استجواب 'التنمية' لرئيس الوزراء- برأي عبدالله النيباري- طائفي متطرف ؟!
زاوية الكتابكتب مايو 25, 2011, 11:17 ص 1504 مشاهدات 0
استجواب «التنمية» لرئيس الوزراء:
طائفي متطرف يقودنا إلى طريق مظلم
كتب عبدالله محمد النيباري :
يجوز لأعضاء مجلس الأمة مناقشة وابداء الآراء في كل ما يتعلق بسياسة الكويت الخارجية، ولذلك وجدت لجنة الشؤون الخارجية في المجلس عندنا، وفي البرلمانات الأخرى، لتناقش اخطر قضايا الشؤون الخارجية، وأهمها قضايا الحرب، مثل ما حدث في الكونغرس الاميركي والبرلمان البريطاني عندما تمت مناقشة التدخل العسكري في العراق عام 2003. لكن ممارسة هذا الحق يجب أن تتسم بالموضوعية ومراعاة مصلحة الوطن والظروف المحيطة الداخلية والخارجية. ولا أعتقد ان سياسة الكويت الخارجية في ما يتعلق بالموقف تجاه احداث البحرين تشوبها مآخذ ترقى الى مستوى تقديم الاستجواب، وهذا ينطبق على استجواب النواب هايف والطبطبائي والوعلان، كما ينطبق على استجواب عاشور، فكلا الاستجوابين بعيد عن الموضوعية ولا علاقة له بمصلحة الكويت بل ربما اضر بها. والارجح ان الاستجوابين ينطلقان من انحياز طائفي ويحملان مواقف متناقضة تجاه قضايا الاصلاح السياسي التي انفجرت ثورات ربيع الديموقراطية العربي لتحقيقه. ففي الوقت الذي يقف فيه مقدمو الاستجواب بعنف ضد المعارضة المطالبة بالاصلاح في البحرين وينحازون الى جانب السلطة، نجدهم مناصرين بحماس للمعارضة المطالبة بالاصلاح في سوريا ضد النظام المتسلط فيها، وبالطبع مع قوى المعارضة في ايران ضد النظام. وكذلك نجد الطرف المتطرف الآخر المؤيد بحماس للمعارضة في البحرين في مطالبها الاصلاحية لغلبة اللون الطائفي فيها، نجده يقف مدافعا باستماتة عن السلطة في سوريا وضد المعارضة المطالبة بالتغيير والاصلاح، رغم استمرار سقوط الشهداء واستباحة الدماء وامتلاء السجون بشكل لا يقل عما يحدث في البحرين بل ربما يزيد. اذن، موقف طرفي الطيف الطائفي لا علاقة له بمطالب الاصلاح ولا برفع الظلم عن الشعوب، ولا تهمهم قضايا ازالة الاستبداد الجاثم على صدر الشعوب، ولا مقاومة الفساد الذي ينهب ثرواتها. فهل يبقى بعد ذلك اي تفسير لهذه المواقف الا انها تنطلق من بعد طائفي متطرف لا يمكن ان يؤدى الا الى مزيد من تمزيق المجتمع واعاقة طريق الاصلاح؟
الاستجواب الأخير يطالب الكويت بان تجاري السعودية، متجاهلا ان دخول القوات السعودية للبحرين يتعلق بسياسة السعودية ومخاوفها من تداعيات تطور الوضع في البحرين وتأثيراته في الوضع الخاص فيها، وأن دخول تلك القوات كان رمزيا ذا بعد وأغراض سياسية، فما حدث في البحرين صراع داخلي أخطأ المحتجون في رفع سقف الشعارات من دون مراعاة التوازن الاجتماعي والسياسي، مما استفز السلطة والقوى الاجتماعية في البحرين وفي جوارها، ومما فاقم الوضع موقف النظام الايراني بتصريحاته الاستفزازية، وكذلك موقف بعض اعضاء البرلمان العراقي وحزب الله، كل ذلك زاد المخاوف في دول الخليج وافرز صراعا طائفياً مقيتا انعكس على المنطقة، وبالأخص عندنا في الكويت. وقد رأينا تجليات هذا الصراع في السجال الدائر بين المتشددين في التطرف والمتاجرين به، والذي وصل أخيرا الى ما حدث في مجلس الأمة فيما سمي بـ «معركة العقل» او غياب العقل.
متطرف
وأرى ان الاستجواب المقدم من الأعضاء هايف والطبطبائي والوعلان ينطلق من بعد طائفي متطرف لا مبرر موضوعياً له.
فمن الامور التي تحظى باتفاق عام في الكويت هي السياسة الخارجية، فمنذ عهد عبدالله السالم كانت تتسم بالاتزان وعدم الانحياز لاطراف الصراعات العربية، وهو ما جعل الكويت تتمتع بعلاقات طيبة مع جميع البلدان العربية حتى في أشد الازمات.
ولا يوجد في موقفها تجاه احداث البحرين ما يمكن مؤاخذتها عليه، على العكس، فربما يمكن وصفها بالحكمة في معالجة الصراع في البحرين عندما اتجهت لتعزيز المصالحة عن طريق الحوار، وهو الموقف الذي تبناه ملك البحرين وولي عهده بالمقارنة مع القوى المتشددة، وهو ايضا الموقف الذي يتبناه المجتمع الدولي، وعلى الاخص الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة اكبر حلفاء البحرين وحماتها التي مازالت قاعدتها الحربية موجودة في البحرين. وذلك واضح من تصريحات وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون واخيرا اشارة اوباما في خطابه الاخير الذي جاء فيه بالنص «ان الاعتقالات الواسعة والقمع واستخدام القوة المفرطة لن تجعل مطالب الاصلاح المشروعة تتبخر والطريق الوحيد للتقدم امام الحكومة والمعارضة هو الدخول في الحوار، ولكن لا يمكن ان يكون هناك حوار جاد وجزء من المعارضة السلمية موجود في المعتقل، وعلى الحكومة ان توفر الجو المناسب للحوار وعلى المعارضة ان تشارك في الحوار لصنع مستقبل عادل لكل البحرينيين».
هذا نص خطاب رئيس الولايات المتحدة اكبر حليف وحام لدول الخليج، وألد خصم لنظام الملالي في ايران.
طريق مظلم
ولذلك، فالاستجواب المقدم حول سياسة الكويت الخارجية ينطلق من بعد طائفي وبعيد عن الموضوعية، وسيزيد السجال الطائفي المقيت تأججاً، ويدفعنا في طريق مظلم لا نهاية له.
لقد بادر صاحب السمو بعد معركة العقل إلى اطفاء نيران الفتنة الطائفية، وخرج المتهاوشون متصافين بالقبل والأحضان، لكن الكل يعلم ان ذلك لن يزيل ما في القلوب وما تختزنه العقول.
ومناقشة الاستجواب سيمهد الملعب لمعركة طائفية قد لا تنحصر تحت قبة مجلس الأمة، لذلك اتمنى على مقدمي الاستجواب سحبه وإراحة البلد من مزيد من إشعال النيران، ففيه من المشاكل والأزمات ما يكفي.
تعليقات