حسين الراوي يعرض السلوكيات الخاطئة لـ «الفاهمين رمضان غلط»!

زاوية الكتاب

كتب 2227 مشاهدات 0



الراى
 أبعاد السطور / «الفاهمين رمضان غلط»!

البعض يظن أن شهر رمضان المبارك ليس شهر القرآن والعبادة، بل هو شهر للنوم والأكل والشرب وتدخين الشيشة. الكثير من الموظفين والموظفات ينامون في مراكز العمل، ومن لا ينام منهم تجد نفسيته مضروبة ويستقبل المراجعين بحاجبين مقرونين وشفايف مزمومة وأنف كأنه صاروخ على منصة الانطلاق. وبعض الموظفات على وجه التحديد يقُمن بإغلاق باب الغرفة التي اجتمعن فيها، ويضعن ستارة من خياطتهن على زجاج الغرفة، ثم يطفئن الأنوار ويضعن رؤوسهن على الطاولات ثم يخلدن للنوم من أول الدوام حتى يوقظهن موظف الكرت للانصراف لبيوتهن، فيخرجن من الدوام ورؤوسهن مصدعة من كثرة النوم!
والبعض ينام في رمضان بعد صلاة الفجر ويمضي النهار كله في النوم والشخير العنيف إلى أن يوقظه الأهل على آذان المغرب للإفطار، فتجده يطرح الغطاء جانباً ويقفز من السرير نحو سُفرة الطعام، ولا صلاة ولا قراءة قرآن ولا طاعة ولا عبادة ولا بطيخ، ويقولك أنا اليوم كنت صائما والصيام تعبني وعطشني وهد حيلي، ثم يصفق كفا بكف ويهز رأسه متحسراً من عناء الصيام الذي واجهه في نهاره!
وبعض السيدات يدخلن المطبخ بعد صلاة الظهر مباشرة فيقمن بطبخ كل شيء يخطر على بالهن، مشوي ومحشي ومقلي ومطبوخ وحلويات ومعجنات ومثلجات ومشروبات، ولا يوقف الواحدة منهن عن استمرارها في الطبخ إلا أن تشعر بعوار في ظهرها أو بهبوط حاد! حتى إنك لو القيت نظرة خاطفة على مطبخها لوجدت أن المطبخ تحول لفوّهة بركان ينفث البخار والهواء الحار وسط عدد سرمدي من القدور والصحون والأكواب والصواني والمعلبات والكراتين، فيذهب نهارها كله من دون أن تقرأ ولو آية واحدة.
وهناك من يجلس في وقت الإفطار أمام سفرة مكتظة ومضغوطة بأصناف كثيرة مختلفة ومتنوعة من الأطعمة من جميع اتجاهاتها الأربعة، فما أن يسمع المؤذن رفع آذان المغرب حتى يرفع أكمام ثوبه إلى إبطه، فتشرع كلتا يداه تطيش في المواعين التي أمامه بكل سرعة وحرفنه وشوق عظيم... فيأكل ويأكل ويأكل بلا رحمة حتى يصبح كالمنطاد المنفوخ، فتمتلئ جنوبه ويمتلئ كرشه فيصاب بالدوران والدوخة فيبرك مكانه كما تبرك الناقة ولا يتحرك من أمام السفرة إلا بعدما يسحبونه بعيداً عنها حتى لا يقتل نفسه! فلا يصلي قيام الليل ولا يتعبد كما يتعبد الذين يشعرون بخفة وراحة. والبعض يفتح التلفزيون على القناة الفضائية من الظهر حتى آذان المغرب، يمر الوقت عليه وهو ممسك بالريموت كنترول يقلب القنوات الفضائية من مسلسل إلى مسلسل، ومن فيلم إلى فيلم، ومن فوازير إلى فوازير، ومن مسابقات إلى مسابقات، ومن كاميرا خفية إلى كاميرا خفية، والوقت الثمين يمر عليه من دون أن يستثمره في سبيل الله بالطاعات والعبادة وقراءة القرآن.
وإليكم نماذج منقولة من سلفنا الصالح وحالهم في شهر رمضان المبارك: كان الإمام أحمد يترك فتاواه ومسائله ومجالس العلم ليعكف على كتاب الله، أما الإمام مالك فإنه إذا أقبل رمضان هجر جميع المجالس حتى مجالس الحديث، ليعكف على كتاب الله، والإمام الشافعي كان يختم القرآن في رمضان ستين ختمة. والإمام الزهري يقول: شهر رمضان شهر قرآن وإطعام طعام لا ثالث. كان الأسود بن يزيد يختم القرآن في رمضان في كل ليلتين، وكان ينام بين المغرب والعشاء، وكان يختم القرآن في غير رمضان في كل ست ليالٍ. كان مالك بن أنس إذا دخل رمضان يفر من الحديث ومجالسه أهل العلم ويقبل على تلاوة القرآن من المصحف. كان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع الناس وأقبل على قراءة القرآن. كان سعيد بن جبير يختم القرآن في كل ليلتين في رمضان. كان زبيد اليامي إذا حضر رمضان أحضر المصحف وجمع إليه أصحابه. كان الوليد بن عبد الملك يختم في كل ثلاثٍ، وختم في رمضان سبع عشرة ختمه. كان قتادة يختم القرآن في سبع، وإذا جاء رمضان ختم في كل ثلاثٍ، فإذا جاء العشر ختم كل ليلةٍ. كان الشافعي يختم القرآن في شهر رمضان ستين ختمة وفي كل شهر ثلاثين ختمة. كان وكيع بن الجراح يقرأ في رمضان في الليل ختمةً وثلثاً، ويصلي ثنتي عشرة من الضحى، ويصلي من الظهر إلى العصر. كان محمد بن إسماعيل البخاري يختم في رمضان في النهار كل يوم ختمة، ويقوم بعد التراويح كل ثلاث ليالٍ بختمه. وعن نافع بن عمر بن عبد الله قال: سمعت ابن أبي ملكية يقول: كنت أقوم بالناس في شهر رمضان فأقرأ في الركعة الحمد لله فاطر ونحوها، وما يبلغني أنّ أحداً يستثقل ذلك. أرجوكم أفهموا رمضان بشكل صحيح.


حسين الراوي

الراى

تعليقات

اكتب تعليقك