لا لفصل الدين عن الدولة..ونعم للدمج والانصهار .. فحوى مقالة مني الوهيب

زاوية الكتاب

كتب 790 مشاهدات 0


 

الراى

رأي قلمي / لا للفصل نعم للدمج والانصهار
 
 
 
يعّرِفُ علماء الاجتماع «الديموقراطية» بأنها أسلوب في الحياة يقوم على العدل والمساواة في معاملة المواطنين من دون وجود الطبقية، كما

يقوم على الحرية في التفكير والكلام والدين والرأي السياسي.
أين هم من يريدون فصل الدين عن الدولة، أين هم من يستميتون لبتر السياسة عن الدين والدولة، أين هم من يريدون خلع الدين من جميع أمور

الحياة ليكون الدين فقط طقوساً وممارسات في دور العبادة؟ كثيرون هم من يدّعون بأن الدين لا يصلح بل يفسد إذا أدخل وأدلف في السياسية

والاقتصاد والحقوق الإنسانية والقضايا المجتمعية.
وما يطمحون إليه هو الانسلاخ التام من قيمنا ومبادئنا التي استقيناها من الجذور والأصول، وننعزل عن الأمة ونعتكف في صومعة العبادة

بحجة الدين لله والسياسة والقضايا المجتمعية والحقوق الإنسانية للفرد، أي من حق الفرد أن يقيم سائر حياته على العلم الوضعي والعقل

ويترك النقل، وأن يعزل الدين عن الدولة وحياة المجتمع، وإبقاء الدين حبيساً في العلاقة الخاصة بين الفرد وربه من خلال الشعائر التعبدية.
لقد وصلت الجرأة عند بعضهم بأن ينكر وجود الله، ومن يؤمن منهم بوجوده ينكر أي علاقة بينه وبين حياة الإنسان العامة، وحجتهم ودليلهم

أقبح من ذنبهم حيث «الغاية تبرر الوسيلة»، أي غاية ترمون لها، وأي وسيلة هذه تقذفون لتحقيقها؟ تخبط في تخبط من أجل تحقيق غايات لا

أصل وانتماء لها.
إن مأربهم التي يستميتون ويناضلون من أجلها هي أن يتمتع الفرد بأقصى درجات الحرية في آرائه السياسية، وقبول أفكار الغير وأفعاله حتى

لو كانت متعارضة مع أفكار المذهب وأفعاله، شرط معاملة الآخر له بالمثل، ومن هذا المنطلق ينطلقون فكرياً على حرية الاعتقاد حتى لو

وصل الإلحاد، وحرية السلوك، حتى لو خالف الشرع وخالف أعراف وعادات المجتمع.
لكل مجتمع أيديولوجية تميزه عن المجتمع الآخر، فلا يعتقدون أننا لا نمتلك معتقدات وأفكاراً منبعها وأصلها المعتقد الديني، فهذه الأيديولوجية

هي بوتقة أفكارنا ومعتقداتنا التي تمثل تفكيرنا وتحركاتنا وما هي إلا انعكاس وترجمة عملية لأحكام وقوانين ربانية نظرية، وإن ما يميز

أيديولوجيتنا عن بقية الأيديولوجيات هو أن مجموعة أفكارنا أساسها أبلج وبيّن ويرتكز على قواعد متينة شديدة لا يراودها ريب وارتياب فيما

تستند وترتكز عليه.
وما قام ديننا إلا على العدل والمساواة بل من ركائز الدين العدل والمساواة من دون تمييز مقيت وتفضيل بغيض، ها نحن نرى اليوم علماء

الاجتماع يثبتون بأن الديموقراطية لها أصل في الدين مع اختلاف المسميات والمصطلحات، فمن يتهمنا بالفكر الأوحد ولا نؤمن بالتعددية

وبالديموقراطية فها هم علماء الاجتماع يردون نيابة عنا، إن منظومة حياة الدول الإسلامية ما هي إلا خريطة لتضاريس تؤصل وتؤكد العدل

والمساواة في جميع المعاملات الإنسانية ما لم تخالف الشرع، وتوصي وتحرص على تطبيق الشعائر الدينية وألا ننتهك الغير في حرية الفكر

والعقيدة والدين.
ومن منا اليوم لا يمارس حرية التفكير والكلام وإبداء الرأي فيما يعنيه وما لا يعنيه، وإقامة الشعائر أو ممارستها أو رعايتها بطريقة فردية أو

جماعية وفي نطاق علني أو خاص، إذاً لماذا الجور والتعدي على هذا الدين المثالي بأنه لا يصلح لكل زمان ومكان، ولا بد من فصل الدين عن

الدولة، أي إجحاف هذا واضطهاد لطمس هذا الدين النموذجي؟ الذي لا يشوبه شائب ولا يخالطه أمزجة وأهواء البشر فيما لا يعجبهم ولا

يستهويهم من أحكام وقوانين مصدرها ومنبعها دستور رباني فيه من الكمال ما يغنيه عن الإضافة والزيادة الخارجة عن نطاق المنقول الذي هو

مقدم على المعقول. وما بقي إلا أن نقول كفوا عن مطالبكم، لا لفصل الدين عن الدولة، ونعم لدمج وانصهار الدين في كل أمر وحال من

أمور وأحوال الحياة للدولة وللأفراد.


منى فهد العبدالرزاق الوهيب
 

الراى

تعليقات

اكتب تعليقك