اليوم يوافق مرور 65 عاما على شحن أول كمية تجارية من النفط الخام الكويتي .. والله أعلم بما تبقى! ـ أحمد الديين

زاوية الكتاب

كتب 1256 مشاهدات 0


 

عالم اليوم

 
65 عاما... والله أعلم بما تبقى! 
 
كتب أحمد الديين
 
في مثل هذا اليوم الثلاثين من يونيو من العام 1946 أي قبل خمسة وستين عاما جرى شحن أول كمية تجارية من النفط الخام الكويتي عبر ميناء الأحمدي على ناقلة النفط البريطانية “برتيش فيوزليير”... وكانت تلك بداية تحوّل الكويت إلى دولة مصدّرة للنفط، ما أحدث تغييرات كبرى وشاملة على حياة الكويتيين وعلى الاقتصاد والمجتمع والقيم السائدة وطبيعة السلطة.

وبالتأكيد فقد تحققت للكويتيين بفضل النفط مكاسب ايجابية هامة على مستوى تسريع عملية التحديث؛ وتطوّر المجتمع وتكويناته؛ وعلى مستوى الاقتصاد من حيث طبيعته وحجمه ومناشطه، وكذلك على مستوى الإدارة العامة للإمارة ثم الدولة الحديثة، بالإضافة إلى نشر التعليم وتوفير الخدمات والرعاية الاجتماعية وتحسين مستوى المعيشة وبناء احتياطي مالي ضخم للدولة... وفي المقابل فقد ترك النفط آثارا سلبية لا يمكن إنكارها على بنية الاقتصاد الكويتي ووظيفته جراء الاعتماد شبه الكامل على الريع المتأتي من إيرادات بيع النفط الخام والتخلي عن الوظيفة الاقتصادية التاريخية للكويت كمركز تجاري وميناء نشط في منطقة شمالي الخليج، بالإضافة إلى ما أدى إليه ذلك كله من انتشار للقيم الاجتماعية الاستهلاكية وتكريس للموقف السلبي تجاه العمل.

ومن جانب آخر فقد شهدت السنوات الثلاثون الأولى من عمر النفط الكويتي سلسلة من المعارك التي خاضتها الحركة العمالية الناشئة والحركة الوطنية ضد شركات النفط الأجنبية التي كانت تسيطر على ثروتنا الوطنية وكان وجودها يشكّل “دولة داخل الدولة”... حيث كان أبرز عناوين تلك المعارك: رفض بعض الاتفاقيات المجحفة بحق الكويت كاتفاقية تنفيق العائدات في 1965، واتفاقية المشاركة في بداية السبعينيات، وتشريع قانوني العمل في القطاع النفطي في 1968 و1969 وإلزام الشركات النفطية الأجنبية بتطبيقهما، وصولا إلى القرار الوطني التاريخي في 1975 بامتلاك الدولة الكويتية شركات النفط الأجنبية وإلغاء الامتيازات المجحفة الممنوحة لها، الذي مثّل انجازا هاما على طريق استكمال الاستقلال وتحرير الاقتصاد الوطني.

ولكن المؤسف أنّ الإدارة الوطنية للقطاع النفطي منذ 1975 لم تراع المصالح الوطنية الكويتية مثلما يفترض بها، إذ أساءت إدارة هذا القطاع الحيوي واستباحته أمام قوى الفساد وأصحاب المصالح والنفوذ... حيث أهملت هذه الإدارة المسماة “وطنية” عن قصور أو عن عمد تطوير الحقول النفطية وسعت في المقابل إلى تمكين شركات النفط الأجنبية من العودة إلى السيطرة على نفطنا عبر “شباك اتفاقيات تطوير الحقول” بعدما كانت تلك الشركات قد خرجت من “الباب” في 1975، كما نفذّت هذه الإدارة المسماة “وطنية” مخططا مغرضا لتقليص قوى العمل الكويتية في القطاع النفطي إلى أدنى حدّ لتفسح المجال أمام شركات المقاولات الخاصة للقيام بتأدية العديد من الأعمال الحيوية في الحقول ومراكز التجميع والمصافي والموانئ معتمدة على عمالة وافدة، هذا ناهيك عن العقود والمشروعات المريبة وآخر ما انكشف منها العقد الاستشاري المبالغ في قيمته مع شركة شل.

أما الحجم الحقيقي للاحتياطي النفطي وما تبقى من عمر النفط الكويتي فأمرهما عند اللّه، وإن كانت الشكوك كبيرة حول الأرقام الرسمية المعلنة في هذا الشأن، خصوصا على ضوء ما سبق أن كشفه النائبان السابق عبداللّه النيباري والحالي أحمد السعدون منذ العام 2006 عن التقارير السرية المثيرة للقلق حول عمر النفط في الكويت الذي مضى اليوم على استنزافه خمسة وستون عاما، وربما لم يتبق من عمره مثلها.
 

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك