولي المستمر ضده هذه الأعمال لهي أوضح الأمثلة على عدم اكتراثها بمسؤولياتها وبالرأي العام العالمي.
ان المجتمع الدولي مطالب بمواصلة مساعيه وجهوده والضغط على اسرائيل لتمكين الشعب الفلسطيني من حصوله على حقه في تقرير مصيره واقامة دولته المستقلة على أرضه وعاصمتها القدس الشرقية وانهاء الاحتلال الاسرائيلي من كافة الأراضي العربية المحتلة في الرابع من يونيو 1967 بما في ذلك الجولان السوري ووقف انتهاكاتها المستمرة لسيادة لبنان والانسحاب من كافة أراضيه المحتلة.
ونجدد هنا التزامنا ودعمنا الكامل لمطالب السلطة الفلسطينية ومساعيها للحصول على عضوية الأمم المتحدة كدولة مستقلة ذات سيادة كاملة العضوية.
السيد الرئيس ...
ترحب دولة الكويت بالتقارير الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة ووكالاتها حول ما تحقق من الأهداف الانمائية للألفية التي اعتمدتها القمة العالمية سنة 2005 ويحق لنا جميعا أن نفخر بالانجازات التي تحققت في مجال انخفاض عدد المصابين بمرض نقص المناعة المكتسبة (الايدز) وتوفر الدواء لأعداد أكبر من المصابين بهذا المرض والأمراض المعدية الأخرى كالملاريا والسل.
ولكن ورغم هذه الانجازات مازال هناك الكثير الذي يجب علينا جميعا عمله فالانجازات غير متوازنة ومتفاوتة بين دولة وأخرى وهناك الكثير من المؤشرات التي تؤكد عدم قدرة بعض الدول على الوصول الى أهداف الألفية الانمائية بحلول عام 2015 لأسباب عديدة لعل أبرزها الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية التي طالت آثارها وانعكاساتها السلبية أغلب الدول كبيرها وصغيرها غنيها وفقيرها ولكن الدول النامية والدول الأقل نموا وبسبب ضعف وهشاشة اقتصادياتها عانت الكثير فقد تباطأ نموها الاقتصادي وانخفض حجم صادراتها وارتفعت معدلات البطالة فيها وفي المقابل ارتفعت أسعار المواد الغذائية والمواد الأساسية مما فاقم من آثار الأزمة اقتصاديا واجتماعيا وما كاد العالم يتعافى من هذه الأزمة حتى ظهرت بوادر أزمة أخرى تهدد النمو الاقتصادي العالمي من جديد وتتمثل في مشكلة الديون السيادية للولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية.
ان المجتمع الدولي مطالب بالمضي قدما في اعادة هيكلة المؤسسات المالية الدولية لضمان مواءمتها مع الواقع الدولي وتحسين قدرتها على أداء مهامها بكفاءة وفعالية وجعلها أكثر تمثيلا وانصافا للدول المحتاجة لدعمها.
ان العالم اليوم بحاجة ماسة لنظام تجاري عالمي عادل ومتوازن ومنصف يردم الفجوة الهائلة بين الدول ويحقق المنفعة المتبادلة ويساعد على دمج اقتصاد الدول الفقيرة بالنظام الاقتصادي العالمي كما أن الدول المتقدمة لابد أن تفي بالتزاماتها وتزيد من مساعداتها التنموية الرسمية وصولا الى النسبة المقررة دوليا وهي 7ر0 بالمائة.
وفي هذا السياق فان دولة الكويت لم تأل جهدا في تقديم المساعدات الانسانية الطارئة للدول المنكوبة من الكوارث الطبيعية والاستجابة لنداءات الأمم المتحدة ووكالاتها للتخفيف من معاناة شعوب هذه الدول وايمانا منها بأهمية دور الأمم المتحدة في مجال العمل الانساني زادت دولة الكويت من مساهماتها الطوعية لعدد من المنظمات والوكالات الدولية المتخصصة كالمفوضية العليا لشؤون اللاجئين وصندوق الأمم المتحدة المركزي للطوارىء واللجنة الدولية للصليب الأحمر.
ورغم أن الكويت دولة نامية الا أنه ومنذ استقلالها عام 1961 خطت لنفسها نهجا وسياسة ثابتة بالوقوف الى جانب الدول النامية والدول الأقل نموا من خلال تقديم يد العون والمساعدة الانسانية والتنموية لها حيث استفادت أكثر من 100 دولة من مختلف مناطق العالم من مساعدات تجاوزت قيمتها 15 مليار دولار.
ولقد أطلق أمير دولة الكويت مبادرات عدة هي مبادرة الحياة الكريمة ومبادرة دعم وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومبادرة أعمار شرق السودان وذلك للتخفيف من معاناة العديد من الدول التي تأثرت بارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة وتلك التي تأثرت اقتصادياتها بالأزمة المالية العالمية وارتفعت فيها معدلات البطالة ومستوى الفقر ولقد استفادت فعليا العديد من الدول من تلك المبادرات.
السيد الرئيس ...
تمكنت الأمم المتحدة ومن خلال المؤتمرات العديدة التي قامت بتنظيمها والاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي أبرمتها والقرارات والبيانات التي اعتمدتها من توحيد رؤانا وتوجيه مساعينا وحشد طاقاتنا وامكانياتنا لتعزيز العمل المشترك لمكافحة الفساد وتعزيز سيادة القانون والحكم الرشيد واحترام حقوق الانسان وتعزيز دور المرأة وتمكينها في المجتمع ونتطلع الى دور دولي أكثر فاعلية في اطار مبادرة تحالف الحضارات لتكثيف الحوار بين مختلف الحضارات والأديان والثقافات لنشر قيم التسامح والاعتدال والاحترام المتبادل ونبذ مظاهر العنف والتطرف التي تقوض وتقلل من فرصنا للتعاون معا لنشر ثقافة السلام وتحقيق المبادئ والأهداف السامية التي نص عليها ميثاق منظمتنا.
وشكرا السيد الرئيس.
تعليقات