إيمان البداح تشبه نورية ببوتو فكلتاهما تعرضتا لحملة هدفها إرهاب كل من يحمل لواء الإصلاح أو التغيير أو يحاول إشعال شمعة في ليالينا السوداء

زاوية الكتاب

كتب 408 مشاهدات 0



بوتو والصبيح!
إيمان علي البداح

 
دعاة الإصلاح ومحاربة الفساد مطالبون بدعم نورية الصبيح لا لشخصها فقط، إنما لما تمثله، والأهم لما تمثله الحملة الشعواء ضدها، فالألفاظ والأسلوب الذي يتم التحدث به عنها، ودرجة القوة المستخدمة في محاربتها لم تستخدم قط مع وزير أو نائب أو مسؤول آخر، رغم أنه حتى هذه اللحظة لم يتقدم أحد بمعلومة تستدعي كل هذه الحملة.

بينظير بوتو امرأة حديدية جاءت ببرنامج واضح للقضاء على قوى التخلف في باكستان، ورغم وجود العديد من الوسائل الأخلاقية والمتمدّنة لمحاربتها فإن خفافيش الظلام اختاروا إنهاءها بالعنف، وبالأسلوب الذي يضيع فيه دمها بين القبائل والجماعات السياسية.

وكما لا تقل قوة نورية الصبيح عن بوتو، فأعداؤها لا يقلّون شراسة عن قتلة نظيرتها، وإن لم يستخدموا العنف الجسدي بعد، فعقلية الإرهاب واحدة.

التعريف الدارج أكاديمياً للإرهاب هو «أي أعمال عنف مثيرة للقلق تقوم بها جماعات سرية أو علنية أو أحزاب أو شخصيات رسمية بدواعٍ سياسية أو إجرامية، إذ «على عكس الاغتيالات» أهداف العنف المباشرة ليست الأهداف الأساسية، ولكن يتم اختيار الضحايا البشرية المباشرة عشوائياً أو عمداً «كأمثلة أو أهداف رمزية» من عيّنة مختارة ويكونون بذلك رسلاً للرسالة المطلوبة، والتواصل أو الإعلام القائم على التهديد والعنف بين المؤسسات الإرهابية وضحاياها يهدفان إلى التلاعب بالأهداف الأساسية لاسترعاء انتباهها أو الضغط عليها حسب أغراض الجماعة الإرهابية».

فنورية وبينظير -أيضاً– ليستا الهدف المباشر للعنف اللفظي والممارسات غير الأخلاقية والمغالاة في استخدام الأدوات المشروعة وغير المشروعة، بل هما-وإن كانتا الهدف المباشر– مجرد وسيلة لحمل رسالة إلى الأهداف الرئيسة، وهي في هذه الحالة كل من تسول لهم أنفسهم الوقوف بوجه التخلف بكل أشكاله الطائفية والقبلية والسياسية.

بينظير بوتو ليست القيادة المثالية، كما أن نورية الصبيح ليست الوزيرة الكاملة، ولكن أليست هذه هي حال كل من يعمل في السياسة؟ فلمَ العنف مع هاتين الشخصيتين بالتحديد دون غيرهما؟ هل لأنهما سيدتان في مجتمعات متخلفة ومغلقة؟ أم لأنهما تحملان البصيرة للتفريق بين الإسلام والتأسلم السياسي؟ أم لأنهما تمثلان حالة متنامية من الوعي والانفتاح ستشكل عقبة للعقلية الرجعية والمحافظة؟

دعاة الإصلاح ومحاربة الفساد مطالبون بدعم نورية الصبيح لا لشخصها فقط، إنما لما تمثله، والأهم لما تمثله الحملة الشعواء ضدها، فالألفاظ والأسلوب الذي يتم التحدث به عنها، ودرجة القوة المستخدمة في محاربتها لم تستخدم قط مع وزير أو نائب أو مسؤول آخر، رغم أنه حتى هذه اللحظة لم يتقدم أحد بمعلومة مفيدة حول ما أخطأت به ليستدعي كل هذه الحملة.

نورية هدف مباشر ولكنه غير رئيسي، الهدف هو إرهاب كل من يحمل لواء الإصلاح أو التغيير أو يحاول إشعال شمعة في ليالينا السوداء.

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك