لولا الله ثم دول التحالف وعلى رأسها السعودية لكنا اليوم عراقيين من الدرجة الثالثة .. فهيد البصيري ينتقد فلب الحقائق وإنكار الهزيمة

زاوية الكتاب

كتب 1000 مشاهدات 0



الراى

بطولات مهزومة!

تصادف هذه الأيام ذكرى الغزو العراقي الغاشم للكويت، والذي يوافق 2 أغسطس، ويبدو أننا نحتاج إلى 3 أغسطس، و4 أغسطس، و5 أغسطس، ويمكن مليون أغسطس، لكي نتعظ ونعتبر، ولكن لا فائدة! فقد أصبحت هذه المناسبة عزيزة على نفوس الكثيرين، فهذه الذكرى أليمة أصبحت مناسبة سعيدة، ينتهزها من... «اللهم إني صائم» ليتحفنا ببطولاته أثناء فترة الاحتلال! وصار يوم 2 أغسطس بقدرة قادر يوم الانتصار ويوم الذكريات والبطولات الجميلة للزمن الجميل، ومن يسمع ذكريات «أبطال الوقت الضائع» يعتقد أن الكويت هي التي احتلت العراق أو أن الكويتيين صمدوا صمود الروس في «ستالنجراد»، والحقيقة المجردة من مساحيق التجميل هي أن الدولة سقطت في اقل من ربع ساعة، والجيش الكويتي «فص ملح وذاب» قبل أن تبدأ المعركة، أما الحرس الوطني فقد وجد نفسه فجأة محاصراً في كيلومتر مربع، وراح يدافع عن نفسه بطريقة يائسة، فظن العراقيون أنهم أمام الحرس الجمهوري الكويتي وقصفوه بالمدافع الثقيلة فسكتت بنادقهم القديمة وإلى الأبد، أما الشرطة فقد وقفت مذهولة في الشوارع تنظم سير الأرتال العراقية ظنا منها أنها كويتية!
والحقيقة أن تعامل الكويت مع ما حدث في يوم 2 أغسطس شيء لا يصدقه العقل، ولا يقبله أي منطق، ولكنه حدث وانتهى، وما فات مات، ومضى عليه 21 عاماً، فهل انتهينا، وهل اتعظنا، وهل احتسبنا، وهل أعددنا العدة لعدم تكرار هذا السيناريو الذي قد يتكرر بنسبة 100 في المئة؟
الواقع الذي نشاهده كل يوم يقول: لا، واننا لم نعتبر بل اننا حولنا ذلك الفشل التاريخي إلى انتصار تاريخي، وصورنا الجيش الكويتي وكأنه جيش الرايخ الألماني! وعقدنا مقارنة بين الحرس الوطني الكويتي والحرس الملكي البريطاني! وقد وجدت القنوات «الفضائحية» مادة ثرية في الحديث عن الغزو فاكتملت فصول الفيلم الهندي.
والعرب عموماً مشهورون بقلب الحقائق وتزييفها، فلدينا لكل فشل ألف مبرر ومزور، ولدينا لكل هزيمة ألف مفكر ومحلل، فهزيمة حرب الأيام الستة أصبحت نكسة، والثورات العربية تحولت إلى الربيع العربي، والمقاومة الشعبية ليست أكثر من انتفاضة، واحتلال العراق للكويت يطلق عليه أزمة، وكأنها أزمة انقطاع المياه أو الكهرباء، وليس غريباً بعد كل ذلك أن يتحول الكويتيون وحتى من ولدوا بعد الغزو إلى أبطال مقاومة من كل نوع.
لقد دفع الأبطال الحقيقيون دماءهم ثمناً لعودة الكويت، ولما عادت تسابق المتسلقون وخلفهم المطبلون ليختلقوا القصص والحكايات حول بطولاتهم، وبفضل الإعلام تشابه البقر علينا وخرج علينا أبطال من نوع «اللهم إني صائم».
ولو أننا حفظنا دماء شهدائنا لاعترفنا بأننا كنا مقصرين، وأننا بالفعل هُزمنا في ليلة وضحاها، ولقلنا لأبنائنا وبكل صراحة ومن دون خجل: أنه لولا الله ثم دول التحالف وعلى رأسها المملكة العربية السعودية لكنا اليوم عراقيين من الدرجة الثالثة أي بعد الأكراد في الترتيب، ولو أننا اعتبرنا لكان لدينا اليوم جيش يخشى جانبه، ولو أننا كنا مخلصين للكويت وأبنائها لحصنّا الكويت من الفتن الداخلية ولأعددنا العدة لأي عدوان خارجي، ولكن...
لقد أسمعت لو ناديت حيا
ولكن لا حياة لمن تنادي


فهيد البصيري

الراى

تعليقات

اكتب تعليقك