دعوة الصوّاغ لطرد السفيرالعراقي غريبة «مو راكبة»، لأنها برأى د. حسن عباس خارجة عن «صلاحياته الفكرية»
زاوية الكتابكتب يوليو 16, 2011, 12:29 ص 798 مشاهدات 0
الراى
شلّوط سعادة السفير!
نادراً ما تجد لدى تكتل الإسلاميين ذاك الاهتمام الكبير في ما يخص السياسة الخارجية، بل حتى لو وسعناها أكثر لوجدتهم قليلي الاهتمام بالكثير من الشؤون السياسية التي تهم البلد إلا ما اقتضى منها وصادف ليكون ضمن دائرة اهتماماتهم المتمحورة في مجملها حول القضايا الأخلاقية والمذهبية. لذلك وحينما يتحدثون عن السياسة في غير هذه المواقع تراهم غالباً ليسوا ذوي خبرة كافية وحكمة وتدبر! طبعاً أقول هذا بالإطار العام لأن تلك الشؤون أخذت بلباب عقولهم وظلوا مقصرين بالبقية.
لسنا هنا الآن في محضر الحكم والتعليق ما إن كان التخصص شيئا جيدا أم سيئا، لكنها بالنهاية صفة امتازوا بها من دون غيرهم ولذلك أتينا على ذكرها. الشيء الذي أجبرنا لنقدم هذه المقدمة هو تصريح النائب فلاح الصوّاغ ودعوته لطرد السفير العراقي على خلفية الهجوم الصاروخي على سفارتنا ببغداد الأسبوع الماضي. الدعوة غريبة «مو راكبة» على الصوّاغ لأنها خارجة عن «صلاحياته الفكرية». أو يمكن أن أتوقف قليلاً واتراجع عن هذا الاندهاش عندما نفهم أنه يوجد في الأمر شيء ما قد يكون له امتداد غير مباشر بحسب اهتماماته الفكرية طالما أن الموضوع يخص العراق وليس الأردن أو مصر مثلاً!
على العموم لنأخذ الموقف بصورة تحليلية ونحاول أن نربط الأمور والمسائل حتى نخرج بمحصلة مفيدة. القصة وما فيها أن المنطقة الخضراء في وسط بغداد، والتي فيها موقع سفارتنا، تتعرض وباستمرار إلى اعتداء من قبل المتمردين البعثيين من فلول النظام البائد أو من المجانين أتباع «القاعدة». الهجمات الإرهابية هناك ليست كثيرة فحسب، بل في العراق أصبحت عادة متكررة ووجبة الناس اليومية. فالأنباء الدورية تؤكد ذلك وهذا كذلك ما قاله سفيرنا المؤمن في بغداد في تعليقه على الحادث الأخير.
فهذه الأحداث التخريبية هو الواقع اليومي للعراقيين. من هنا وحينما نقارن هذا الوضع غير المستقر للدولة العراقية بمطالبة الصواغ لطرد السفير العراقي، مقارنة تبدو لي أنها تظهر مدى سذاجة وبساطة وسطحية مدعيها وقائلها. فالعرف الديبلوماسي جرى أن طرد السفراء هو آخر رسالة ترسلها الدولة للأخرى بعدما تغلق الأبواب ولا يكون هناك أفق للحلول السلمية الأخرى، وهي أمثلة شاهدناها عشرات المرات بين الدول عند اكتشاف خلايا التجسس مثلاً، أو عند سرقة الموارد الطبيعية للدول الجارة. أما أن نأخذ ببحر العلوم من «غولته» ونسحله ونجرجره إلى العبدلي ونعطيه «شلّوط» على مؤخرته فقط لأن سفارتنا تعرضت لحادث أمني لم تكن للسلطات العراقية فيها ناقة ولا جمل، موقف كهذا يقنعنا بصراحة لماذا تفتقر وزارة الخارجية لأصحاب اللحى!
د. حسن عبدالله عباس
تعليقات