حسن العيسى يطالب القلاف بعدم استغلال حصانته البرلمانية بالنيل، والطعن والمساس بسمعة وزير الصحة ؟!

زاوية الكتاب

كتب 1405 مشاهدات 0


النيابة بين الحربش والقلاف
حسن العيسى

واجب نواب الأمة أن يرتفعوا في طرحهم عن صغائر الأمور، ولا يجوز أن يكونوا مجرد صدى لأصوات نشاز لقواعدهم الانتخابية متى حادت الأخيرة عن الطرح العقلاني ونحت إلى العصبية الطائفية والتزمُّت المذهبي، فواجبهم الوطني يفرض عليهم أن يكونوا قادة للرأي العام، وأداة تنوير له، ولو كان هذا على حساب خسارتهم لبعض الأصوات الانتخابية؛ فخسارة تلك الأصوات الشاذة خير من خسارة وطن وتفتيت وحدته الوطنية، هذا من ناحية. أما الناحية الأخرى، التي تمثل الوجه الثاني من العملة البرلمانية السيئة، فهي واجب النواب الأخلاقي بألا يكون نواب الشعب أداة تحقيق مصالح مادية لبعض النافذين، وذلك حين يصوبون سهام النقد والتجريح لبعض الوزراء أو المرشحين للمنصب الوزاري، لأن هذا الوزير أو ذاك رفض تمرير معاملة غير مشروعة يفوح منها نتن التربح من المال العام.
 المسألة الأولى مقلقة، فقيام بعض الذين في قلوبهم مرض بكتابة عبارة مسيئة للسيدة عائشة على حائط مسجد لا تمثل غير سخف كاتبها وطفولة فكره، إن لم يكن الغرض منها إثارة النعرات المذهبية وخلق الأجواء لبذر أسباب الفتنة بين الطائفتين الشيعية والسنية في الدولة، مثل ذلك الفعل المجرم لا يصح أن يكون سبباً لأن يدق النائب الحربش وبعض رفاقه طبول الحرب ويطلقوا التصريحات غير المسؤولة عن 'الصفوية' وأتباعها ! أي 'صفوية' وأي شبكة صفوية يطالب النائب بملاحقتها ويدعو إلى تشديد العقوبات الجزائية على مَن يتعرض لزوجات الرسول؟! ما ندركه عن 'الصفوية' أنها حركة سياسية مذهبية نهضت من قرون سالفة فرضت المذهب الجعفري بقوة السيف على الخراسانيين السُّنة، وجلبت رجال الدين الشيعة من جبل عامل في لبنان بغرض فرض المذهب الإثني عشري في بلاد فارس، لتشتعل بعدئذ الحروب المذهبية بين هذه الدولة 'الصفوية' والإمبراطورية العثمانية السُّنية... وانتهت القضية عند ذلك التاريخ لتبدأ صراعات 'سياسية' غُلفت برؤى التفسير الديني للتاريخ ليرفع كل طرف متصارع شعاراً عنوانه 'نحن أهل الحقيقة المطلقة ونحن الفرقة الناجية دون الآخرين'! وهنا يكمن لُب العنصرية وجوهر روح محاكم التفتيش في أوروبا العصور الوسطى، التي انتهت منها بانتصار الثورة العلمانية في فرنسا عام ١٧٨٩، بينما يرزح شرقنا المتخلف في سجونها المظلمة، وكم نخشى أن تنقلب ثورات 'الربيع العربي' إلى مجازر تُسلخ فيها جلود الأقليات الدينية والعرقية... ولنا في الكويت تاريخنا المتسامح نسبياً، ولا نريد ورثة محاكم التفتيش وأوصياء الدين أن يفرضوا علينا 'حقائقهم' وعنصرياتهم كي يهدم السور الكويتي على رؤوسنا ورؤوس أبنائنا.
المسألة الثانية، هي ذلك الحديث المعيب المتمثل في لقاء النائب القلاف مع قناة العدالة، فمن حق هذا النائب أن ينتقد بكل ما يريد من كلمات أداء الوزير هلال الساير في عمله، لكن حين يخرج مثل هذا النقد عن الأصول التي يفترض على النائب أن يراعيها لتصل إلى الطعن والمساس بسمعة هلال بالتحقير من شأنه، فهنا يجب أن يقف نقده عند حدود القانون، وليس له أن يتمسك بحصانة برلمانية غرضها حمايته من الملاحقة القانونية وتمكينه من أداء واجبه البرلماني باستقلالية... ولم يكن غرض التشريع من الحصانة الدستورية تسهيل تمرير معاملات غير جائزة لجماعات نافذة مالياً... بل العكس هو الصحيح فمن واجب هذا النائب وغيره محاسبة هلال وغيره متى انحرفوا في عملهم عن حكم القانون وواجباته المفروضة.
 قبل عدة أشهر، تجرع د. هلال كأس المرارة حين رفضت الأغلبية النيابية رفع الحصانة عن النائب دليهي الهاجري في جريمة سب ارتكبها النائب بحق هلال لأن الأخير رفض تمرير معاملة لم تسر وفق الأطر القانونية... فهل كانت تلك الواقعة سابقة مخجلة من سوابق كثيرة بررت للنائب القلاف مثل عمله للحط من قدر الغير، سواء كانوا وزراء أم غيرهم، لأنهم سلكوا ما تمليه عليهم ضمائرهم؟! وهل من أجل ذلك شرع مبدأ الحصانة؟! اتقوا الله في وطنكم.

 

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك