عن إنسحاب كتلة الوفاق من الحوار الوطني البحريني - يكتب سعد السعيدي

زاوية الكتاب

كتب 1198 مشاهدات 0

سعد السعيدي

«مزق الكيبورد» مقالا يتحدث عن الإعلام وأهميته وكيفية استغلال البعض له، بعد أن انتهيت من كتابته والاستعداد لإرساله إلى الصحيفة، وذلك بعد أن رفعت نظري إلى شاشة التلفاز الذي لا صوت له، كما هي عادتي، لأجد خبرا صحافيا في شريط أحمر عريض في طرفه كلمة عاجل يغطي ربع شاشة تلفازي، مفاده أن جمعية الوفاق الإسلامية في البحرين تعلن انسحابها من حوار التوافق الوطني، صعقني الخبر وتفاجأت به، كلمت نفسي بصوت عال، وكأني أريدهم أن يسمعوني.. لماذا لماذا لماذا؟
خروج جمعية الوفاق من حوار التوافق الوطني التي استبشرنا خيرا بانضمامها لجميع مؤسسسات المجتمع المدني عشية انطلاقة الحوار، الأمر الذي خلق أجواء إيجابية، تعززت بإطلاق عشرات المساجين، صبيحة يوم الحوار، أقول إن ذلك الخروج قد يكون له مبرراته ومسوغاته التي دفعت الوفاق إلى الانسحاب، لكنها لن تقنعنا مهما كانت باعتبار أن السياسة هي فن الممكن ولا ديمقراطية كاملة توجد في أي بلد من بلدان العالم، جاءت دفعة واحدة بل كانت تأخذ الممكن ثم تطالب بما هو أكثر الذي لا نعترض عليه أبدا، كما أن جلسات الحوار تستوعب كل المشاعر بين المتحاورين من تلاسن وتراشق وعتب وغضب وصراخ وتلميح وتصريح وتلويح وتوافق وتراض، لكن تلك المشاعر والأمور التي تحدث عادة في جلسات الحوار لا يمكن أن يستوعبها الشارع، باعتبار أن الشارع لا يعرف إلا لغة واحدة ومشاعره أيضاً واحدة، ونغمته واحدة، نغمة الغضب التي قد تؤدي بدورها إلى تعقيد الحلول، وزيادة تشابك خيوطها، وتخلق تعبئة واصطفافا جديدا في الشارع يترتب عليه انعدام لغة التفاهم لتصبح آنذاك الأمور خارج سيطرة الطرفين، مما يؤدي إلى عودة عدم الاستقرار الذي حل بعد فترة عسرة ليست على البحرين الحبيبة وحدها بل على جميع دول المنطقة عموما ودول مجلس التعاون خصوصا.
نعتقد وبإيمان تام أن المعارضة هي الضامنة الحقيقية لاستقرار الأنظمة، وذلك لأن القوى والتيارات السياسية المعارضة تستطيع أن تعيد للشارع هدوءه إذا ما خرجت للتظاهر، حيث إن تفاهم الأنظمة التي توجد لديها معارضة حقيقية كما في البحرين، حين تخرج قواعدها أهون وأسهل من تلك الأنظمة الشمولية والمنفردة بالسلطة والسلطات، والتي تخلو من قوى سياسية تمثلها على الأرض، وأيضاً لقرب الشارع أو غالبيته إلى المعارضة منه إلى الأنظمة أو الحكومات لاسيَّما في ظل ما تشهده الشوارع العربية مما يسمى بالربيع العربي، الذي يبدو أنه قد تحول إلى صيف لاهب حرق ولا يزال يستمر بإحراق أركان الحكومات وأنظمتها، ومن هذا الباب والاعتقاد فإن المعارضة عليها أن تكون على قدر كبير من المسؤولية وقدرة على ضبط إيقاع الشارع في البحرين، وصولا للنتائج المأمولة والتي وإن اختلفت الرؤى فيها، فإن الانسحاب وترك الحوار ولغة السلامة ووسيلة اللقاء لن يحقق المطالب بل سيعيد الجميع إلى المربع الأول، وسوف يسلط الأضواء من جديد على البحرين ومعارضتها وموالاتها، وقد يسمح بتدخل دول إقليمية ودولية في الملف الذي لن يزيده إلا تعقيدا.
لعل ما يخيفني هو أن يتم استغلال هذا الانسحاب من قبل قوى إقليمية والدفع به نحو إدخاله إلى الساحات الدولية، وقد تختلط الأوراق من خلال تشبيهه بما يجري في سوريا التي تختلف تماما عن الأحداث التي جرت في البحرين باعتبار أن البحرين لديها معارضة حقيقة وجمعيات سياسية معارضة وموالاة وانتخابات تشريعية ليس في أدبياتها نسبة 99.99، وحراك سياسي قديم ونظام يؤمن بالديمقراطية ولديه خطوات يعجز النظام السوري أن يقوم بها، لأنه لا يحتملها، وإن فكر القيام بها فقد تسقطه، لأن هيكلية النظام في سوريا يبدو أن أي إصلاح لها سوف يهدم أركان النظام، وهذا المختلف عن النظام في البحرين الذي يتمتع بمرونة يمكن من خلالها إصلاح بعض أوجه الخلل فيه، ومن هنا فإن على النظام في العزيزة البحرين أن ينظر إلى بعيد جدا، ليقوم بخطوات تعيد الوفاق والوئام إلى المجتمع البحريني وتتفاوض على أسس أن الإصلاح يجب أن يكون، حتى وإن كانت تكاليفه عالية على النظام، لأنه في حالات انفلات الأمور والأوضاع قد تكون الفاتورة السياسية أعلى وأكبر.
إن القرار الذي اتخذته جمعية الوفاق يجب أن يكون قرارا وموقفا سياسيا ولا يتعدى إلى أكثر من ذلك، ويجب على قادتهم عدم تجييش الشارع، أو محاولة تعبئته ودغدغة عواطفه، فالشارع حين يستخدمه الطرفان وتمزيقه بين متعصب ومتشنج، لا شك ستكون نتائجه وخيمة ومعالجتها في المستقبل ستكون أصعب .

الآن-مقال سعد السعيدي-العرب القطرية

تعليقات

اكتب تعليقك