محمد مساعد الدوسري يرى أن مطلب الحكومة الشعبية لم يعد ترفا فكريا في الكويت
زاوية الكتابكتب يونيو 24, 2011, 12:56 ص 578 مشاهدات 0
عالم اليوم
غربال
الاتجاه إلى الحكومة الشعبية
كتب محمد مساعد الدوسري
لم يعد بالإمكان الامتناع عن تأييد مطلب الحكومة الشعبية، ولذلك أسباب كثيرة سنذكرها في هذا المقال، على أن هذا المطلب قد جاء في فترة زمنية مناسبة لتطبيقه، بعد أن ثبت وبالأدلة القاطعة استحالة الاستمرار بهذا النموذج الخاص الذي نص عليه دستور 1962، لظروف قد تكون معقولة في ذلك الحين، إلا أنها لم تعد قائمة بل واصبحت عبئا على الحياة السياسية بشكل عام.
التطور السياسي والاتجاه إلى الأمام هو سبب رئيس للدفع بمطلب الحكومة الشعبية، فلم يعد معقولا أن يستمر نمط الحياة السياسية بهذا الشكل مع تغير العالم الذي يتجه لإشراك الشعب أكثر فأكثر في إدارة شؤونه، وما التغيرات التي تحصل في عالمنا العربي إلا دليل على ضرورة التغيير والسير إلى الأمام في هذا التطور، الأردن والمغرب سارعتا إلى تغيير النظام وتقديم تنازلات من قبل الأسر الحاكمة هناك من أجل ضمان إنهاء الاحتقان المستمر والتعثر في مسار الدولة الذي تأثر من كثرة الأزمات والمشاكل المترتبة على جمود الحياة السياسية هناك، وهو ما سوف يدفع باتجاه دوران عجلة الحياة في تلك الدول بطريقة أكثر انسيابية.
تحديث مواد الدستور الكويتي وتجديدها بما يتناسب مع متطلبات العصر هو سبب آخر للدفع باتجاه الحكومة الشعبية، فالجمود الذي تعيشه الكويت على جميع الاصعدة يأتي على خلفية استمرارنا بالدوران في حلقة مفرغة بعد أن أثبتت التجارب استحالة استمرار العمل بهذا الدستور بلا تعديلات تعيد فيه الروح، وتضمن للشعب إدارة رشيدة تحقق الطموحات وتعمل على استرداد الدور الريادي للكويت في الخليج والمنطقة، وهو ما عجزت عنه الحكومات الحالية بسبب ركونها للالتفاف على الدستور والاعتماد على الثغرات التي تضمن لها الصمود في وجه المساءلة والمحاسبة.
السبب المهم والذي يكشف لنا خطورة يجب إيقافها، هو تحول منصب رئاسة الوزراء بهذا الشكل إلى أداة لتصفية الحسابات والصراع على الحكم، إذ إن سياسة “البقاء للأقوى” التي يعتمدها طلابة الحكم في الدولة قد أدت إلى تحول منصب رئاسة الوزراء إلى وسيلة لتصفية الخصوم وضرب الطامحين الآخرين إلى الحكم، ما يجعل استمرار الأوضاع على ما هي عليه الآن أسهل الطرق لتفتيت النظام العام للدولة، بعد دخول ظاهرة شراء نواب الأمة واعتماد مقدرات الدولة وأموال الشعب في هذه الصراعات الخطيرة، والتي تهدد كيان الدولة.
مطلب الحكومة الشعبية لم يعد ترفا فكريا في الكويت، وهو أمر يحتاج إلى حزمة من الإصلاحات المصاحبة متمثلة بإشهار الأحزاب وتشكيل هيئة عليا للإشراف على الانتخابات وقوانين لكشف الذمة المالية وأمور أخرى، فهذا الصراع على المنصب أدى إلى الاعتماد على تحالفات ستعمل إن عاجلا أو آجلا إلى تفتيت المجتمع بشكل أكبر مما هو عليه الأمر حاليا، أو خلق كيانات جديدة قائمة على ضمان استمرار شخصيات بعينها بمنصب رئاسة الوزراء، وذلك مؤشر خطر على انهيار الدولة والعودة إلى اعتماد واجهات أصغر وكانتونات التربح السياسي.
تعليقات