د.حسن جوهر ينتقد الإساءة إلى د.الخطيب ويثنى على تاريخه، ويحمل على من وصفوا موقفه الأخير بالتكسب السياسي
زاوية الكتابكتب يونيو 24, 2011, 12:34 ص 759 مشاهدات 0
الجريدة
ونعم الخطيب!
لا أعتقد أن شخصية شامخة مثل الدكتور الخطيب بحاجة إلى دفاع أمثالي، ولا أشك لحظة في أن هذا الجبل لا يهتز له رمش من النقد الأخير، ولكن الأمانة التاريخية والمسؤولية الكبيرة التي يجب أن تستنهضنا تكمن في ضرورة التنبيه والتحذير من محاولات خطف مفاهيم الوطنية وممارسة الإرهاب الفكري بجر الآخرين إلى أجندات وقناعات ضيقة.
سجل الدكتور أحمد الخطيب وتاريخه السياسي ومواقفه الوطنية الممتدة على مدى أكثر من نصف قرن تعد وثيقة أصيلة شاهدة على مسيرة الديمقراطية والتطور السياسي في الكويت، إذ تميز بالثبات رغم التقلبات الحادة في المزاج السياسي والمنعطفات التي صاحبها غبار المصالح والتحالفات المشبوهة، وكان ضمن الأقلية النادرة التي حافظت على معدنها ومبادئها في حين تبدلت الكثير من المواقف والمواقع في مقابل أبخس الأثمان وصغائر المغريات.
ومع قليل من الإنصاف والموضوعية فإن من يرى الدكتور الخطيب اليوم بشيباته وتجاعيده وانحناء ظهره مقارنة بذلك الشاب المفعم بالحيوية والنشاط والحماس السياسي المتدفق منذ الخمسينيات يدرك تماماً أن هذه السنوات الطويلة لم تغير ما في داخل عقله وقلبه من قناعات ومبادئ، والتي إن اختلفنا مع بعضها إلا أنها تبقى أعمدة للحفاظ على الدستور والثوابت الوطنية وحماية النسيج الداخلي، وما تبقى من أواصر الألفة والمحبة بين الكويتيين.
ولذلك فإن الإساءة إلى شخص الدكتور الخطيب ومحاولة ربط موقفه في الدفاع عن الوحدة الوطنية على خلفية الاستجواب الأخير لرئيس مجلس الوزراء بالتكسب السياسي لا ينمان إلا عن قشور هزيلة في المشهد السياسي اليوم، والفهم والتعاطي الغريب للعمل السياسي ميدانياً، بل إن مثل هذا المسلك هو التكسب السياسي بعينه!
ولا أعتقد أن شخصية شامخة مثل الدكتور الخطيب بحاجة إلى دفاع أمثالي، ولا أشك لحظة في أن هذا الجبل لا يهتز له رمش من النقد الأخير، ولكن الأمانة التاريخية والمسؤولية الكبيرة التي يجب أن تستنهضنا تكمن في ضرورة التنبيه والتحذير من محاولات خطف مفاهيم الوطنية وممارسة الإرهاب الفكري بجر الآخرين إلى أجندات وقناعات ضيقة، وعدم التورع في إطلاق التهم الفاقدة للمصداقية في حال الاختلاف السياسي.
وهنا تكمن الخطورة في تخريب محاولات خلق جبهة وطنية عريضة للتصدي أولاً لحماية الثوابت الدستورية، ومن ثم الانطلاق منها للدفاع عن المصالح الوطنية العامة ومواجهة مؤامرات النهب والسلب وخرق القوانين، خصوصاً أن مثل هذه الظواهر أصبحت هي السمة العامة المسيطرة على واقعنا، وتزيدها اتساعاً عمق الاصطفافات وهيمنة الأطروحات المذهبية والقبلية والفئوية البغيضة.
ففي الأمس القريب كان الخطيب بتياره السياسي رمزاً للوطنية وللمصلحة العامة عندما تصدوا لضرب المواطنين والنواب وانتهاك الدستور، وصوتوا مع عدم التعاون مع رئيس الوزراء، واليوم تضرب هذه الوطنية لمجرد التحفظ المشروع على الاستجواب الذي بالفعل قسم المجتمع من جديد على الوتر الطائفي!
إن ثقافة من ليس معي فهو ضدي، واحتكار شعار حقوق الملكية الفكرية للحق والصواب هو الأخطر في التصدي لمحاربة الفساد والإصلاح وإنجاحها، وهذه هي الحلقة المفقودة في وضعنا السياسي اليوم وفي مجلسنا الحالي على وجه التحديد!
تعليقات