حسن جوهر يدعونا لمشاهدة ولادة الحكومة الجديدة، ودخولها في موسوعة 'غينيس' للأرقام القياسية ؟!

زاوية الكتاب

كتب 933 مشاهدات 0


حكومة غينيس للأرقام القياسية!
د. حسن عبدالله جوهر


التشكيلة الحكومية الجديدة المسربة تدل بشكل قاطع على عدم وجود أي مؤشر لمشاورات سياسية أو ترتيبات مع الكتل النيابية أو القوى الوطنية أو حتى الفعاليات والمؤسسات المهنية وجمعيات النفع العام، ومثل هذا الانطباع بلا أدنى شك يعتبر انتكاسة سياسية كبيرة على الصعيد الدستوري وضربة في خاصرة التطور الديمقراطي!

والأسماء التي تسربت عبر وسائل الإعلام والصحافة والمواقع الإلكترونية أخذت الصبغة الرسمية لعدم نفي مكتب سمو رئيس مجلس الوزراء عدم صحتها، بل ما يؤكد ذلك ما نقله رئيس مجلس الأمة عن جاهزية التشكيل الوزاري وتصريح رئيس الوزراء بأن حكومته قد تمت مباركتها من قبل صاحب السمو.

وهذه المعطيات في الحقيقة لا تزيد الطين إلا بلّة، وقد تضيق دائرة الإحراج السياسي، وبشكل غير مسبوق، على شخص سمو الرئيس، وتعكس عقلية ومنهجية اختيار الوزراء، فما بالك بالسياسة العامة للحكومة المنتظرة بعد أداء القسم والدخول حيز التنفيذ الفعلي بما في ذلك التعامل مع مجلس الأمة؟!

فالحكومة تقدمت باستقالتها منذ أكثر من أربعين يوماً، وكلف رئيس الوزراء مباشرة لتشكيل حكومته السابعة، ولكن من الواضح جداً أنه لم تجر أي مشاورات جدية ولا حتى غير جدية حول هذه المهمة الحساسة وبالغة الأهمية؛ بدليل أن أكثر الانتقادات التي وصلت إلى حد الحكم المسبق على عدم قبول الاختيار الجديد جاءت من قبل النواب الموالين لسمو الرئيس ممن تصدوا للدفاع عنه على مدى السنتين الماضيتين، وهم من شريحة الأغلبية البرلمانية التي عجلت باستقالة الحكومة الأخيرة بعد سحب العديد منهم لتضامنهم معها، ودخلوا في معركة الاستجوابات الجماعية بما فيها استجواب الرئيس!

وبغض النظر عن طبيعة التحالفات والتكتيكات التي قد يلجأ إليها أي رئيس حكومة، وهذا شأنه وعليه تحمل تبعاتها، فإن التشكيل الجديد لم يراع حتى توجهات أقرب المقربين من رئيس الوزراء ورغباتهم، وهذا بحد ذاته أمر معيب للغاية لسببين: الأول، الافتقار إلى الحس السياسي، وترتيب الأوراق، وخلق جبهة نيابية تساعد الحكومة على البقاء والصمود للفترة المتبقية من عمر الفصل التشريعي.

أما السبب الآخر، وهو الأصعب والأخطر، فيتمثل بحالة الغليان السياسي على المستويين البرلماني والشعبي ومستوى الطائفية التي وصلت إلى السطح، وبلغت حد التهديد بالقتل وسط استقطابات تزيد خطورتها يوماً بعد يوم، ومع ذلك لم يراعَ مثل هذا الجو المشحون حتى النخاع في التركيبة الحكومية، وما يفترض أن يسبقها من لقاءات واجتماعات ومشاورات مع مفاتيح نزع مثل هذا الفتيل.

وما يدعو إلى القلق أيضاً، وحسب المعلومات المتاحة، أن الأطراف خصوصاً النيابية التي التقت مع رئيس الوزراء خلال الأسابيع الماضية بشأن التشكيل الوزاري هي التي بادرت وطلبت ذلك؛ بعكس ما هو مطلوب من استدعائهم من قبل الرئيس حسب الأصول الدستورية، ومع ذلك لم يتم الأخذ بملاحظاتهم أو آرائهم ولا حتى ترشيحاتهم لبعض الأسماء والحقائب الوزارية!

ومع ردود الأفعال النيابية العنيفة و'الفيتو' على بعض الوزراء فور تسريب خبر تشكيل الحكومة وعدم نفي ذلك رسمياً، فإن أي تغييرات أو حذف أو إضافة للوزراء ستكون قاصمة للظهر؛ لأن ذلك يعتبر تعديلاً وزارياً آخر قبل أداء القسم هذه المرة، وهي سابقة قد تعزز الانطباع بعدم الوثوق بالحكومة لمن يُدعون للمشاركة في الوزارة!

وباختصار، فإن الحكومة القادمة التي ولدت ولم يصدر لها شهادة ميلاد بعد لن يختلف مصيرها عن أخواتها الست في العمر الافتراضي، لكن هذه المرة يبدو أن عمرها قد يؤهلها للدخول في موسوعة 'غينيس' للأرقام القياسية!

 

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك