هل الأزمة في صراعات «الأسرة الحاكمة» أم في وعي «الشعب»؟... لا هذا ولا ذاك!برأى طلال العتيبي ، والدستور هو المحطة الأهم وهل الأزمة في صراعات «الأسرة الحاكمة» أم في وعي «الشعب»؟... لا هذا ولا ذاك!
زاوية الكتابكتب يونيو 10, 2011, 2:01 ص 929 مشاهدات 0
السلطتان التشريعية والتنفيذية في الكويت تعيشان حالة «صدام» مستمر منذ نشأة الدستور، ومازال العديد من السياسيين واعضاء مجلس الامة يبحثون عن حلول للخروج من هذه «المعضلة»، ولكن من دون جدوى، فهذه الحلول المبتكرة اما غير فعالة او غير واقعية بسبب «الخلط» بين اصل المشكلة ونتائجها، وفي النهاية المطاف عجلة التنمية «معطوبة»!
نعيد نفس الأخطاء ونتوقع نتائج اخرى!
من الطبيعي للانسان «المصحصح» انه اذا واجهته مشكلة ان يحاول حلها للوصول الى افضل النتائج، واذا لم ينفعه حل ذهب الى حل اخر ولا يعيد نفس الحل «الفاشل»، وهذا ببساطة شرح لما قاله شايب التكنولوجيا والثورة العلمية «اينشتاين» الذي قال فيما معناه: «من الجنون ان تجرب الحلول الفاشلة مرة اخرى وتتوقع ان تتغير النتائج»، ليس هذا فقط بل يجب ان يغير الشخص الواقع في المشكلة من منهج تفكيره الذي اوقعه في المشكلة لايجاد حل شامل ونافع.
هذه نتائج المشكلة لا المشكلة بذاتها
كثير من من شخصوا ازمة الاحتقان بين السلطتين تباينت آراؤهم، فهناك من قال ان المشكلة في انخفاض وعي الشعب، حيث طغت معايير القبلية والمناطقية والمذهبية في تحديد خيارات الناخب للتصويت والتي بسببها نرى «الانبطاحيين» في قبة عبدالله السالم، وهناك من جعل المشكلة في الحكومة التي انتهكت الدستور وعطلت قوانينه، والمجموعة الاخرى رمت اسباب هذه المشكلة على «حيتان المال» الذي ادخلوا البلد في صراعاتهم لأجل تجارتهم ناهبين البلد بشنطة «المناقصات»! وهناك ايضا من عزا هذه الازمة الى انها ازمة صراع ما بين ابناء الاسرة الحاكمة جعلوا نواب مجلس الامة «أداة».
ولعل معالم الحلول التي تم تقديمها تدور حول امرين اثنين، الاول هو وجود حكومة قوية تحترم الدستور وتطبق القانون، بمعنى تعيين وزراء كفاءات نزيهين فعالين ورئيس وزراء قوي محب للشعب، والامر الثاني يتحدث عن ضرورة وعي الناخب في اختيار الافضل من المرشحين لتمثيله في مجلس الامة، ولكن مع الاسف ومن خلال التجربة على مدى عقود السابقة، لا حكومة تحترم الدستور ولا كثير من العقليات التي تصل الى البرلمان «صاحية»!
حتى نكون منصفين فان جميع الآراء السابقة التي شخصت «المعضلة» ليست خاطئة لكنها شخصت «النتائج» ولم تصل بعد الى المشكلة ذاتها، لذلك كانت الحلول المقدمة تعالج النتائج في حين ان المشكلة مازالت تواصل افرازاتها، بمعنى «لا طبنا ولا غدا الشر»، فبالتالي اذا اردنا ان نصل الى المشكلة يجب ان نتتبع اماكن افرازاتها «النتائج» لنجد المنبع!
النتيجة الاولى «انخفاض وعي الناخب»
ليس المواطن الكويتي بمخلوق فضائي له صفات غير باقي البشر، والاصرار على انه لا يزال طفلا «خدج» في عالم السياسة امر فيه نوع من الظلم له، اذا لنتساءل لماذا خيارات الناخب في الانتخابات ما زالت «غير جيدة»؟، الجواب هو بسبب نفوذ الحكومة في الدولة مالية وانفرادها الكامل بوزارات الدولة، والتي مع الاسف جعلت قنوات تواصلها مع المواطن الذي يريد ابسط حقوقه عبر النائب الموالي باستخدام «الواسطة» لذلك القبلي يتمترس خلف «ابن عمه» من اجل نيله وظيفه وغيرها، والمذهبي يفعل كذلك وغيره حتى نجحت الحكومة في إحكام حلقة «الحاجة» فبات المواطن يحتاج النائب الذي «يضبطه» لكي يعيش المسكين في هذه الدوامة طوال حياته وهو على وعي بهذا لكن«مجبرّ أخاك لا بطل».
النتيجة الثانية «حكومة لاتطبق الدستور»
إن حصول الحكومة على النفوذ القوي، كما اسلفنا واحكامها حلقة الحاجة التي يدور فيها المواطن من خلال نواب تخليص المعاملات والصفقات جعلها تضمن العدد الكافي الذي يجعلها «تسرح وتمرح» من غير محاسبة حتى ان القلة القليلة النظيفة في المجلس قد تم وأد ادواتهم الدستورية في مهدها! طبعا كل هذا نفسره ونحن مازلنا نتحدث بحسن النية عن الحكومة! فأنا لا اريد ان اخوض في سوء نوايا الحكومة وعملها على تقسيم الشعب إلى فئات وتجنيدها لفئة على أخرى حتى اذا فرغت من الأولى ركبت الأخرى فأنا في هذا المقال اريد ان اكون متسامحا متفائلا!!
النتيجة الثالثة «تجار جوعانين»
فساد هذه الحكومة التي اسلفنا شرح اسباب فسادها حرك جشع التجار لبناء تحالفات مع اطراف نيابية وحكومية ضامنين «صمت» عموم المجلس الذي اصبح في «الجيب» وذلك لنهب مدخرات البلد المعطاء إلا من رحم ربي منهم، والمواطن لايقول إلا: حلال عليكم بس عطونا كوادر! وهذا يعني امر خطير آخر وهو تسلل مرض جشع التجار إلى نفوس المواطنين الذين يتمنون ان يشاركوهم ولو بقايا «الكيكة»!
النتيجة الرابعة «صراع أبناء الأسرة الحاكمة»
إن الصراع من أجل الحكم امر يتغلغل في دماء جميع البشر المتعطشين للسلطة والوجاهه، فليس صحيحا ان نستنكر ما يحدث من صراع داخل بيت الحكم ولو كان علنيا كأنه عمل فاحش بغيض صراع السلطة أمر طبيعي جدا ولكن السؤال يأتي ليقول إذا اين المشكلة في ذلك؟ المشكلة أننا لم نستطع تقنين طريقة ناضجة تضمن للشعب ان يدور صراع الشيوخ بطريقة يفرز لنا أفضل من ناحية الامانة والكفاءة بحيث يكون في النهاية تحت الرقابة الشعبية التي لايمكن الالتفاف عليها او تعطيلها كما هو حاصل هذه الايام.
«التفتيش» عن المشكلة
لقد كان العديد من السياسيين يعتبر ما ناقشناه من نتائج للمشكلة على انها هي المشكلة بذاتها وبالتالي فإن الحلول المقدمة سابقا لم تفلح في غمار التجربة لأنها ببساطة مبنية على اساس خاطئ، لذلك يجب ان نسأل انفسنا أين هو الخلل إذا اين هي المشكلة؟ حتى نجيب على هذا السؤال يجب ان نطرح أولا سؤالا آخر، بما ان العلة في صراع السلطتين التشريعية والتنفيذية إذا ماهو العقد الذي ينظم اعمالهما واختصاصاتهما وطرق تواصلهما أليس هو الدستور؟ لنحاول اعادة النظر في بعض الدستور!
الدستور«المحطة الأهم»
لم يتم وضع الدستور إلا من أجل ان يخدم الوطن واهله واذا كان العالم يتغير والناس تكبر وتنضج افكارها فلماذا الدستور «واقف» كيف نصبح اسرى لدستور «لايتطور» كيف نصبح اسرى لـ«تفكيرنا السابق» كيف تنقلب الآية؟ فبدلا من ان يخدمنا الدستور اصبحنا نخدمه! كيف نخدم من صنعناه بأيدينا! لاشك ان الدستور يجب ان يكون «خطا أحمر» أمام اي تغيير للاسوأ لكن في الوقت نفسه يجب ان يكون «خطا اخضر» للتطويره إلى الافضل ولمزيد من الحريات.
شماعة«الاشخاص»
اعلم تمام العلم ان رئيس الوزراء وحكوماته الاكثر من «نصف الدرزن» لم تجد نفعا بل «زادت الطين بله» ولكن ليس عدلا ان نختزل مصيبة بلد في شخصه حتى وان كان رحيله افضل للبلد، ان مصيبة البلد اكبر من مشكلة اشخاص انها خلاصة قصور في الدستور يجب تعديله وتطويره ليضمن لنا اشخاص كفاءات سواء نوابا كانوا أو وزراء.
لست في هذا المقال بصدد طرح الحل كاملا لكن ايجاد المشكلة الحقيقية نصف الحل!
تعليقات