كويتي بالصحافة العراقية
زاوية الكتاببن طفلة يكتب لإيصال وجهة النظر الكويتية
كتب أغسطس 21, 2011, 1:21 م 3414 مشاهدات 0
بدأ الدكتور سعد بن طفلة- ناشر - بنشر مقالات له بصحيفة المدى العراقية اعتبارا من اليوم، وبين بن طفلة في أول مقال له 'كويتي في الصحافة العراقية' أن هدفه من الكتابة العراقية خلق جسر للتفاهم وإيصال وجهة النظر الكويتية عبر نافذة صحيفة المدى العراقية.
وتعد المدى من أكثر الصحف العراقية انتشارا في العراق وتمثل الخط المدني المعارض للمحاصصة الطائفية والفساد، ويرأس تحريرها الشخصية العراقية المعروفة الدكتور فخري كريم كما ينوب عنه برئاسة التحرير الصحافي العراقي المعروف عدنان حسين الذي عمل بصحيقة صوت الكويت أثناء الاحتلال العراقي للكويت وعمل مديرا للشرق الأوسط وكان يعمل في الكويت قبل شهور بصحيفة 'أوان' الكويتية مديرا لتحريرها.
وقد كتب بن طفلة اليوم:
كويتي في الصحافة العراقية
حين طلب مني الأصدقاء الكتابة في 'المدى'، لم أتردد في قرارة نفسي بالموافقة، لأنها فرصة للتخاطب مع الإنسان العراقي من خلال واحدة من أكثر الصحف العراقية اتزانا وموضوعية وجرأة ومدنية، ولكن حيرة انتابتني مما سأكتب وخاصة في أول مقالة. إنها نافذة كويتية هامة على الداخل العراقي الذي 'صار لطول المجافاة حلما، ولكن به دجلة والفرات' كما يقول الشاعر العراقي مظفر النواب- شافاه الله. إنها فرصة لترجمة ما أردده دوما مع كثيرين: لا بد من التعايش السلمي والتعاون على كافة المستويات بين العراق والكويت، هذا هو المنطق العقلاني وهذا هو قدر الجارين. نعم، إنني- مثل غالبية بين الكويتيين والعراقيين- أؤمن بضرورة طي صفحات الماضي، وتجاوز جراحات الاحتلال والتفكير بمستقبل أطفال البلدين، والتعايش بين الجارين، صحيح بأن الأغبياء فقط هم من يكررون أخطاء وخطايا الماضي، والأصح أن تكرار أحداث الماضي يعني تكرار تبعاتها، وعليه فإن تجاوز الماضي لا يعني تجاهل الدروس وعدم الاستفادة منها، فذاك هو الحمق بعينه، فلقد دفع الطرفان أثمانا باهضة من الدم والمعاناة والحروب وويلاتها بسبب عقلية الماضي الشمولية، وبسبب مصادرة الآراء المختلفة حول ما قد ينشأ بين البلدين من تباينات أو خلافات.
ولكي لا يظن القاريء العراقي الكريم أن في هذه المقدمة مجاملة له، فإن إيماني بأهمية التعايش بين البلدين وبناء علاقات كويتية-عراقية على أسس عصرية وشفافة وحديثة، مسألة وطنية كويتية بالنسبة لي قبل كل شيء، فككويتي أرى أن علاقة مستقبلية بناءة بين البلدين هي قضية وطنية في صالح بلدي أولا وفي صالح العراق كذلك.
أعرف أن الطريق طويل، وأن أجندات خارجية ستعمل على عرقلة بناء علاقات عراقية-خليجية متينة وعراقية-عربية بشكل عام، وقد ترى هذه الأجندات الخارجية في ماضي علاقات الكويت والعراق المؤلم، مجالا خصبا لإثارة المشاكل والقلاقل المبرمجة، ولعمل ذلك ستعمد دوما لافتعال أزمات إعلامية مع الكويت مثلما يجري هذه الأيام بالضجة الغير مبررة حول ميناء مبارك، ومحاولة خلق مشاكل لن تخدم أي من الشعبين، فالميناء بنته الكويت داخل أراضيها من أجل التجارة مع العراق، ومن أجل المساهمة بإعادة بناء العراق، وبمعرفة الجانب الرسمي العراق كما تبين وثائق الطرفين ولقاءاتهما المشتركة، ولا أرى جدوى من بنائه- كما كتبت من قبل- إن كان فيه ضرر للعراق، فذاك ليس بهدف المشروع، بل العكس هو الصحيح.
إن البناء الحقيقي لعلاقة ممتازة بين البلدين تبدأ بترسيخ لغة مصلحية بحتة بالدرجة الأولى بين البلدين وبين الشعبين، تتجاوز الحديث الرومانسي عن العلاقات التاريخية والأخوية والعروبية والقومية واللغوية والثقافية وخلافه، فتلك عوامل لم تردع الاحتلال والحروب، ولم تشكل عائقا أمام انهيار علاقة البلدين والشعبين عام 1990.
أرى في هذه النافذة جسرا للمستقبل، وأتطلع من خلالها لإطلاق صرخة مدوية لأجيال البلدين القادمة، فالمستقبل لهم، ومسئوليتنا جميعا البحث عن نقاط التعاون وما أكثرها، ونبذ مكامن الخلاف العديدة- وما أتفه أكثرها، والتفكير بروح عصرية جديدة لانتشال علاقة البلدين التي لن تكفي عشرات المقالات لتصحيحها، والتي تتطلب جهودا من المخلصين بين الجانبين بكافة المستويات للتعامل الواقعي مع أحداث المنطقة وتطوراتها، وبما يحقق السلام والرفاه بين الشعبين والبلدين.
سيجد القاريء العراقي المحترم ما لا يعجبه في بعض مقالاتي، وهذا متوقع، ولكن أليس هذا هو المطلوب من أجل المصارحة والشفافية؟ ألم نكتف بعقود من الخداع الرسمي ومجاملات مثقفي السلطة في البلدين منذ عهد الدكتاتورية البائدة وحتى اليوم؟ ألم يحن الوقت للغة جديدة تتوائم مع متغيرات عالم لا يتوقف عن التغيير؟ ألم تكن لغة الماضي هي من شكّل وصاغ ثقافة الغزو والاحتلال؟ وهل يعقل أن نجتر نفس اللغة ونفس العبارات التي جلبت الدمار والفرقة والحرقة؟
إن على الجميع تحمل مسئوليته للتصدي لثقافة الغزو والعيش في ماضي سياسة الضم والعدوان، وعلينا جميعا أن نرتقي دون سذاجة فوق جراحات الماضي وآلامه، غير متناسين دروسه، ولا متجاهلين آثاره التي لا تزال تعشعش في عقول بعضنا بين الجانبين.
لعل هذه الزاوية الدورية تكون عربون نوايا حسنة للمستقبل، ولعلها تسهم ولو بنزر يسير في حتمية بناء العلاقات بين البلدين على مستوى الكتاب والمثقفين ومجالات الصحافة، فجيرة العراق والكويت قدر، علينا التعاطي معه بروح تليق بحياة شعبينا للمستقبل، ولا عزاء لمرضى العيش في كنف الماضي المقيت...
سعد بن طفلة العجمي
تعليقات