كيف تنظر إسرائيل للثورات العربية-هذا ما يحاول سعد بن طفلة شرحه

زاوية الكتاب

كتب 1440 مشاهدات 0


إسرائيل والثورات العربية

ما الذي يدور في العقل الإسرائيلي الآن؟ كيف يفهم الإسرائيليون ما يجري حولهم؟ ما التفسير الإسرائيلي للثورات العربية؟ وما الذي يتمنوه كنهاية لهذه الثورات؟
لا بد وأن هذه التساؤلات هي الشغل الشاغل للإسرائيليين هذه الأيام، ومؤكد بأنها تستحوذ على كامل تفكيرهم ووعيهم، وأكيد أن مخططوا الدولة العبرية يتابعون المشهد العربي وثوراته بكل تفاصيله ودقائقه، صعقهم المشهد وتطوراته، ولكن المتابع يدرك أنهم يضعون السيناريوهات المحتملة لنتائج هذه الثورة أو تلك، لكن المؤكد والأكيد أنهم ليسوا في موقع المتفرج والمشاهد فقط، لهذا المشهد الذي هز المنطقة برمتها، وبالتأكيد هم يعملون ليل نهار لنهاية يرسمونها علهم يحصدونها بعد أن يهدأ غبار الثورات، وتسقط أنظمة البطش العربية. والسؤال هو: ما هو أفضل نتائج هذه الثورات؟ هل هي الديمقراطية والاستقرار والتطور لهذه المجتمعات والدول؟ هل يتمنى الإسرائيليون أن تنتهي هذه الثورات بأنظمة إنسانية تحترم حقوق الإنسان وتعتبر رأيه ومشاركته في تحديد مصيره؟ وهذا التساؤل ليس بحاجة إلى عناء التفكير والتأمل بالظن أن إسرائيل يمكن أن تتمنى أو تعمل على هذا السيناريو، فهي تسوق شرعيتها دوماً بأنها الديمقراطية الوحيدة في بحر متلاطم من الدكتاتوريات العربية المتخلفة، وبأن الغرب بدعمه اللامحدود لها إنما يدعم قيمه ومبادئه بالحرية والديمقراطية، ونشوء ديمقراطيات عربية محيطة بإسرائيل تسودها الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، إنما هو عامل حضاري يسقط مبررات الدعم المطلق لإسرائيل الديمقراطية في مواجهة العرب 'الوحوش'، ومن ثم فالواحد يخلص إلى أن آخر ما تتمناه إسرائيل للعرب هو الاستقرار والديمقراطية والازدهار.

فالحقيقة التي لا غبار عليها أنه وعلى الرغم مما كتبه شمعون بيريز- رئيس الدولة العبرية- في الجارديان يوم الأول من أبريل الماضي بأن إسرائيل سعيدة لحدوث الثورات العربية (لعل التاريخ مصادفة – ولا علاقة له بكذبة أبريل)، لكن المتابع للمشهد للإسرائيلي يقول بأن إسرائيل غير سعيدة بما يجري من ثورات حولها، بل هي متوترة في أحسن الأحوال، وهلعة في معظمها. وسبب هلع إسرائيل الرئيسي يكمن في أنها لم تتوقع هذه الثورات، فعلى الرغم من تشدقها أمام دوائر القرار والاستخبارات والدراسات الغربية بأنها 'الخبيرة' الفذة في شؤون المنطقة، وعلى الرغم من إدعاءاتها المبالغ فيها بتغلغل مخابراتها –الموساد- في كل زوايا العالم العربي، إلا أن الحقيقة أن إسرائيل تفاجأت بهذه الثورات وتسارعها، وجاءت هذه الحقيقة على لسان دان ميريدور نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي لشؤون الاستخبارات والطاقة النووية يوم 12 أبريل بقوله: لو سألتني قبل حدوثها بيوم في مصر أو تونس لقلت لك 'مستحيل'.

لكن إسرائيل ليس لها مسطرة ردود أفعال واحدة تجاه ما جرى ويجري - فتونس بعيدة نسبياً وليست مؤثرة في الصراع العربي-الإسرائيلي بنفس تأثير الدول المجاورة، وكذلك الحال بالنسبة لليمن وليبيا، ومن المؤكد بأن الهلع الإسرائيلي مصدره الثورة المصرية وحالة الغليان الثوري السورية، حتى أن مصادر غربية تتحدث عن ضغط إسرائيلي على واشنطن لوقف مزيد من الثورات وخصوصا في محيط الدولة العبرية، وذلك لعدم قدرتها على متابعة الأحداث والتأثير في سيرها ونتائجها.

المفاجأة الإسرائيلية بالثورات العربية، ستدفعها للعمل نحو إحداث فوضى واحتراب داخلي على أسس دينية وعرقية وطائفية، وسوف تعمل جاهدة على إجهاض مسيرة هذه الثورات نحو الاستقرار والديمقراطية الحقة، ففي استقرار محيطها وديمقراطيته وازدهاره، تحد حضاري حقيقي يهدد وجودها وينزع عنها صفة الواحة الديمقراطية المحاطة بالبطش العربي، كما قد يقود إلى رفض معاهدات السلام معها- ما لم يكن سلاماً عادلًا وشاملًا، وهنا بيت القصيد ومنبع الهلع الإسرائيلي مما يجري حولها.

 

الاتحاد

تعليقات

اكتب تعليقك