عبدالرحمن عبدالخالق «سلفي ديموقراطي'
زاوية الكتابحيدر: نقلة نوعية في فكره قد يراه أقطاب السلفية انحرافا فكريا
كتب مايو 21, 2011, 2:56 ص 5957 مشاهدات 0
تحولات كبرى في فكر رجل دين طالما رفض اليدمقراطية على أنها بدعة، والانتخابات على أنها غربية مستوردة، ولكن خليل حيدر رصد مواقف الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق، فكان 'مقال اليوم'.
السلف.. والخروج على «ولي الأمر»
الخلاف السلفي الكبير الذي برز على صفحات جريدة «الوطن» الكويتية بين آراء الشيخ «عبدالرحمن عبدالخالق» مفكر التيار في الكويت على امتداد سنوات طويلة، وبين الشيخ «سعد الحصين»، أحد كبار شيوخ الدين في المملكة العربية السعودية وأحد البارزين في المجال الدعوي والتعليمي، يظهر الوضع المعقد المتناقض الذي تجد السلفية نفسها فيه، بعد الثورات والانتفاضات العربية التي قلبت الكثير من الموازين.. ولعل أبرز محاور الانقسام بين ما يسمى «بالسلفية التقليدية» التي سارت عليها الجماعة في الكويت وأماكن أخرى، قبل أن يقوم الشيخ عبدالخالق بتسييسها ومنافسة الاخوان المسلمين وبين «السلفية السياسية» أو الجهادية، التي نرى جماعاتها في مختلف الاقطار الاسلامية.
أقول أبرز محاور هذا الانقسام هو الموقف من السلطان وولي الأمر «الجائر». والذي حدث ان «الوطن» أجرت مقابلة يوم 2011/4/27 مع الشيخ عبدالخالق ابرز فيه تعاطفه مع الثورات وحركات التغيير، بل وطالب كذلك بالاحتكام الى نتائج الانتخابات الحرة وما تسفر عنه من نتائج، ولما كانت الدعوة السلفية في الهيئة الدينية في المملكة العربية السعودية، غير متعاطفة مع كل هذه الثورات والتحولات بل وحتى مع الحركة الاصلاحية التي تقودها الدولة السعودية نفسها، فانها وجدت في بعض ما جاء على لسان «الشيخ عبدالخالق» قضايا تستحق الرد وبقوة، وهو ما قام به «الشيخ سعد الحصين» في الرد المنشور يوم 2011/5/17، في هذه المقابلة، والتي لا مجال لمناقشة كل ما جاء فيها، اعتبر الشيخ عبدالخالق ان «التوجه السلفي هو الاسلام الصحيح»، وقال إن الأحزاب والتيارات السياسية الاخرى «عندما رأت هذا الحضور القوي للسلفيين في مصر قالوا ان هؤلاء اذا دخلوا الانتخابات سيأكلوننا»، وقال مدافعاً عن سلوكهم «فيما أعلم أنه ليس هناك سلفي في مصر يفتي بالاعتداء على النصارى أو الاضرار بهم أو مصادرة أملاكهم»، وهذه تبرئة فيها دفاع غير واقعي، اذ جرت صراعات عنيفة بينهم وبين الاخوان المسلمين فكيف بالنصارى! وقال الشيخ عبدالخالق إن من يصدر عنه أي سلوك عدواني «لا يكون سلفياً»، وكذلك نفى أي دور لهم في هدم الاضرحة وأضاف: «نعم يكفرون- عبادة القبور- باللسان لكن لا يتجاوزون إلى استعمال اليد، وإذا وقع هذا من شخص ما يدعي السلفية فهو عمل يهدف إلى الاساءة للسلفيين».
لم يتردد الشيخ عبدالخالق في الدفاع عن ثورة 25 يناير المصرية فقال، «شباب مصر قاموا بأنظف وأفضل ثورة وجدت في التاريخ، فلا توجد ثورة في التاريخ القديم أو المعاصر.. يجتمع فيها كل أطياف المجتمع المصري في تناسق وتنسيق وأدب وخلق على هذا النحو.. هذا أمر غير مسبوق» وسأله محاور «الوطن» الاستاذ حسن عبدالله سؤالاً ملغوماً قائلاً: «أنت تتحدث عن سلفية غارقة حتى أذنيها في العمل السياسي، فهل هذا من لب السلفية؟» وأجاب الشيخ بما كتب فيه مراراً في بعض مؤلفاته قائلاً: «العمل السياسي من الدين، أو هو الدين»، وعاد المحاور فسأله، «لو جاءت نتائج الانتخابات برئيس أو عضو برلماني علماني أو ليبرالي أو غير سلفي عموماً؟ فأجاب الشيخ مقاطعاً بالموافقة، لابد أن نقبل به فنحن قبلنا بالنظام ولابد أن نرضى بنتائجه ولتفرز صناديق الانتخابات من تفرزه فالانتخابات عقد وعهد وينبغي ان نفي بهذه العهود والعقود لكن على الأغلبية ألا تلغي الأقلية، فأبدى المحاور دهشته من أنه يستمع للمرة الأولى في حياته إلى «سلفي ديموقراطي»! ولعل أهم إجابات الشيخ عبدالخالق في مجال الاضافة والتغيير في السياسات السلفية كانت في رده على سؤال المحاور «كل أدبيات السلفية تكاد تقدس الحكام، وتعتبر الخروج عليهم كفراً بواحاً؟ فكان جواب الشيخ هذا غير صحيح، هم يرون أنهم لا يخرجون على الحاكم المسلم بالسيف فحسب لأن الخروج بالسيف يؤدي إلى مفاسد كثيرة أي أن السلفيين يرفضون الثورات الدموية فقط، أما الخروج بالكلمة والتظاهر ورفع المطالب إلى الحاكم، حتى بتنحيته كما حدث في الثورة المصرية، فهذا منهج مقبول ومعقول»، وهذا الذي يقرره الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق «نقلة نوعية» في الاجتهاد السلفي، ولا غرابة في استياء الشيخ «سعد الحصين» مما قد يعتبره وغيره من شيوخ السلف «بدعة» غير مقبولة، ومحاولة لاجازة الخروج على الحاكم في الاحوال التي لم تبررها الشريعة ومذهب أهل السنة، والسماح ببعض أوجه الثورة ضد الحاكم دون أوجه اخرى، مع احتمال تصاعد هذه الثورة السلمية والمظاهرات.. إلى «خروج بالسيف»!
وهذا أمر لم يتطرق إليه الشيخ عبدالخالق بالتوضيح اللازم. هل ستجد الجماعات السلفية نفسها فكراً وممارسة، في نفس مواقع الاخوان المسلمين؟ هل ستكون الأولوية لديهم الاكتساح السياسي مثل الاخوان ولو على حساب «نقاء العقيدة» و«صفاء التوحيد» والالتزام بـ«منهج السلف»؟
هذا ما ستظهر بعض جوانبه الانتخابات المصرية والتونسية وغيرها، وما سنراه في مقالات ومقابلات السلفيين القادمة!
خليل علي حيدر
تعليقات