ما حدث أمس أمر جلل يحمل في طياته ما هو أخطر وأسوأ وأعنف من مجرد “الهوشة النيابية”!.. أحمد الديين يحذر من الفتنة الطائفية

زاوية الكتاب

كتب 1286 مشاهدات 0


 

 ليست مجرد «هوشة» نواب! 
 
كتب أحمد الديين
 
ما شهدته قاعة عبداللّه السالم صباح يوم أمس أخطر من مجرد “هوشة” بين نواب، فقد سبق أن شهدت هذه القاعة “هوشات” عابرة سرعان ما تمّ تجاوزها وطيّ صفحاتها، وهناك سوابق  شهدتها قاعات برلمانات دول عديدة لتبادل اللكمات والتشابك بالأيدي والقفز فوق الكراسي وقذفها، عرضتها محطات التلفزة ونشرتها الصحف وتناقلتها وكالات الأـنباء في العالم أجمع... وما حدث يوم أمس لم يكن ملاسنة سخيفة وخلافا ناشبا بين نائبين أو أكثر تطوّر على نحو مؤسف إلى ما تطوّر إليه من انفعال وهياج واشتباك وضرب متبادل لا يليق برجال راشدين فما بالك بنواب منتخبين يمثلون الأمة؟!
وكذلك فإنّ ما حدث يوم أمس قد لا يكون بالضرورة أمراً مفتعلاً مخططاً له يهدف إلى الإساءة المتعمّدة إلى سمعة مجلس الأمة وتشويه صورة الممارسة البرلمانية المشوهة بالأصل، أو تعطيل الجلسات السابق تعطيلها أكثر من مرة، وإن أدّى ما حدث إلى تحقيق ذلك بالنتيجة، بل حتى وإن كان هناك مَنْ سعى بالأصل إلى الوصول إلى مثل تلك النتيجة أو سواها!
وإنما شهدنا يوم أمس ما هو أسوأ وأخطر... فما حدث كان إطلالة شؤم لنُذر الفتنة الطائفية المؤججة بالشحن المستمر السابق لمناقشة مجلس الأمة يوم أمس لقضية معتقلي غوانتانامو التي كانت مجرد مناسبة، وما أكثر المناسبات، لإشعال الشرارة التي مهّد لها الشحن الطائفي المتعمّد في قضية التأبين قبل ثلاث سنوات، والانقسام الطائفي المؤسف على خلفية تباين المواقف تجاه أحداث البحرين ومحاولة إسقاطها على الوضع الكويتي، وتداعيات قضية الشبكة الجاسوسية، إلى أن انتقلت الفتنة إلى الإساءات المتكررة للرموز الدينية  والاستهداف المتعمّد لبعض دور العبادة، وما رافق ذلك كله من استثارة وتهييج للمشاعر الطائفية ومحاولات مقصودة لشقّ النسيج الوطني الاجتماعي، التي سبق للقوى الوطنية الحيّة أن نبّهت إلى خطورتها وحذّرت من عواقبها الوخيمة وتداعياتها الخطرة، التي كان آخرها، وليس نهايتها، ما شهدناه يوم أمس من تلاسن نيابي معيب واشتباك صبياني مشين!
إنّ ما حدث يوم أمس ليس مجرد حادثة عارضة يمكن تجاوزها أو “هوشة” عابرة يمكن الاكتفاء باستهجانها كتصرف نيابي غير مسؤول ومحاولة مصالحة أطرافه، وإنما شهدنا نذير فتنة طائفية مدمرة يتطلب التصدي لها ما هو أكبر من مجرد بيان استنكار وما هو أهم من إجراءات تهدئة خواطر يقوم بها مكتب مجلس الأمة أو رئيسه، وإن كان هذا كله مستحقا، إذ لابد من الوقوف بحزم في وجه الطرح الطائفي أيًّا كان مصدره، ولابد من اليقظة تجاه مثيري النعرات ومؤججي الفتنة بغض النظر عن انتمائهم، ولابد من إعلان مواقف واضحة وصريحة ترفض محاولات تمزيق النسيج الوطني الاجتماعي، ولابد من تجريم التحريض العنصري والتأجيج الطائفي، ولا بد من اتخاذ موقف وطني موحد ضد دعاة تكريس الهويات الصغرى من طائفية وقبلية وفئوية ومناطقية على حساب الهوية الوطنية الكويتية الجامعة، ولا بديل عن التمسك بمبادئ المواطنة الدستورية والتوعية بأهميتها والتثقيف بها... فما حدث أمر جلل يحمل في طياته ما هو أخطر وأسوأ وأعنف من مجرد “الهوشة النيابية”!
 

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك