جعفر رجب يرى في فيلم 'ريتشارد الثالث' إسقاطا على هموم الشارع العربي وضحكاته ؟!

زاوية الكتاب

كتب 1137 مشاهدات 0


جعفر رجب / تحت الحزام / «ريتشارد» الزعيم العربي

 
 
في الخميس الفائت كنت على موعد مسائي للقاء «ريتشارد الثالث»، في مجمع 360، لمتابعة فيلم وثائقي يعرض على شاشات السينما، من اخراج شاكر ابل، حول مسرحية ريتشارد الثالث لسليمان البسام!
بقدر ماكان الفيلم عن المسرحية، كان ايضا عن واقع عربي بلسان شخصياته، التي تحدثت وتحركت دون سيناريو مكتوب، ودون مكياج وتجميل، ودون اضواء كاشفة خادعة، يتحدثون بما يؤمنون، وبقدر ما يسمح لهم الرقيب المعشش في داخلهم في كثير من الاحيان، يشتمون اميركا ليل نهار، فهي سبب كل مآسينا بداية من زواجاتنا الفاشلة الى رسوب أولادنا في المدارس!
لم يكن الموضوع عرض مسرحية في واشنطن والعين، بقدر ماكان عرضا لمسرحية اخرى خارج خشبة المسرح، مسرحية في شوارع دمشق وبيروت وبغداد والكويت والعين وواشنطن، يحمل هموم الشارع وضحكاته... وبدلا من متابعة فيلم عن عرض مسرحي، اذ بنا نكتشف اننا امام عرض مسرحي اخر للكواليس والشوارع الخلفية للوطن العربي!
نبكي ضحكا، ونحن نشاهد الكلاب البوليسية، وخبراء المتفجرات، يقومون بتفتيش مكان العرض المسرحي في العين لوجود بعض الشخصيات بين جمهور العرض المسرحي!
نضحك بيروقراطية، ونحن نتابع الاتصالات بين الفرقة في واشنطن مع الكويت، ونتابع تفاصيل السماح لمدرس يحضر العرض المسرحي في واشنطن، عبر ثلاثة ايام من الاتصالات مع المسؤولين والوزراء والواسطات، في الوقت نفسه الذي يسرح الآلاف من الموظفين في المجمعات، وتصلهم الترقيات والمكافآت وهم جالسون في «الكوفي شوب»!
ونضحك ألماً في بيروت حيث الشعارات مازالت معلقة في الشوارع، وعلى لسان قائد سيارة الاجرة، الذي يرفع شعار الوحدة الوطنية، ويدعو للشيخ سعد الحريري بالانتصار، في حالة عربية مجنونة مازالت تأمل خيرا في قياداتها، التي تبيعهم بالجملة والمفرق!
وفي بغداد الناس ببساطتهم، بغداد اكثر ألفة كما يقول الفنان العراقي مناضل، بعكس واشنطن الفاقدة للروح والانسانية، ويعلق ساخرا لعل البطالة هي التي تعطي للمدن العربية روحا!
فيلم استحضر ريتشارد الثالث، فوجدناه في شخصيات القادة العرب، بنياشينهم، وملابسهم، العسكرية، ونظراتهم الغاضبة المتجهمة! ونرى في عيني «ريتشارد» صور كل الحكام المهزومين، مدعي البطولات، والكرم والكرامات، نسمع في صوته كل العنتريات والتهديدات والاستنكارات والشعارات الفارغة، كان حاضرا قائد العرب بكل تفاصيله المخجلة، وهو يصعد على حصان خشبي بسيف مُذهب، يستذكر بطولات ذي قار ويعيد امجاد ملوك العرب القدماء، ويستحضر «ريتشارد» عقد بعض الزعماء، ونذالتهم وسفالتهم، وبيعهم الاوطان، وشراءهم للذم، وانتصارات وهمية عبر شاشات التلفزيون!
تصورت انه فيلم عن مسرحية، واذ بي أشاهد مسرحية أخرى تعرض خلف الكواليس، توازي العرض المسرحي جمالا...!

 

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك