سلطة 'بورسلي' ومفوضي هيئة 'سوق المال'
زاوية الكتابعبداللطيف راضي يخص ((الآن)) برأي قانوني حول سلامة وصحة تعيينهم
كتب سبتمبر 11, 2011, 4:33 م 3600 مشاهدات 0
خص الزميل عبداللطيف راضي الذي صدر له مؤخرا كتاب بعنوان 'فهم الدستور ومنهج التفسير' بدراسة تتناول فيها الموضوع المعلق بشأن مصير الأعضاء الثلاثة في مجلس مفوضي هيئة سوق المال وسلطة وزير التجارة والصناعة الدكتورة أماني بورسلي تجاه اختيارهم، وذلك استعراضا للأمر من المبادئ المستقرة في القضاء الإداري لحالات متطابقة:
دراسة من إعداد عبداللطيف راضي:
لا يزال الجدل قائم دون حسم في مسألة مدى سلامة وصحة تعيين ثلاثة من أعضاء مجلس مفوضي هيئة سوق المال والذي عينوا في ظل عدم تفرغهم بحسب ما ينص عليه القانون 7 لسنة 2010 ودون استقالتهم من مؤسسات اقتصاديه يعملون بها حظر القانون سالف الذكر جمعهم لتلك المناصب مع عضوية مجلس المفوضين بما يستلزم معه إيضاح بعض الجوانب القانونية والقضائية المرتبطة بمدى سلامة التعيين والإجراء الذي يتخذ سواء بالإلغاء أو السحب لمرسوم التعيين وذلك بحسب ما يستبان من التشريعات القانونية الكويتية والمبادئ القضائية لمجلس الدولة المصري والمحكمة الإدارية العليا .
ومن خلال التشريعات والأحكام القضائية فان القرارات الإدارية وان صدرت خاطئة إلا أنها تتحصن بمضي ميعاد محدد كي يتحقق الاستقرار للمراكز القانونية بما لا يمكن من بعد ذلك إلغائها أو سحبها , إلا أن هناك حالات استثناء لا تخضع لمواعيد التحصين كما هو الحال لتعيين الأعضاء الثلاثة ومن ذلك ما نستعرضه على ضوء الأحكام القضائية الإدارية.
بداية ننوه إلى حدود سلطة واختصاص وزير التجارة والصناعة الدكتورة أماني بورسلي تجاه اختيار مجلس مفوضي هيئة سوق المال حيث استقرت المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 5316 و5942 جلسة 25/3/2001 بالقول : معايير المفاضلة تدق كثيرا عند اختيار من يترشح لشغل الوظيفة العليا الوحيدة التي تقف على قمة السلم الوظيفي لمصلحة أو هيئة عامة أو أي جهاز إداري مستقل وحيث يتحمل شاغل الوظيفة غالبا مهمة التمثيل القانوني والفعلي للمنطقة الإدارية , إذ لا يقتصر مفهوم الصلاحية في ذلك المنصب القيادي على مدى كفاية المرشح وقدراته الفنية وحسن أدائه لعمله اليومي في الجهة التي يعمل بها , فذلك أمر يمكن أن يقوم به بكفاءة واقتدار اغلب شاغلي الوظائف العليا في تلك الجهة , وإنما ينبغي أن يجاوز ذلك إلى قدرة المرشح على الاضطلاع بمهام منصبه في قيادة المنظمة الإدارية في مواجهة المنظمات الأخرى المناظرة والتنسيق بينهما في إطار السياسة العامة للدولة التي يتولى الوزير المختص تنفيذها مستهدفا المصلحة العامه , ويكون مسئولا عنها مسئولية سياسية أمام الأجهزة الشعبية والرقابية , الأمر الذي يتعين معه الاعتراف للوزير المختص بسلطة تقديرية اوجب في اختيار من يمثله على رأس الأجهزة التابعة له ويضع في عنقه أمانة المسئولية التي سوف يتحملها هو أمام أجهزة الدولة . وإلا تحملت السلطة المختصة في التعيين مسئولية لا قبل لها بها ولا سلطان لها عليها , وتلك حال لا يتصور أن تكون , فلكي يكون عن قاعدة قانونية عادلة في الاختيار يتعين أن تكون المسئولية حيث تكون السلطة , وان تقع الأولى بقدر ما تمنح الثانية , ومن ثم وجب لكي تكون السلطة المختصة مسئولة إداريا وسياسيا عن الأجهزة التابعة لها مسئولية كاملة أن تمنح السلطة الكاملة في اختيار الأصلح لشغل الوظيفة الوحيدة التي تقف على رأس العمل في كل جهاز من تلك الأجهزة ولها في هذا المجال أن تصطفي من الأكفاء فنيا أقدرهم إداريا على قيادة هذه الأجهزة والتنسيق مع الأجهزة الأخرى المناظرة ومواجهة غيرها من الأجهزة لتحقيق التناغم الإداري المطلوب ولا يتحقق ذلك إلا إذا تأكدت السلطة المختصة في المرشح من قدراته الذهنية وتوجهاته الفكرية ومواهبه القيادية وهي عناصر تستمدها من مصادر مختلفة قد تضن عيون الأوراق عن الإشارة إليها , ولا يعني استبعاد احد العناصر من التعيين في تلك الوظائف انتفاء الكفاءة في حقه فليس ذلك هو محل المفاضلة أو الاختيار الذي يستمد أساسا من القدرة على الملاءمة والانسجام مع مختلف الأجهزة الإدارية التي تتولى جميعها في منظومة واحدة تنفيذ سياسة واحدة هي السياسة التي تعتمدها الدولة تحقيقا للمصلحة العامة .
وفي مدى سلامة القرار الإداري فان المحكمة الإدارية استقرت في الحكم 226 بتاريخ 15-4-1967 'انه من المسلم أن القرار الإداري يبطل لعيب في الشكل إذا نص القانون على بطلان القرار عند إغفال الإجراء الشكلي أو كان الإجراء جوهريا في ذاته بحيث يترتب على إغفاله بطلان القرار بحسب مقصود الشارع من جعل هذا الإجراء واجبا'
وجاء في الطعن 2423 بتاريخ 9-5-1987 ' إن الغش يفسد كل شيء – التدليس عمل قصدي يتوافر باستعمال صاحب الشأن طرقا احتيالية بنية التظليل للوصول إلى غرض غير مشروع – يدفع الإدارة فعلا إلى إصدار قرارها – الطرق الاحتيالية إما أن تكون طرقا مادية كافية لإخفاء الحقيقة أو عملا سلبيا محضا يتمثل في صورة كتمان صاحب الشأن عمدا بعض المعلومات الأساسية التي تجهلها جهة الإدارة ولا تستطيع معرفتها ويؤثر جهلها تأثيرا جوهريا في إرادتها – مناط ترتيب التدليس أثره في إبطال التصرف أن يكون التدليس صادرا من المستفيد – يكفي في هذا الشأن ثبوت علم المستفيد بهذا التدليس أو أنه كان من المفروض حتما أن يعلم به – أساس ذلك : ألا يضار المستفيد من فعل غيره – فكرة التدليس تقوم على معاقبة المدلس ذاته وحرمانه من الاستفادة من ناتج عمله .'
وقضت المحكمة في الطعن 1520 بتاريخ 2-1-1966 'إن السحب الإداري والإلغاء القضائي كليهما جزاء لمخالفة مبدأ المشروعية يؤدي إلى إنهاء القرار بأثر رجعي اعتبارا من تاريخ صدوره'
وجاء في الحكم بالطعن 1093 بتاريخ 12-6-1966 'متى كانت هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية قد حددت من قبل من تتجه إليه نيتها للتعيين في وظائف ملاحظي المراجعة فاشترطت في المعين أن يكون حاصلا على شهادة الدراسة الثانوية أو ما يعادلها أو بعبارة أخرى كان تحديد النيه من قبل بحسب هذه الشروط هو الأساس لإصدار القرار بتعيين أشخاص المعينين بذواتهم . فلا يعدو أن يكون قرار التعيين إجراء تطبيقا لنيه حددت من قبل . ومن ثم فانه إذا تضمن قرار التعيين شخصا عين على زعم أنه يتوافر فيه شرط المؤهل على حين أنه فاقده وجب اعتبار قرار التعيين بالنسبة إليه فاقدا ركن النيه على وجه يهبط به إلى الانعدام فلا يكتسب أية حصانه ويجوز سحبه أو إلغاؤه في أي وقت '
وقضت المحكمة الإدارية العليا في الطعن 431 بتاريخ 18-2-1967
'انه ولئن كان إدراج اسم المدعي ضمن الطلبة الناجحين في امتحان البكالوريوس يرجع إلى خطأ وقعت فيه الكلية – إلا أن هذا الخطأ قد اقترن بمسلك غير قويم من جانبه إذ على الرغم من علمه بما تردت فيه الكلية من خطأ وبأنه في الحقيقة لا يعتبر ناجحا ولا يحق له التقدم بمشروع البكالوريوس , فانه اتخذ موقفا سلبيا وسكت عن واقعة رسوبه وكان جديرا به أن يبصر الكلية بحقيقة وضعه وألا يلتزم الصمت في موطن كان يتعين عليه أن ينبهها إلى خطئها – لا أن ينتهز فرصة هذا الخطأ للإفادة منه بتقديمه مشروعه للحصول على شهادة البكالوريوس دون وجه حق – فموقفه لم يكن بريئا من كل ريبة بل لقد انطوى على مسلك يقارب الغش ويكاد يرقى إلى مستواه .'
وجاء في الحكم أيضا : انه لما كان القرار الصادر في 5 من نوفمبر سنة 1962 والمتضمن منح المدعي شهادة البكالوريوس قد صدر إعمالا لسلطة مقيدة بأحكام اللائحة الداخلية لكليتي الفنون الجميلة بالقاهرة والإسكندرية واقترن صدوره بمسلك غير قويم من جانب المدعي يكاد يقارب الغش وانطوى على مخالفة للقانون في أمر وثيق الصلة بالنظام العام – فانه يجوز سحبه متى استبان وجه الخطأ فيه دون التقييد بالميعاد المقر للطعن القضائي
وجاء في الحكم بالطعن 40 بتاريخ 29-6- 1976 ' إلا أن دواعي المصلحة العامة أيضا تقضي أنه إذا صدر قرار فردي معيب من شأنه أن يولد حقا فان هذا القرار يجب أن يستقر عقب فترة معينه من الزمن بحيث يسري عليه ما يسري على القرار الصحيح الذي يصدر في الموضوع ذاته , وقد استقر الرأي على تحديد هذه الفترة بستين يوما من تاريخ نشر القرار أو إعلانه قياسا على مدة الطعن القضائي , بحيث إذا انقضت هذه الفترة اكتسب القرار حصانة تعصمه من أي إلغاء أو تعديل ويصبح عندئذ لصاحب الشأن حق بقرار لاحق يعد أمرا مخالفا للقانون يعيب القرار الأخير ويبطله , إلا أن ثمة استثناءات من موعد الستين يوما هذه تتمثل أولا فيما إذا كان القرار المعيب معدوما أي لحقت به مخالفه جسيمه للقانون تجرده من صفته كتصرف قانوني لتنزل به إلى حد غصب السلطة وتنحدر به إلى مجرد الفعل المادي المنعدم الأثر قانونا ولا تلحقه أي حصانة . وثانيا فيما لو حصل احد الأفراد على قرار إداري نتيجة غش أو تدليس من جانبه إذ أن الغش يعيب الرضاء ويشوب الإرادة – والقرار الذي يصدر من جهة الإدارة نتيجة هذا الغش والتدليس يكون غير جدير بالحماية بهذه الأحوال الاستثنائية التي توجب سحب القرار دون التقيد بموعد الستين يوما فتصدر جهة الإدارة قرارها بالسحب في أي وقت كان حتى بعد فوات هذا الموعد '
تعليقات