بدر الديحاني يتساءل بعد التشكيل الجديد: لماذا استقالت الحكومة إذن؟
زاوية الكتابكتب مايو 9, 2011, 2:02 ص 888 مشاهدات 0
لماذا استقالت الحكومة إذن؟
د. بدر الديحاني
قبل أكثر من أربعين يوما استقالت الحكومة، وهو ما ترتب عليه عرقلة أعمال مجلس الأمة، وتعطيل بعض مصالح الناس الضرورية مثل التعيينات والتنقلات والترقيات وغيرها، وقد كان المتوقع أن تأتي بعد الاستقالة حكومة جديدة بقيادة جديدة تتبنى نهجا جديدا من خلال طرح حزمة إصلاحات سياسية وديمقراطية شاملة ملتزمة بالدستور للخروج من حالة المراوحة السياسية، ومن حالة التجاذبات الطائفية والفئوية، خصوصا أن الاستقالة قد حدثت بعد سلسلة من المطالبات الشعبية الداعية إلى التغيير والإصلاح السياسي والديمقراطي، وفي ظل متغيرات إقليمية نوعية وثورات شعبية عربية.
لكن، وبعكس توقعاتنا، فقد عادت الحكومة بتركيبتها الرئيسة نفسها بل إن الوزراء الذين وجهت إليهم استجوابات قبل الاستقالة قد عادوا، باستثاء وزير النفط والإعلام السابق، لشغل مناصبهم ذاتها وهناك استجوابات جاهزة بانتظارهم بعد أداء الحكومة القسم الدستوري، وهو ما يدفعنا إلى طرح سؤال المليون وهو: ترى لماذا استقالت الحكومة إذن؟
للإجابة عن هذا السؤال فإنه ليس أمامنا سوى التخمين وطرح بعض الاحتمالات، إذ إن رئيس الحكومة لم يفصح بعد، وأظنه لن يفصح، عن أسباب استقالة الحكومة وعودتها بالتشكيلة ذاتها تقريبا، وفي هذا الجانب فإن هناك،على الأقل، أربعة احتمالات وهي:
الاحتمال الأول هو أن الاستقالة كانت مجرد تكتيك سياسي، الهدف منه هو عدم مواجهة الاستجوابات التي قدمت قبيل الاستقالة، إما لأسباب تتعلق بالقدرات الذاتية للمستجوبين وإما بمادة الاستجواب، خصوصا بعد انكشاف ظهر الحكومة إثر تخلي مؤيديها عنها، وهو احتمال وارد، بيد أن عودة الحكومة كما هي تقريبا جعلته احتمالا مشكوكا فيه؛ إلا إذا كان هناك تكتيك سياسي معين لم يعلن عنه بين الحكومة ومؤيديها لاسيما تكتل 'نواب الشيعة'!
الاحتمال الثاني: أن الحكومة استقالت خوفا من الفتنة الطائفية وللمحافظة على الوحدة الوطنية لاسيما بعد أحداث البحرين وتقديم استجواب 'طائفي' لوزير الخارجية، لكن هذا الاحتمال لا يصمد أمام حقيقة أن الفتنة الطائفية لم تتوقف منذ استقالة الحكومة، بل إنها في ازدياد يوما بعد آخر، كما أن الاستجواب ذاته بأركانه كافة لا يزال قائما.
الاحتمال الثالث هو أن الحكومة استخدمت الاستقالة كمحاولة لكسب الوقت لعل بعض المتغيرات الإقليمية تأتي في مصلحتها، وهذا ما قد يفسر تأخير إعلان الانتهاء من تشكيل الحكومة، بيد أن هذا الاحتمال يتهاوى أيضا، إذ إن الجميع كان يعرف أن المنطقة العربية تمر منذ بداية العام بمتغيرات جذرية جعلت الشعوب العربية تكسر حاجز الخوف وتطالب بالحرية والإصلاح السياسي وتغيير الأنظمة القمعية الأشد استبدادا وبطشا وظلما مثل النظامين الليبي والسوري.
الاحتمال الرابع أن هنالك قصورا ذاتيا في قراءة مستجدات الساحتين المحلية والعربية، واستيعابهما لاسيما أن عام 2011 يختلف اختلافا جذريا عن عام 2010 أو ما سبقه، مما جعل رئيس الحكومة يظن أن إعادة إنتاج الأزمة السياسية السابقة على استقالة الحكومة لن يترتب عليه أكثر مما حصل في المرات الست السابقة، وهو إما استقالتها للمرة السابعة وإعادة تشكيلها بالرئاسة ذاتها وإما حل المجلس والدعوة لانتخابات عامة.
أخير وليس آخرا فإن- وأيا كان الاحتمال الذي جعل الحكومة تستقيل وتعطل مصالح الناس لمدة ستة أسابيع، ثم تعود للمرة السابعة بالنهج ذاته وبالتركيبة الأساسية نفسها تقريبا- الشيء المؤكد هو أن الأزمة السياسية ستستمر لأننا، وببساطة متناهية، لانزال ندور في الحلقة المفرغة ذاتها.
تعليقات