ما بعد مصالحة النواب، حسن جوهر نحو الإعلان عن لجنة عليا مشكّلة من علماء الدين والمشايخ والرموز الاجتماعية وقادة العمل الوطني ؟!

زاوية الكتاب

كتب 785 مشاهدات 0


تصالحوا... وبعدين؟!
د. حسن عبدالله جوهر

 

مبادرة صاحب السمو بلمّ شمل الإخوة الأعضاء تجسد شخصية سموه وحكمته، ومثل هذه التحية يجب أن تقابل بمثلها أو أحسن منها رأفة ببلدنا ورحمة بشعبنا خصوصا في ظل التقلبات الإقليمية الحادة وأمواج الفتن التي تتلاطم من حولنا يمنة ويسرة.

وكما كانت الصور والمشاهد التي تناقلتها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تدمي القلب وتدق ناقوس الخطر والفتنة، وهي ترسم الاشتباك بالأيدي و'العقل' في قاعة عبدالله السالم قبل أسبوع، فإن صور لقاء النواب في حضور سمو الأمير، وهم يتبادلون القبلات والأحضان تدعو بلا شك إلى استعادة الأنفاس والارتياح.

ولكن الأهم والتحدي الأكبر يتمثل بقدرتنا كبلد وشعب على الحفاظ على التوازن السياسي والاستقرار المبني على الاحترام المتبادل والقناعة الحقيقية بالتعايش السلمي على أرض هي للجميع، ومسؤولية حفظ الأمن على ترابها مرهونة بالجميع أيضا.

ومثل هذا المشروع بالتأكيد يتطلب عملا ميدانيا حقيقياً لا يخلو من التضحيات، أو ربما دفع ثمن مكلف على المستوى الشخصي أو حتى الفئوي، فالمصالحة في محضر أمير البلاد ورعايته الكريمة غير كافية، وقد تكون مؤقتة أو محصورة فقط على من حضر اللقاء، ولكن بؤر الفتن والتوتر والاحتقان ما زالت قائمة، ويتم النفخ فيها باستمرار، ومأساة التصادم والاعتراك يمكن أن تتكرر في الأماكن العامة وبين مختلف الشرائح لأتفه الأسباب، وتحت مبررات عدة من إثبات الوجود والتباهي، وبرهنة الفزعة والتعصب وغيرها.

وليس من المنطق أو الإنصاف أو الأمانة التاريخية أن تترك مصالح البلاد والعباد والتفرغ كل يوم 'للمفاكك' والتهدئة وفض 'الهوشات'، وإن كانت مثل هذه الأمور ذات أولوية قصوى، ويجب التصدي لها واحتواؤها فوراً، ولكن لا يختلف اثنان على حجم الخسارة التي يمكن أن نتكبدها كدولة وأمة في تأخر مشاريعنا وطموحاتنا، وحل مشاكلنا إذا ما توقفنا كل يوم أمام مشهد محزن أو خلاف شخصي يختطف البلد ويشل حركته.

ولذلك نأمل أن تتوج مبادرة سمو الأمير بالإعلان عن لجنة عليا مشكّلة من علماء الدين والمشايخ والرموز الاجتماعية وقادة العمل الوطني؛ تكون مسؤوليتها الأولى والأخيرة رصد التحرشات الطائفية ومثيري الفتن مهما كانت مسمياتهم ومواقعهم، وانتقادها بالعلن وبكل جرأة ووضوح، وتسمية أفرادها وجماعاتها دون تردد أو تأخير، وتكون مثل هذه اللجنة مسؤولة أدبياً أمام صاحب السمو الأمير مباشرة إثباتاً لجديتها ومصداقيتها من جهة، ورفع كل أشكال الحرج السياسي والاجتماعي من جهة أخرى، وهكذا فقط تكون ترجمة شعار السمع والطاعة لولي الأمر!

 

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك