حوار مع السلطان ..
زاوية الكتابكتب أغسطس 23, 2011, 6:50 ص 2311 مشاهدات 0
فن المقامة لمن لا يعرفه هو ذلك الفن الجميل، بإختصار شديد، المقامات فن من فنون الكتابة العربية ابتكره بديع الزمان الهمذاني، وهو نوعٌ من القصص القصيرة تحفل بالحركة التمثيلية، ويدور الحوار فيها بين شخصين، ويلتزم مؤلفها بالصنعة الأدبية التي تعتمد على السجع والبديع.
التعريف : هي عبارة عن كتابة مسجوعة حسنة التأليف، تتضمن نكته أدبية،
تدور على رواية لطيفة مختلقة تنسب إلى بعض الرواة .
مؤسسها : بديع الزمان الهمذاني المتوفِّي عام (398)هـ حيث كان أول من فتح
بابها، وسلك طريقها، واشتهر من بعده الحريري المتوفِّي عام (516)هـ.
وهذه احد تجاربي بهذا الفن من الكتابات:
حوار مع السلطان ..
في ليل أكحل وعتيم صادفت ذاك الرجل الحكيم ذو الخلق القويم فلما رأيته سألته ماذا تصنع ؟
فقال لي : أسمع وأنصت ! فقلت له أنجز وأختصر فقد لا تنتصر فقال الوضع عسير والحال مرير
فقلت ما بعد العسر الا اليسر وما بعد الداء الا دواء فيه شفاء فقال ما بال قومي يريدون الحصاد
قبل أن يزرعوا ويحبون المال فلا يقنعوا فقلت شريعة الله وحب الرسول فإزرع وإجني المحصول
فوالله ستلقى القبول فقال ويح من قال ولم يفعل ومن نصح ولم يفلح ومن صام فلا قام ولا صلى
فقلت الهر له حق على الهريرة والحر له حقوق كثيرة فقال لقد أصبت كبد الحقيقة فإن قصرت فهو
من الشيطان وإن أصبت فهو من الرحمن المنان رب الإنس والجان فقلت لم يمت من كان له ذكر
حتى وإن مات ولده البكر فقال حدثني عن أحقر الناس فقلت من عامله الناس بإحترام ثم رماهم
بالسهام فهو كمن أكل من إناء ثم كسره لكي لا يستعمله أحد بعده فقلت حدثني أنت أطال الله في
عمرك وعمر من بعدك وأطال حكمك وأنار قلبك وأظهر عدلك وأفنى ظلمك الشــ .. فقال مهلك مهلك
ترفق بالحديث لكي لا تهلك فقلت إنما الحكم لله دعني أكمل رعاك الله حدثني عن أحقر الخلفاء
فقال من سكت عن الفتنة ولا يعلم مداها ولا صداها فهو ينام في مكان ويأكل في مكان يطير كالطيور
ويغرد كالعصفور إذا جلس في مجلسه أصاب جلده حكة ويستشير أهل الحنكة فينصحوه بتغير
الأجواء فيذهب إلى مشتهى النفس وقومه بين الرمح والفأس فقلت لقد وصفت فأصبت ليس لي بعد ذلك
من كلام ولك بعد التحية السلام فقال لن أتركك وحدك فأنا مسؤول عنك وعن أهلك فلا تقم أجلك بيدك
بل أقم بيتك بساعدك فأنت محكوم ولست بمذموم جارك قبل دارك إما دافع عن عرضك وإما
أعرض عنك وقت الحاجة فلا تستطيع أن تطيع رغبة الشيطان فهو للإنسان كالقطران يستنزف حياتك
ليقرب مماتك فقلت إن الحدق لا يعلو على الحاجب والحق لا يحجب بالمصائب
فقال ختام اللقاء بعد تنفس الصعداء خير الصلاة على خير الأنام
تعليقات