الفساد المالي الصارخ أطاح بأنظمة !

زاوية الكتاب

الزيد يُحذر دول الخليج من فساد شيوخها وأمرائها

كتب 5913 مشاهدات 0

زايد الزيد

الفساد المالي الصارخ هو القضية ..

زايد الزيد


أكاد أزعم أن قضايا الفساد المالي الصارخ في دول الثورات العربية ، هي التي دفعت بشبابها ، للثورة على الوضع القائم فيها ، فقيام النخب الحاكمة في كل من تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا ، وبمساندة من قوى تجارية جشعة فيها ، باحتكار الدولة بكل مواردها ومقدراتها ، وكذلك اختطاف قراراتها المصيرية ، جعل الجمود يشل كل مناحي الحياة في تلك الدول ، عدا أنشطة الفساد والسرقات فيها ، التي كانت وحدها تعاني حركة محمومة !!

فمن ينظر إلى تصدر عائلة الطرابلسي ( أسرة زوجة الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي ) للنشاط التجاري الفاسد في تونس ، ومن يلحظ سيطرة نجلي الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك ، جمال وعلائ ، وزوجته سوزان ، على مجالات التربح السريع في مصر في العقدين الماضيين ، ومن يتتبع فساد النخبة الحاكمة في صنعاء المحيطة بالرئيس صالح الذي خلع نفسه بنفسه ، أما فساد أبناء القذافي الرئيس المترنح والآيل للسقوط ، فأكبر من أن يغطى ، وهو لايختلف كثيرا عن فساد ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري ، وقريبهما رامي مخلوف ، وكل الشلة التي خلقها النظام للسيطرة على مقدرات الدولة السورية !

  من يلحظ هذا كله ، ومن يتتبع انعاكاساته المعيشية والنفسية على شعوب تلك الدول ، يفهم بسهولة سر نجاح تلك الثورات ، وسر التفاف الناس حولها بكل اندفاع ، لا أقلل أبدا من من مسألة القمع ، ومصادرة الحريات ، في تلك الدول كمحرك للثورات فيها ، لكنها ( أي مسألة القمع ومصادرة الحريات ) على أهميتها ، إلا أنها موضوع قديم ، قدم نشوء الدولة القومية في منطقتنا ، أما الفساد المالي الصارخ ، الذي أصبحت تجهر بممارسة رذيلته ، النخب الحاكمة في العلن وأمام الملا ، أزعم أنه هو الذي صدم الضمائر والمشاعر ، فحرك الناس ، وأخرجهم من بيوتهم ، ساخطين وغاضبين !

ودول مجلس التعاون الخليجي شهدت في العقدين الأخيرين قضايا فساد مالية كبرى ، أبطالها عادة أفراد بارزون من الأسر الحاكمة ، وفي بعض الأحيان - وخاصة في الكويت -  يشارك هؤلاء الشيوخ والأمراء ، تجار فاسدين ! وهؤلاء لايكتفون بالمبالغ الكبيرة ، التي تدرها عليهم نسبتهم ، من تنفيذ المشاريع المليارية الكبرى ، التي تقوم بها الشركات العالمية ، التي يجلبونها للعمل في المنطقة ، لايكتفون بهذا أبدا ، فالجشع يجعلهم يتلاعبون في المواصفات ، ويبالغون في الأسعار ، لتعظيم أرباحهم الفاحشة ، والنتيجة تكون مشاريع فساد صارخ ، وبالطبع فإن عمليات التلاعب في المواصفات ، والمبالغة في الأسعار ، تصطدم عادة ، في القوانين واللوائح ذات العلاقة ، كما تصطدم أيضا بالأجهزة الرقابية ، فيتبدى الفساد للعيان شاهرا واضحا !!

إن تغاضي السلطات الحاكمة في دول مجلس التعاون الخليجي ، عن عمليات الفساد الكبرى ، لن يجعلها بمأمن عن الزعزعة وعدم الاستقرار ، فتغاضي السلطات عن فساد أبنائها ، وعن فساد حلفائهم من التجار ، ستعتبره شعوب دول المجلس انحيازا من السلطات ، ل ' شلل الفساد ' على حساب عموم الناس ! فالبطالة في ازدياد ، والخدمات الأساسية في ترد مستمر ، والشيء الوحيد المنتعش ، والذي يحقق تقدما متسارعا وملحوظا في دول المجلس ، هو زيادة أرصدة ' شلل الفساد ' وانتفاخ جيوبها بالمال الحرام ، وهو أمر يعتمل في نفوس شعوب دول المجلس ، ومالم تتصدى السلطات الحاكمة فيها ، لهذا الفساد ، عبر عمليات اصلاحية كبرى ، تجعل الشعوب شريكة في الحكم والمال العام ، بل تكون الشعوب هي صاحبة القرار الأول فيهما ، فلن تجدي سياسات المنح والهبات والعطايا ، في منع الاحتجاجات والتذمر والرفض ، ومايستتبع ذلك كله من قلاقل لاتحمد عقباها ..
اللهم هل بلغت ، اللهم فأشهد ..

النهار- مقال اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك