((الآن)) تنشر ما منع من النشر للوهيب
زاوية الكتابمنتقدا رئيس حقوق الإنسان الكويتية بمقاربة مع حقوق الإنسان في سوريا
كتب مايو 17, 2011, 6:30 م 6061 مشاهدات 0
حصلت على مقال لأستاذ الفلسفة بجامعة الكويت الدكتور محمد الوهيب منعت من النشر حيث يكتب وننشرها أدناه دون تعليق:
حقوق الإنسان السوري: مقاربة كويتية
د. محمد الوهيب
كتب الأستاذ علي البغلي، رئيس الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان، مقالا حول الأوضاع الراهنة في سوريا في القبس بتاريخ 9/5/2011 يعزو فيه أسباب هذه 'التظاهرات' التي قام بها الشباب هناك لانتشار الفساد والمفسدين وعلى رأسهم، كما يشير الأستاذ البغلي، ابن خال الرئيس بشار الأسد رامي مخلوف الذي يسيطر تقريبا على ثلثي الاقتصاد السوري. هذا ودعا في نهاية مقاله للرئيس السوري 'بأن يحميه الله من أصدقائه وأقربائه، أما أعداؤه...فهو أقدر من يتكفل بهم من دون تعب ولا نصب.'
خلل جسيم وقع به كاتب هذا المقال، وهو خلل من طبيعة منطقية. فهل من المنطق أن ننتقد الفساد الذي قام به أحد الأشخاص في دولة ما، ويصدف أن يكون هذا الشخص ابن خال الرئيس وصديق طفولته، ثم نعزو كل الشرور التي حدثت في الشقيقة سوريا من عنف ومجازر وقمع للمتظاهرين واختفاء لأشخاص...الخ، لرامي مخلوف فقط؟ هذا أمر من الصعب قبوله. أما إذا أردنا أن نفترض صحة رأي الأستاذ البغلي، فيجب عليه أن يثبت لنا أمرين معا: 1. أن هذا النمو الفاحش لثروة مخلوف كان نموا لا يعلم به الرئيس الأسد (وهو أمر مستبعد لا يقبل به عقل، نظرا لوجود اسم مخلوف خلف كل بزنس حيوي عملاق في سوريا) 2. أن الفساد المالي هو السبب الوحيد وراء هذه التظاهرات (وهو الأمر الذي لا يقبله عقل أيضا، بل ويمتعض منه السوريون أنفسهم، فهم كمثل كل الشعوب العربية اليوم تواقون للديمقراطية والإصلاح السياسي واحترام 'حقوق الإنسان'). والحال أن مقال الأستاذ البغلي لا يثبت لنا هذين الأمرين معا أو على الأقل واحد منهما، ولهذا يسهل علينا استنتاج ضرورة عدم قبول ما ورد ذكره في مقاله آنف الذكر، نظرا لهذا الخلل المنطقي الذي يعاني منه.
انتقادنا الآخر لمقال الأستاذ البغلي موجه لهذه النزعة المعادية للديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وهي النزعة التي ظهرت ضمنيا في مقاله هذا، والتي تمثلت 'بدعائه' أن يحفظ الرئيس من 'أعدائه'، وهم الذين حددهم كالتالي: 'أميركا وإسرائيل وقوى «14 آذار» والسلفية السورية الجديدة'. المشكلة هنا هي أنه هكذا و'بجرة قلم' قد تم اختزال هذا النضال من قبل القوى السياسية السورية والشباب السوري في مقولة 'أعداء الرئيس'، وهو الأمر الذي لا يقبله لا عقل ولا ضمير إنساني يحترم حقوق الإنسان. إن هذا الاختزال لمطالبات الإصلاح في مقولة 'أعداء الرئيس' يشذ عن الموقف الدولي حيال هذه القضية بل وموقف جميع منظمات حقوق الإنسان التي أعرفها دولية كانت أم محلية. كيف يمكن لنا فهم هذا الموقف الخاص بالأستاذ البغلي أمام تصريح نائبة المفوضية السامية لحقوق الإنسان في 4/29: 'إن المعلومات التي تم جمعها منذ منتصف مارس ترسم صورة مثيرة للقلق عن الاستخدام الواسع للذخيرة الحية والاعتقالات والاحتجاز وحوادث اختفاء متظاهرين ومدافعين عن حقوق الإنسان وصحفيين...الخ'؛ مركز سواسية السوري لحقوق الإنسان يتحدث عن 800 قتيل؛ المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره لندن يتحدث عن 621 قتيل. كيف يمكن لنا أن نفهم منع العديد من المسئولين السوريين السفر إلى الاتحاد الأوربي بسبب التعامل الهمجي مع المتظاهرين؟ كيف لنا أخيرا أن نفسر الموافقة الرسمية السورية على بعثة التحقيق الدولية ثم منعها من دخول درعا؟
لا يمكن لنا على الإطلاق، إن كنا ممن يحملون رسالة حقوق الإنسان على عاتقهم، أن نتغافل عن مشروعية المطالبات بالإصلاح في شتى بقاع الأرض، بل وأن نختزل هذه المطالبات المشروعة، ضد نظام سياسي له سجل حافل بتجاوزات حقوق الإنسان، في تجاوزات بعض المتنفذين. بصراحة، لم يكن لهؤلاء المتنفذين، في سوريا أو في أي قطر آخر من أقطار هذا الوطن العربي، من سبيل يزيد في سعادتهم ويزيد من شقاء وتعاسة الأغلبية، إلا مباركة النظام السياسي القائم. ففي ظل غياب الديمقراطية الحقيقية تستحيل هذه النظم إلى كل يتحكم في الكل، أي نظم سياسية تتحكم في الشؤون الاقتصادية والاجتماعية وكل ما تشتهي الأنفس. وهكذا ترتبط كل النجاحات في المجال الاقتصادي لا بمبدأ الكفاءة والتنافس الشريف تحت مظلة القانون، بل بالعلاقة السحرية التي تمتلكها مع هذا النظام. ليس من المنطق أن نعزو الظلم والقهر الاجتماعي القائم في هذه المجتمعات لاحتيال بعض رؤوس الأموال على القانون، بل لمن 'سمح' لهم بأن يحتالوا على القانون، ومثل هؤلاء، إن كنا صادقين مع أنفسنا، لا يستحقون الدعاء لهم.
إنا لله وإنا إليه راجعون
تعليقات